بكين 17 نوفمبر 2024 (شينخوا) في الوقت الذي يجتمع فيه قادة العالم في ريو دي جانيرو بالبرازيل لحضور القمة الـ19 لمجموعة العشرين، تدعو اللحظة الراهنة إلى اتخاذ خطوات حاسمة نحو خلق مجتمع عالمي أكثر عدلا واستدامة وشمولا.
تقدم هذه القمة، التي تُعقد بعنوان ((بناء عالم عادل وكوكب مستدام)) فرصة حاسمة لإعادة ضبط الحوكمة الاقتصادية العالمية ورسم مسار نحو تنمية مستدامة وشاملة.
إن تأثير مجموعة العشرين لا مثيل له. فمجموعة العشرين، التي تمثل حوالي 85 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وأكثر من 75 في المائة من التجارة الدولية وثلثي سكان العالم، تتمتع بالثقل الاقتصادي والتنوع اللازمين لدفع التغييرات التي يحتاجها العالم بشكل ملح.
تمثل هذه القمة أول تجمع لقادة مجموعة العشرين منذ انضمام الاتحاد الأفريقي إليها كعضو كامل العضوية، وهو معلم تاريخي يعزز من صوت الجنوب العالمي.
بيد أن الانضمام وحده لا يكفي، إذ يجب على مجموعة العشرين أن تضمن ألا يكون صوت الاتحاد الأفريقي وبلدان الجنوب العالمي الأوسع مسموعا فحسب، بل أن يُترجم أيضا إلى تأثير ملموس.
وتتحمل مجموعة العشرين، باعتبارها منتدى يمثل أكبر الاقتصادات في العالم، مسؤولية الدفاع عن المصالح الحقيقية للجنوب العالمي من خلال اتخاذ خطوات ملموسة، بما في ذلك إعطاء الأولوية لتمويل البنى التحتية بما يتناسب مع تلبية احتياجات بلدان الجنوب العالمية وتوسيع نطاق الوصول إلى التكنولوجيات الخضراء.
ومن المؤسف أن بعض الساسة الغربيين، في ظل عالم يزداد انقساما، لجأوا إلى القيام بحملة تشهير ضد التعاون التنموي بين الصين وأفريقيا. إنهم لا يهتمون بالفوائد، الناتجة عن التغير التحولي، التي تجلبها هذه المشاريع للاقتصادات المحلية، ويوجهون انتقادات لا أساس لها لا تكشف عن تحيزهم فحسب، بل أيضا عن تجاهل أساسي للأولويات التنموية للجنوب العالمي.
إن هذه الرؤية الضيقة تسلط الضوء على ضرورة ابتعاد مجموعة العشرين عن مثل هذه اللغة الخطابية المثيرة للانقسام، وضرورة قيامها بدعم نظام عالمي أكثر شمولا وإنصافا.
ويتعين على مجموعة العشرين أيضا أن تتخذ موقفا قويا ضد تنامي النزعة الحمائية، التي تهدد بتقويض التقدم الذي تحقق بشق الأنفس فيما يتصل بالرخاء العالمي.
وإن إجراءات حمائية مثل التعريفات الجمركية، والحواجز التجارية، وغير ذلك من الممارسات غير العادلة كثيرا ما يُروج لها على أنها علاج للتحديات المحلية، ولكن تكلفتها الحقيقية يتحملها الاقتصاد العالمي، وخاصة الدول النامية التي تعتمد على الأسواق المفتوحة لدعم النمو والتنمية.
وتؤدي السياسات الحمائية، البعيدة كل البعد عن تقديم حلول، إلى تفاقم أوجه عدم المساواة، وخنق التقدم، وعرقلة الجهود العالمية المبذولة لمعالجة الأزمات العالمية المشتركة.
وفي وقت حاسم يواجه فيه العالم خيارا بين الانقسام والتعاون، يمكن لمجموعة العشرين أن تقدم قدوة يحتذى بها، لتثبت أن التعاون العالمي ليس لعبة صفرية، بل جهد مشترك لبناء مستقبل أكثر إنصافا وازدهارا للجميع.