غزة 8 أكتوبر 2024 (شينخوا) على أنقاض منزله في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، ينبش الفلسطيني سرحان برهوم على الأحجار القابلة لإعادة الاستخدام مرة أخرى من أجل بيعها مقابل مبلغ زهيد لعله يجني القليل من المال لتأمين أقل القليل من الطعام لأطفاله السبعة.
ويقول برهوم (55 عاما) لوكالة أنباء ((شينخوا)) "قبل عام فقط من اليوم، كنت أعيش هانئا في منزلي المكون من ثلاثة طوابق مع عائلتي الممتدة وأحفادي ... لكن اليوم أصبحنا جميعا دون مأوى ودون أي مقومات أساسية للحياة".
وتعرض منزل برهوم الواقع في المناطق الشرقية لمدينة خان يونس لتدمير كلي في 10 أكتوبر 2023 بعدما استهدفته الطائرات الحربية الإسرائيلية ليعيش رحلة طويلة من النزوح و الفقر والعوز وقلة الأمان.
ويضيف برهوم "لقد طالت الحرب ويبدو بأنها ستمتد لفترات أخرى وهذا يقلقني لأن غزة حاليا أصبحت غير قابلة للحياة فما بالك بعد سنة أو سنتين [..] لا اعتقد بأنني أمتلك مزيدا من العمر لإعادة بناء منزلي مرة أخرى".
وإلى أن يأتي وقت انتهاء الحرب، يشرح برهوم "يجب أن أؤمن الطعام ومستلزمات الحياة لعائلتي، ولكنني فقدت عملي الأصلي في مصنع لصناعة البسكويت لذلك، أنا أقوم بجمع الحصى التي يمكن إعادة استعمالها وتدويرها وبيعها للمهتمين بذلك".
ويضيف برهوم " كل حجر أبيعه ينتزع من داخلي ذكرى عشتها داخل هذا البيت ومع ذلك لا مكان للذكريات عندما يجوع أطفالك".
وبحسب برهوم يبيع كل حجر مقابل سبعة شواقل إسرائيلية (نحو 2 دولار أمريكي)، موضحا أنه يتم بيع الحجارة لبناء قبور القتلى.
ويتابع برهوم بينما اغرورقت عيناه "الأمل بانتهاء الحرب الدموية على قطاع غزة يتضاءل يوما بعد يوم"، مستذكرا كيف كان يعيش حياة "هادئة وجميلة" قبل السابع من أكتوبر 2023.
وأحيا الفلسطينيون الذكرى السنوية الأولى للحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة في وضع إنساني مأساوي في ظل تدمير غالبية محافظات القطاع وتشريد أكثر من 1.9 مليون فلسطيني دون التمتع بأي من حقوقهم الإنسانية، وفق شكاوى السكان المحليين في الجيب الساحلي.
وشن الجيش الإسرائيلي حربا واسعة النطاق في قطاع غزة بعد أن نفذت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في السابع من أكتوبر 2023، هجوما غير مسبوق على بلدات ومواقع إسرائيلية، أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز نحو 250 آخرين كرهائن.
ومنذ ذلك الحين، قتل الجيش الإسرائيلي أكثر من 41 ألف فلسطيني بينما تجاوز عدد المصابين 97 ألفا في قطاع غزة، عدد كبير منهم من الأطفال والنساء، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية في غزة.
وأدت الحرب الإسرائيلية إلى دمار غير مسبوق في قطاع غزة طال المنازل والبنى التحتية والمستشفيات، والمدارس، ودور العبادة، وغيرها.
وفي مارس 2024 قالت الأمم المتحدة في إحصائيات رسمية إن أكثر من 70 بالمائة من كل المنازل في غزة تضررت بشكل كامل أو جزئي منذ بدء الحرب.
وذكرت وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) في بيان أن غزة "أصبحت مكانا غير صالح للبشر. منذ بدء الحرب، تعيش العائلات وسط الدمار والنزوح والجوع والأمراض والخوف".
وتقول الفلسطينية شيماء عواد التي رفضت ترك منزلها في مدينة غزة والنزوح إلى جنوب قطاع غزة إن المدينة التي ولدت فيها وعاشت فيها كل حياتها أصبحت "غير قابلة للحياة".
وتضيف الشابة العشرينية في حديث عبر الهاتف مع وكالة أنباء ((شينخوا)) "في السابق كانت غزة تنبض بالحياة في بيوتها وشوارعها وكل معالمها، أما اليوم فقد أصبحت مدينة مليئة بالقبور في كل مكان".
وتقول شيماء إن منزلها تدمر بفعل الغارات الجوية الإسرائيلية، وحلمها بأن تصبح طبيبة أصبح مستحيلا بعد تدمير جامعتها، وأنها تتمنى أن يكون كل ما حصل خلال العام "كابوس"، معربة أنها "ستتمسك بالأمل في إعادة بناء غزة من جديد".
وتضيف بعيون دامعة "مضى عام على الحرب ونحن ما زلنا نحلم بأن يعم السلام وأن يحترم العالم إنسانيتنا وكرامتنا وحقوقنا كشعب فلسطيني مثله مثل باقي شعوب العالم".
وقال المكتب الإعلامي الحكومي التابع لحماس في غزة في بيان إن الجيش الإسرائيلي دمر 150000 وحدة سكنية تدميراً كلياً، وأكثر من 80000 وحدة سكنية تدميراً بليغاً غير صالحة للسكن، كما دمر 125 جامعة ومدرسة تدميرا كليا وأكثر من 337 جامعة ومدرسة تدميرا جزئيا، فيما حرمت الحرب أكثر من 780000 طالب وطالبة من التعليم للعام الثاني على التوالي.
ودمرت إسرائيل 814 مسجداً تدميراً كلياً وعشرات المساجد تدميرا جزئياً، كما دمرت 3 كنائس بشكل مباشر، وأكثر من 200 موقع أثري وتراثي، وأكثر من 35 منشأة وملعباً وصالة رياضية في محافظات قطاع غزة، بحسب البيان.
وقدرت الأمم المتحدة في بيان أن التخلص من كمية الركام البالغة 40 مليون طن قد يحتاج 15 عاما وأكثر من 500 مليون دولار أمريكي، فيما قدر تقرير أصدره برنامج التنمية التابع للأمم المتحدة (UNPD) في مايو 2024 أن تستغرق عملية بناء المنازل التي دمرتها الحرب في غزة حتى عام 2040.
وقالت جولييت توما مديرة الإعلام والتواصل في وكالة الغوث في بيان "لم يسبق لنا أن شهدنا حربا مثل هذه الحرب في تاريخ هذه الوكالة التابعة للأمم المتحدة".