بورتسودان 10 نوفمبر 2024 (شينخوا) بعد أن أضحت مدينة بورتسودان عاصمة ولاية البحر الأحمر العاصمة المؤقتة للسودان، تعاني المدينة من مشكلات عدة وأبرزها مياه الشرب وتهالك الطرق الداخلية وعدم قدرة وسائل النقل على استيعاب الكثافة السكانية الحالية.
ومع انتقال المؤسسات الحكومية والبعثات الدبلوماسية إليها، أصبحت بورتسودان مركزا سياسيا واقتصاديا وتجاريا، بجانب أنها أكبر مدن السودان استضافة لآلاف النازحين من مدن سودانية أخري وأبرزها الخرطوم، وود مدني وسنار.
وقالت وزيرة الرعاية الاجتماعية بولاية البحر الأحمر الهام ادريس قسم الله " بسبب الحرب لدينا نحو 105 الآف نازح يقيمون في دور الإيواء ببورتسودان".
وأضافت في تصريح لوكالة أنباء ((شينخوا)) اليوم " لدينا نحو 44 ألفا و448 أسرة تمت استضافتهم مع الأسر المقيمة بالمدينة، إضافة لآلاف الوافدين الذين استأجروا منازل بالمدينة".
وتابعت " بالتأكيد هذه الأعداد الكبيرة أحدثت كثافة سكانية عالية، مما يؤثر علي الخدمات المقدمة بالمدينة، ولاسيما فيما يتصل بتوفير مياه الشرب، والمواصلات وحتي خدمات الصحة والتعليم".
وأشارت إلى الجهود التي تبذلها حكومة ولاية البحر في سبيل معالجة المشكلات القائمة، والاستعدادات لموسم الأمطار بالبحر الأحمر والذي يبدأ عادة في شهر نوفمبر ويستمر حتي يناير من كل عام.
وقالت "هناك جهود حكومية تبذل في مجالات عدة ومنها إصلاح شبكة الطرق الداخلية، وتنظيم الأسواق لاستيعاب الحركة التجارية المتزايدة، ومع دخول موسم الأمطار نبذل جهودا أيضا لمكافحة الأوبئة الموسمية ولاسيما الكوليرا وحمي الضنك".
-- مشكلة المياه، الأزمة التاريخية بالمدينة
تمثل مشكلة عدم توفر مياه الشرب إحدي الأزمات المستمرة في مدينة بورتسودان منذ زمن بعيد.
ولا تتوفر للمدينة مصادر ثابتة للمياه العذبة، إذ تعتمد على تخزين مياه الأمطار الموسمية في سد (أربعات)، الذي تم انشاؤه في العام 2003.
وقال محمد اسود، وهو أحد أعيان مدينة بورتسودان إن مشكلة مياه الشرب تظل الهاجس الأكبر بمدينة بورتسودان.
وأضاف لـ((شينخوا)) "بعد الانهيار الذي حدث لسد أربعات في أغسطس الماضي، فقد تضاعفت معاناة مياه الشرب، مما يستوجب إيجاد بدائل عاجلة".
وأشار اسود إلى أن غالبية سكان المدينة يعتمدون على محطات لتحلية المياه، ولكنه أوضح أنها ليست كافية، كما أنها مكلفة من الناحية الاقتصادية.
وتعرض سد أربعات للانهيار في أغسطس الماضي نتيجة الأمطار الغزيرة التي تسببت في انهيار السد الذي كان يغطي حاجة نحو 750 ألفا من سكان مدينة بورتسودان.
ولم يتسن الحصول علي تعليق من هيئة مياه ولاية البحر الأحمر.
-- الاعتماد على منتجات مستوردة
تنتشر بمدينة بورتسودان أسواق عدة، ولكن غالبية المنتجات التي تعرضها الأسواق والمجمعات التجارية تأتي من خارج البلاد، بسبب عدم توفر المصانع، وتوقف غالبية المصانع التي كانت تعمل بالعاصمة الخرطوم بسبب القتال.
وكشفت جولة لوكالة أنباء ((شينخوا)) في السوق الرئيسي بوسط مدينة بورتسودان عن ارتفاع في الأسعار، وهو أمر أرجعه تجار إلى ارتفاع تكاليف النقل وقيمة الدولار الجمركي للبضائع التي ترد عبر البحر الأحمر من السعودية وتركيا أو عبر النقل البري من مصر.
وقال التاجر محمد الفاتح عز الدين " هناك ارتفاع كبير في الأسعار، والسبب الرئيسي ارتفاع سعر العملات الأجنبية مقابل الدولار، إلى جانب ارتفاع أسعار إيجار المحلات التجارية".
وأضاف عز الدين لـ((شينخوا)) " بسبب إفرازات الحرب فإن القدرة الشرائية تتراجع، ومع ارتفاع الدولار الجمركي فإن أسعار المنتجات، وغالبيتها تأتي من الخارج، في ارتفاع كبير".
ومن جانبه دعا المواطن أحمد نور، وهو أحد الوافدين إلى مدينة بورتسودان السلطات الحكومية إلى التدخل لكبح جماح ارتفاع الأسعار، ولا سيما أسعار إيجارات المحلات التجارية والمنازل.
وقال لـ((شينخوا)) اليوم " هناك ارتفاع كبير في أسعار الإيجارات بمدينة بورتسودان، ولابد من معالجة ذلك ومراعاة أن غالبية الوافدين إلى المدينة نازحون".
وأقر وزير الصناعة المكلف بولاية البحر الأحمر أحمد محمد طاهر بحاجة الولاية إلى إقامة مشروعات صناعية لسد الفجوة الناتجة عن توقف النشاط الصناعي بالبلاد والذي كان يتركز بصورة أساسية بالخرطوم.
وقال لـ(( شينخوا)) " الولاية تسعي لاستقطاب صناعيين جدد وسد الفجوة الناتجة الأن بسبب غياب عدد كبير من المصانع والصناعات التي كانت بالخرطوم، ونعمل علي تأسيس شراكات مع دول وشركات".
وأضاف " لابد من توفير المنتجات محليا من خلال إقامة مصانع في القطاعات الحيوية، وذلك من أجل تقليل تكاليف الاستيراد وإيجاد منتجات في متناول الجميع".
-- شبكة قديمة للمواصلات داخل المدينة وطرق متهالكة
تعتمد مدينة بورتسودان على شبكة قديمة للمواصلات ولاسيما داخل المدينة، وتتكون في الغالب من أتوبيسات صغيرة تسمي محليا (حافلة).
ومع الكثافة السكانية بالمدينة، فإن شبكة المواصلات الداخلية لا تستوعب الزيادة الكبيرة في أعداد السكان.
وأشتكي سائقو مركبات في محطة المواصلات الرئيسية بوسط بورتسودان من ارتفاع أسعار الوقود وتهالك الطرق الداخلية وغلاء أسعار قطع الغيار، مما اضطرهم إلى زيادة تعرفة النقل داخل المدينة.
وقال السائق معتز إبراهيم " هناك زيادات كبيرة في أسعار الوقود وكذلك قطع الغيار، وليس أمامنا غير زيادة تعرفة النقل للركاب".
وأضاف إبراهيم لـ((شينخوا)) " نحاول بقدر الإمكان أن نستمر في تقديم الخدمة لأعداد كبيرة من المواطنين، ولكننا نواجه صعوبات عدة، نعمل بأسطول قديم ويحتاج إلى الصيانة باستمرار، كما تساهم الطرق المتهالكة في زيادة الأعطال".
وتقع بورتسودان علي بعد نحو 800 كيلومتر عن العاصمة السودانية الخرطوم، وهي ثاني أكبر مدن السودان وبها مطار دولي وميناء يشكل المنفذ الرئيسي لتصدير واستيراد السلع.
ومنذ مايو 2023، أصبحت بورتسودان العاصمة المؤقتة للسودان، ومقرا للحكومة والبعثات الدبلوماسية بالبلاد.
ويخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل 2023 حربا خلفت نحو 13 ألفا و100 قتيل، حسب الأمم المتحدة.
ووفقا لإحصائية حديثة لمنظمة الهجرة الدولية فإن عدد النازحين واللاجئين في السودان بلغ أكثر من 14 مليون شخص.