نيويورك 11 نوفمبر 2024 (شينخوا) مع عودة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، يدعو الخبراء إلى نهج أمريكي متوازن في التعامل مع العلاقات الصينية-الأمريكية، فضلا عن انخراط بناء رغم التحديات المتوقعة.
فقد قال دينيس سايمون، المتخصص منذ فترة طويلة في العلاقات الأمريكية-الصينية والنائب السابق للرئيس التنفيذي لجامعة ديوك كونشان، خلال مقابلة أجرتها معه وكالة أنباء ((شينخوا)) إن السياسة الخارجية الأمريكية من المرجح أن تصبح "أكثر تطرفا، وربما أكثر حدة".
وتابع قائلا "أرى الولايات المتحدة تبتعد عن بعض التزاماتها التقليدية ومبادئها الأساسية حيث صارت أكثر انغلاقا على نفسها، وأكثر حمائية، وأكثر ميلا لتبني القومية التكنولوجية".
وأضاف أن "الآثار المترتبة على ذلك بالنسبة للعلاقات الأمريكية-الصينية كبيرة".
وأعرب سايمون عن قلقه إزاء تصور إدارة ترامب المقبلة لصعود الصين، وخاصة في قطاع التكنولوجيا، مشيرا إلى أنها "بحاجة إلى بناء جسور وليس العمل بعقلية المحصلة الصفرية".
وقال إنه "يمكن للولايات المتحدة أن توفر على نفسها التكاليف الباهظة التي قد تترتب على مواجهة الصين في المسائل الأساسية وذلك من خلال اعتماد مسار متبادل المنفعة"، لافتا إلى أن "الاحترام المتبادل، وزيادة مراعاة النواحي الثقافية، وتعزيز المعاملة بالمثل يمكن أن تؤدي إلى نتائج مربحة للجانبين".
كما أعربت إليزابيث إيكونومي، الزميلة البارزة في معهد هوفر بجامعة ستانفورد، عن مخاوف مماثلة في مجلة ((فورين أفيرز))، حيث أشارت إلى أنه يتعين على الولايات المتحدة إعطاء الأولوية للتعاون العملي فيما يتعلق بالقضايا العالمية مثل تغير المناخ والوقاية من الأوبئة.
وكتبت تقول إن "صناع القرار في الولايات المتحدة بحاجة إلى أن يدركوا أن تحقيق الاستقرار في العلاقات مع الصين على المدى القريب ليس تنازلا عن المصالح الأمريكية، بل خطوة نحو تحقيقها".
ورأت إيكونومي أن الحد من الخطاب التحريضي ودفع تحقيق علاقات دبلوماسية فاعلة يُشكلان عنصرين أساسيين في الحفاظ على العلاقات الثنائية الأكثر أهمية في العالم.
أما سوراب غوبتا، كبير المتخصصين في السياسات المتصلة بالعلاقات الدولية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ من معهد الدراسات الصينية-الأمريكية، فقد لاحظ إمكانات في بعض سياسات ترامب الأكثر حمائية.
وسلط الضوء على أن تشجيع الاستثمار المباشر الأجنبي الصيني في الداخل يمكن أن ينعش قطاع الصناعات التحويلية الأمريكي، ولا سيما في المناطق التي تحتاج إلى نمو في الوظائف.
وذكر غوبتا أن "هذا النهج يمكن أن يوفر وضعا مربحا للجانبين"، موضحا الكيفية التي يمكن أن تخلق بها سياسات ترامب وظائف في قطاع الصناعات التحويلية في الولايات المتحدة بينما توفر للمستثمرين الصينيين إمكانية الوصول إلى السوق الأمريكية.
ومن جانبه أشار روبرت كون، رئيس مؤسسة كون، إلى أن قلة التركيز النسبي على الصين خلال الحملة الانتخابية لعام 2024 قد يمنح الإدارة القادمة مساحة أكبر لتشكيل السياسات مع تطور التحديات.
وقال في تصريح لـ((شينخوا)) إن "عدم الاهتمام النسبي هو أمر جيد"، ملمحا إلى أنه يسمح لإدارة ترامب الجديدة بمرونة أكبر في تطوير سياسات براغماتية تجاه الصين.
وطرح كون إستراتيجية من ثلاثة محاور لتحقيق الاستقرار في العلاقات وهي: احترام "الخطوط الحمراء" المتبادلة لتجنب أي استفزاز لا داع له؛ وتحديد المصالح المشتركة للتعاون بشأن القضايا العالمية، مثل مكافحة المخدرات غير المشروعة والجريمة المنظمة والأوبئة ومخاطر الذكاء الاصطناعي وتغير المناخ؛ ومنح الجهود الدبلوماسية الوقت اللازم لتهدئة التوترات.
وأضاف أن "الشعبين الصيني والأمريكي سيدعمان ذلك. والسلام والرخاء في العالم سيعتمدان على ذلك أيضا".
وفي تعليق نُشر في شهر يوليو تحت عنوان ((التشكيك في فرضية حدوث 'توافق' أمريكي حول السياسة تجاه الصين)) على الموقع الإلكتروني لمعهد بروكينغز، شدد الخبراء على أن كيفية تطور العلاقات بين الولايات المتحدة والصين ستلعب دورا حاسما في تشكيل مستقبل الاستقرار العالمي في القرن الحادي والعشرين.
وكتبوا يقولون إنه "في ضوء هذه الرهانات، تحتاج الولايات المتحدة إلى إجراء نقاش موسع وشامل قدر الإمكان حول الطريق الذي ستمضي فيه قدما، وليس نقاشا يظل محصورا في حدود توافق مفترض".
وأضافوا أن "الرهانات عالية للغاية بحيث لا يمكن الاكتفاء بإجراء نقاش محدود؛ وأن الولايات المتحدة بحاجة إلى إجراء نقاش واسع وشامل قدر الإمكان حول الطريق الذي ستمضي فيه قدما".