بقلم سون ده قانغ، مدير معهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة فودان
رأى تقرير لصحيفة "سعودي غازيت" السعودية وعدة وسائل إعلام عربية أخرى، أنه بالتوازي مع توسّع التعاون الصيني العربي، قامت الحكومة السعودية بإدراج اللغة الصينية كلغة أجنبية رسمية ثانية في مناهج التدريس، وقدمت أيضًا سلسلة من الحوافز للتشجيع على تعلم اللغة الصينية.
وخلال السنوات الأخيرة، شهد التعاون بين الصين والدول العربية تطوّرا مستمرا، وأظهر عدة نقاط مضيئة، بينها زيادة الإقبال على تعلم اللغة الصينية.
وتعد السياحة الثقافية والعلوم والتكنولوجيا، مجالات تعاون مهمّة بين الصين والدول العربية، وحققت خلال السنوات الأخيرة نتائج مثمرة. وقد أسهم البناء المشترك عالي الجودة لمبادرة "الحزام والطريق" في تعزيز التعلم المتبادل بين الحضارتين الصينية والعربية، وتمتين الروابط الشعبية بين الصين والدول العربية.
وإلى حد الآن، تعاونت 13 دولة عربية مع الصين لبناء 21 معهد كونفوشيوس وفصلين كونفوشيوس. وقامت الإمارات والسعودية وفلسطين ومصر وتونس وجيبوتي بدمج تعليم اللغة الصينية رسميًا في أنظمتها التعليمية الوطنية.
في الوقت نفسه، يتطور تعليم اللغة العربية بشكل مستمر في الصين. وفي الوقت الحالي، افتتحت أكثر من 50 جامعة وكلية صينية تخصصات اللغة العربية. بالإضافة إلى ذلك، أصبحت التبادلات السياحية بين الصين والدول العربية مريحة بشكل متزايد. ونفذت المغرب والإمارات العربية المتحدة وقطر وعدة دول عربية أخرى سياسات الدخول بدون تأشيرة للمواطنين الصينيين. وفي النصف الأول من هذا العام، أطلقت الصين عددًا من الرحلات المباشرة نحو الرياض والدوحة وأماكن أخرى.
وفيما يتعلق بالعلوم والتكنولوجيا، كان التعاون الصيني العربي رائعا في مجالات البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي والفضاء والاقتصاد الرقمي. وتعتقد وسائل الإعلام في الشرق الأوسط أن إنشاء المركز الصيني العربي لنقل التكنولوجيا ومركز التعاون في مجال الطاقة النظيفة وغيرها من المؤسسات قد شكل شبكة لنقل التكنولوجيا والتعاون تربط الآلاف من مؤسسات البحث العلمي والشركات المبتكرة في الصين والدول العربية. فيما يخلق التبادل الشعبي والثقافي المتعمق والتعاون العلمي والتكنولوجي تيارا مستمرا من الزخم الجديد للتعاون بين الصين والدول العربية.
لماذا أصبح التعاون الصيني العربي أكثر ديناميكية؟ هناك أسباب كثيرة وراء ذلك. ومن المنظور الاقتصادي والتجاري، فإن الصين والدول العربية تتكاملان إلى حد بعيد. حيث ظلت الصين تعد أكبر شريك تجاري للدول العربية لسنوات عديدة على التوالي. فيما تعتبر الدول العربية المصدر الرئيسي لواردات الصين من الطاقة. وقد حافظت الصين والدول العربية على حجم تجارة ثنائية مرتفع بحوالي 400 مليار دولار أمريكي. وفي الوقت الحاضر، وقعت الصين وثائق تعاون بشأن مبادرة الحزام والطريق مع جميع الدول العربية الـ 22، إضافة إلى جامعة الدول العربية. وتم تنفيذ أكثر من 200 مشروع ضخم، عادت بالفائدة على شعوب الجانبين.
ومن منظور الآليات متعددة الأطراف، يوفر منتدى التعاون الصيني العربي، وقمة الصين والدول العربية، وقمة الصين ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، منصات مهمة لبناء مجتمع مصير مشترك يجمع الصين والدول العربية. أما على صعيد الحوكمة العالمية، ومع انضمام مصر وإيران والسعودية والإمارات ودول أخرى إلى مجموعة بريكس، واصلت الصين والدول العربية تعميق تعاونها في مجالات الأمن والتنمية العالميين، إلى جانب القضايا الإقليمية الساخنة مثل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وخلال العام الماضي، تمكنت الصين من تحقيق مصالحة تاريخية بين إيران والسعودية. وفي العام الحالي، أصدرت الصين والدول العربية بيانا مشتركا بشأن القضية الفلسطينية. في هذا الصدد، ذكرت وكالة بلومبيرغ، إن الدول العربية تؤمن بأن الصين صديق وشريك جدير بالثقة، وأن التنمية الصينية تعني نمو القوى السلمية والتقدمية.
وبالنظر إلى المستقبل، فإن التعاون الصيني العربي يتمتع بآفاق واسعة. ويصادف هذا العام الذكرى العشرين لتأسيس منتدى التعاون الصيني العربي، وباعتبارهما جزءا من "الجنوب العالمي"، ستواصل الصين والدول العربية العمل على تحقيق التعاون العملي، وتعزيز التواصل الاستراتيجي، وتعميق التبادلات الشعبية، وتعزيز بناء مجتمع المصير المشترك بين الصين والدول العربية.