الصفحة الرئيسية >> التبادلات الدولية

مقالة : تعلم اللغة الصينية ... جسر للتواصل الثقافي بين المعلمين والدارسين في الصين والسعودية

/مصدر: شينخوا/   2024:11:07.13:34

بكين 7 نوفمبر 2024 (شينخوا) هناك قول صيني قديم "رؤية الشيء لمرة واحدة أفضل من السماع عنه لمائة مرة". مع بدء تلقي الدفعة الأولى من المعلمين السعوديين لتعليم اللغة الصينية دورتهم التدريبية في جامعة اللغات والثقافة ببكين منذ سبتمبر الماضي، يتعمق التفاهم المتبادل بين المعلمين والمتعلمين من الجانبين الصيني والسعودي طوال فترة الدراسة وجها لوجه، مما يبني جسرا حقيقيا عبر اللغة الصينية لتعزيز التواصل الثقافي والحضاري بين الشعبين الصيني والسعودي.

وتعد هذه الدورة المخططة لمدة عام واحد، جزءا من برنامج تدريب لمعلمي اللغة الصينية المحليين في السعودية في إطار التعاون بين وزارتي التعليم الصينية والسعودية. وقد قامت جامعة اللغات والثقافة ببكين بتقديم تدريب افتراضي لأكثر من 200 معلم سعودي لمدة أربعة أشهر تقريبا، لتمكينهم من فهم اللغة الصينية وأساليب تعلمها ومساعدتهم على الاستعداد للدراسة والعيش في الصين، وتم اختيار 100 معلم منهم كدفعة أولى لاستكمال الدراسة في الصين بعد اختتام الدورة الافتراضية.

وأتاحت الدورة للمعلمين من السعودية فرص القدوم إلى الصين لتعلم اللغة والثقافة ومعرفة أحدث مظاهر التطور في البلاد، وفي الوقت ذاته ساعدت المزيد من المعلمين والطلاب في الصين على التعرف على ملامح الشعب السعودي وأهم جوانب التطور الاجتماعي في السعودية.

وقال سعد عقيل الزهراني، معلم اللغة الإنجليزية في مدرسة الدمام الثانوية بالسعودية: "سمعت في الماضي أن الشعب الصيني شعب منغلق وليس منفتحا على ثقافة الآخر، وكان هذا الاعتقاد الخاطئ راسخا في ذهني، لكن منذ أول يوم لقدومي هنا اكتشفت العكس تماما. الشعب الصيني ودود ومضياف للغاية".

واستذكر سعد أول يوم قدم فيه إلى الصين قائلا إنه قابل أصدقاء صينيين قاموا بدعوته وزملائه إلى تناول الطعام معا، وهو لقاء غيّر اعتقادات كثيرة خاطئة كانت في ذهنه.

في هذا الصدد، أعربت تشو ون ون، نائبة عميد معهد اللغة الصينية التطبيقية في جامعة اللغات والثقافة ببكين، والتي تشارك كمعلمة في الدورة أيضا، عن إعجابها الشديد بالاجتهاد والحماسة في تعلم اللغة الصينية من جانب المتدربين السعوديين، مشيرة إلى أن حوالي 90 في المائة من المتدربين السعوديين يتواجدون في قاعة الدراسة قبل موعد المحاضرة بحوالي 10 دقائق على الأقل يوميا، بينما ينشط الكثير منهم في طرح الأسئلة والإجابة عليها أثناء الدرس.

كما منحت الدورة التدريبية فرصة للمعلمة الصينية لتعزيز معرفتها عن السعودية وتصحيح الانطباع الذي كان راسخا لديها بأن السعودية بلد صحراوي يتسم بمناخ قاس وحار للغاية، إذ بعد التحدث إلى المتدربين السعوديين، علمت تشو أن "السعودية تتميز بظروف جوية متنوعة، مع تساقط للأمطار وحتى الثلوج في بعض الأجزاء في البلاد".

وذكرت تشو أن المعهد يخصص أيضا محاضرات حول الحضارة الصينية والتبادل بين الحضارات، ويدعو أساتذة صينيين متخصصين في اللغة العربية للتعريف بالثقافة الصينية حتي يتعمق فهم المتدربين السعوديين ومعرفتهم حول الحضارة الصينية.

كما اكتشف المتدربون السعوديون بعض النقاط المشتركة بين الثقافة الصينية والثقافة العربية، حيث قالت نجود علي معشي، معلمة اللغة الإنجليزية في مدرسة السادلية الثانوية بالسعودية، إن "أكثر ما لفت انتباهي هو الترابط الأسري القوي، فالعائلة الصينية متماسكة للغاية. الأم والأب والجدان جميعهم يعتنون بالأبناء، دائما ما أراهم وأرى كيف يتعامل الآباء مع الأبناء والأبناء مع الآباء. وهذا متشابه جدا مع الثقافة والتقاليد والتعاليم الإسلامية وبر الوالدين في الدول العربية".

ولدى حديثه عن الثقافة الصينية، أوضح سعد أن الثقافة الصينية ثقافة أصيلة وعريقة ضاربة في أطناب التاريخ ومن الصعب وصفها في كلمات قليلة، مضيفا أن هناك العديد من أوجه التشابه بين الثقافة الصينية والثقافة العربية مثل الترابط الأسري وغيره.

ورأى عبد الله أحمد البشير، معلم القانون في مدرسة السديد بالسعودية، أن الثقافة الصينية ثقافة رائعة وعميقة ومتجذرة في التاريخ. وأشار عبد الله إلى الفعاليات الثنائية المكثفة التي أقيمت بين البلدين خلال الأعوام الأخيرة، مؤكدا أن جميع الفعاليات كانت بمثابة جسر ساعد على الاطلاع المتبادل بين الثقافتين العربية والصينية.

وأعرب عبد الله عن تطلعه إلى تكثيف هذه التبادلات ليعرف الشعب الصيني أكثر عن الثقافة السعودية، موضحا أنه سيعود إلى السعودية بقدر أكبر من العلم والفهم حول اللغة والحضارة والثقافة الصينية، وسينقل المزيد من المعلومات حول الثقافة والتقاليد الصينية أيضا وليس فقط اللغة.

وحول المناهج التعليمية للدورة، قال قوان يان تسنغ، مدير قسم التعليم المهني في معهد اللغة الصينية التطبيقية بالجامعة والذي يشارك في إدارة الدورة والتدريس فيها، إن المناهج التعليمية للدورة التدريبية مصممة بشكل غني ومتخصص حسب الاحتياجات والعادات الدراسية للمتدربين السعوديين، كما اختار المعهد أفضل المعلمين لتعليم اللغة الصينية للمشاركة في الدورة، من أجل مساعدة المتدربين على إتقان اللغة الصينية ومعرفة الثقافة الصينية بشكل أفضل وأسرع.

وقال سعد إننا في أفضل جامعة في العالم لتعليم اللغة الصينية، والمعلمون هنا متواضعون وعلى قدر عال للغاية من المهنية. الأهم أن نترك انطباعا جيدا عنا وعن بلدنا، وأن نساهم في تعزيز العلاقة بين البلدين، وأن نعود إلى بلدنا بعد انتهاء فترة دراستنا لتعلم اللغة الصينية لنقل ما تعلمناه إلى الطلاب السعوديين وإعداد أجيال من متحدثي اللغة الصينية.

هذا وفي السنوات الأخيرة، ومع تعمق التعاون العملي والإجراءات الملموسة الرامية إلى تعزيز التبادل التعليمي والثقافي بين الصين والدول العربية، أعلنت ست دول عربية، من بينها السعودية، عن إدراج اللغة الصينية في أنظمتها التعليمية الوطنية. وفي أغسطس من هذا العام، أكمل 175 معلما صينيا للغة الصينية دورة تدريبية وتوجهوا إلى السعودية لبدء عملهم هناك، ما يعتبر خطوة عملية لتعزيز التبادل التعليمي والثقافي بين الجانبين.

صور ساخنة