الصفحة الرئيسية >> الأعمال والتجارة

شنغهاي.. قصة مدينة تحولت من قرية صيادين الى عاصمة اقتصادية

شنغهاي.. قصة مدينة تحولت من قرية صيادين الى عاصمة اقتصادية

سعيد زناتي، المركز الدولي للصحافة ـ الجزائر

شنغهاي ليست مجرد مدينة، إنها قصة، قصة تحولات دراماتيكية بدأت من قرية للصيادين صغيرة وإنتهت بكونها واحدة من أهم المراكز المالية والتجارية في العالم، قصة تزاوج بين التراث الثقافي الغني والحداثة المذهلة، قصة نجاح إستثنائي تحكي عن قوة الإرادة البشرية وقدرة المدن على التطور والتجدد.

بمجرد أن يَذكر ربان الطائرة بداية الوصول إلى مطار “بودونغ”، حتى تتراءى لك ناطحات السحاب شامخة في سماء هذه المدينة الصينية، التي كانت إلى حدود 25 سنة خلت، لا تتوفر على ناطحة سحاب واحدة، أو وسيلة من وسائل النقل الحديث.

هذه المدينة صارت حاليا قبلة للزوار من كافة أنحاء العالم، إنها شنغهاي، حيث إن كل يوم يمر تسير معه المدينة بسرعة، وكل ذلك يغير سنويا من خريطتها بناطحات سحاب جديدة، وبنايات جديدة، ومشاريع عملاقة جديدة، حيث يصعب جدا أن تختزل المدينة في بضعة أسطر، ويصعب أكثر أن تحيط بها من خلال زيارة واحدة.

كانت شانغهاي قرية صيادين صغيرة، ولكن سرعان ما تحولت إلى مركز تجاري مزدهر بفضل موقعها الاستراتيجي على نهر اليانغتسي، جعل منها ميناءا تجارياً مهماّ، وإحدى أكبر أقطاب الصناعة في البلاد، وهي أيضا أهم مركز اقتصادي ومالي تجاري وثقافي وعلمي وتكنولوجي في آسيا الشرقية، وتمتلك أول منطقة للتجارة الحرة في البر الرئيسي الصيني، كما تعتبر أيضا مركزا للتطور والتنمية في الصين، وقلب الصين النابض. كما أن ميناءها المفتوح للتجارة الخارجية، أدى إلى تدفق التجار والمستثمرين الأجانب، وجعل منها "باريس الشرق".

شنغهاي.. قبلة التجارة العالمية

تشتهر شانغهاي الصينية بانها المدينة الاكبر اقتصادا وهي المدينة الثانية الأكبر في الصين من الناحية السياسية والأهمية الاستراتيجية بعد العاصمة بكين لما لها من خصائص مدنية تختلف اختلافاً كبيراً عن بكين فبكين تنحو منحى الأساس التاريخي والجذور الأصيلة لدولة الصين من حيث البنى التحتية والتخطيط واشتمالها على الحصون القديمة والذي يتمثل (بسور الصين الكبير) ومبانيها الأقدم والمتمثلة (بالمدينة المحرمة) والساحات الأكبر كساحة (تيان أن مين) وغيرها من الأماكن التي تكسب منها بكين الجزء التاريخي والجذور الأصيلة للصين. وأما شنغهاي فليست كذلك فهي مغايرة جداً والتغير هنا يأتي في عدد السكان الكبير نظراً للموقع التجاري التي تتبوأ به منذ عشرات السنين وكونها الميناء الأكبر في الصين مما جعلها قبلة التجارة ومقصد الناس.

معرض الصين الدولي للإستيراد .. قبلة التجارة العالمية

يشكل معرض الصين الدولي للاستيراد (CIIE) حدثًا اقتصاديًا عالميًا بارزًا، يجذب إليه كبرى الشركات والمؤسسات من مختلف أنحاء العالم. هذا الحدث الضخم، الذي يعقد سنويًا في شانغهاي، يمثل منصة فريدة لعرض أحدث المنتجات والخدمات، وتعزيز التعاون التجاري بين الصين والدول الأخرى. كما يُعتبر منصة رئيسية للمنتجات والخدمات من مختلف القطاعات، بما في ذلك الزراعة، والسيارات، والتكنولوجيا. ويشارك فيه ممثلون من دول متعددة، مما يعكس التزام الصين بالانفتاح الاقتصادي وتعزيز العلاقات التجارية الدولية. ويوفر المعرض فرصًا للمستثمرين والمصدرين لتبادل الأفكار والابتكارات، ويعزز من مكانة الصين كمركز تجاري عالمي.

كما يعتبر معرض الصين الدولي للاستيراد (CIIE) منصة لتعزيز التجارة الدولية، حيث يجذب الشركات العالمية ويعزز التعاون بين الدول النامية والمتقدمة. كما تسعى الصين لتعزيز التجارة الرقمية وتقديم فرص جديدة للدول الأقل نمواً. ويعكس التزام الصين بالانفتاح والتعاون التجاري العالمي. في دورته السابعة، شهد المعرض مشاركة 3496 عارضاً من 129 دولة، مع صفقات بلغت قيمتها 78.4 مليار دولار في العام الماضي، مما يعكس زيادة بنسبة 6.7%.

ويؤثر معرض الصين الدولي للاستيراد د (CIIE) بشكل كبير على عدة قطاعات اقتصادية عالمية، منها: تعزيز التعاون في الابتكارات والتقنيات المتقدمة، والتشجيع على تبادل التكنولوجيا والمكونات بين الشركات العالمية، ويوفر منصة لتسويق الأجهزة الطبية الحديثة، ويُعزز التجارة الزراعية، خاصة من الدول النامية، مما يفتح أسواق جديدة للمنتجات الغذائية، مما يساهم في تعزيز التجارة الدولية وتوفير فرص استثمارية جديدة. كما يؤثر بشكل كبير على سوق التكنولوجيا العالية من خلال توفير منصة لتبادل الأفكار والتقنيات الجديدة، مما يعزز الابتكار بين الشركات العالمية، من خلال عرض الشركات لمنتجاتها الجديدة، وهذا ما يسهل التعرف على الابتكارات والتقنيات المتقدمة. وجمع العارضين والمستثمرين، مما يسهل إقامة شراكات استراتيجية في مجال التكنولوجيا، كما يشجع على شراكات استراتيجية بين الشركات الصينية والعالمية، مما يفتح آفاق جديدة للتعاون في البحث والتطوير. كما تستخدم العديد من الشركات المعرض لإطلاق منتجاتها لأول مرة، مثل تيسلا التي عرضت تقنياتها الجديدة. ويسهم في فتح أسواق جديدة للتكنولوجيا العالية، خاصة من خلال جذب الشركات الناشئة والمتوسطة. ويمكن الشركات من دخول سوق كبيرة ومتنامية، حيث تزداد الطلبات على التكنولوجيا الحديثة.

كما يسهل معرض الصين الدولي للاستيراد (CIIE) تبادل الأفكار الجديدة والإبداعية عبر عدة طرق، منها، جمع المعرض الشركات من مختلف الدول، مما يتيح لها فرصة تبادل الخبرات والأفكار الابتكارية في بيئة تعاونية. واستخدام العديد من الشركات المعرض لإطلاق تقنيات جديدة، مما يعزز التفاعل بين العارضين والزوار ويحفز النقاشات حول الابتكارات. وتنظيم المعرض لفعاليات تعليمية تركز على أحدث الاتجاهات والتقنيات، مما يساهم في تعزيز المعرفة وتبادل الأفكار بين المشاركين، وهذا يخلق بيئة ديناميكية تعزز الابتكار والتعاون الدولي.

شهدت النسخ الست السابقة من معرض الصين الدولي للاستيراد (CIIE) الظهور الأول لنحو 2500 من المنتجات والتكنولوجيات والخدمات الجديدة، حيث تجاوز حجم المبيعات الإجمالي المستهدف 420 مليار دولار أمريكي. كما تجاوزت قيمة الصفقات المبرمة في النسخ الأربع السابقة 270 مليار دولار، مع تحقيق 78.4 مليار دولار في العام الماضي فقط، بزيادة 6.7% عن العام السابق. وساهم في تعزيز الابتكار من خلال توفير منصة لتبادل الأفكار والتقنيات الحديثة بين الشركات العالمية. كما شهد المعرض مشاركة ممثلين من 145 دولة، بما في ذلك أكثر من 280 شركة من قائمة "فورتشن 500". وأتاح للعديد من الشركات، خاصة من الدول النامية، فرصة الوصول إلى السوق الصينية وزيادة صادراتها. وساهم المعرض في تعزيز صادرات الدول الأقل نموا، مثل البنين التي حققت صفقات كبيرة لمنتجاتها الزراعية. وتعتبر هذه القيم مؤشرات على تأثير المعرض في تعزيز التجارة العالمية والتنمية الاقتصادية.

صور ساخنة