بكين 26 سبتمبر 2024 (شينخوا) على مدار العقد الماضي، شهدت الصين ازدهارا في صناعة سيارات الطاقة الجديدة، حيث احتل إنتاج ومبيعات سيارات الطاقة الجديدة المرتبة الأولى في العالم لمدة تسع سنوات متتالية. وعلى ضوء تنفيذ الإجراءات السياساتية، مثل مضاعفة الإعانات لاستبدال السيارات القديمة بأخرى جديدة، سجل معدل انتشار تلك السيارات رقما قياسيا شهريا بلغ 53.9 في المائة في السوق المحلية في أغسطس المنقضي.
ويرى المراقبون في هذا السياق أن التقنيات الذكية التي يمثلها الذكاء الاصطناعي والقيادة الذاتية من شأنها تعزيز محركات نمو جديدة للسيارات الكهربائية، ما يشكل قدرة تنافسية جوهرية في التنمية عالية الجودة لقطاع سيارات الطاقة الجديدة.
وخلال السنوات الأخيرة، أظهرت تقنيات القيادة الذاتية الثورية، حيوية قوية في تعزيز تنمية القوى الإنتاجية الحديثة النوعية لصناعة سيارات الطاقة الجديدة. ومع التكامل العميق للجيل الجديد من التقنيات الرقمية، مثل الذكاء الاصطناعي والاتصالات المحمولة من الجيل الخامس، مع صناعة السيارات، فإن وتيرة التحول الذكي لصناعة السيارات آخذة في التسارع، بينما تتطور تقنيات القيادة الذاتية بشكل سريع. وفي هذا السياق، تحظى تقنيات القيادة الذاتية بمزيد من الإقبال في السوق وتنعم ببيئة محسنة، ما يوفر فرصا هائلة لتطور شركات السيارات ذاتية القيادة.
وقالت تاو لين، نائبة رئيس شركة تسلا، إنه من خلال تقليل الأخطاء الناجمة عن القيادة البشرية، تساعد القيادة الذاتية على تحسين سلامة الطرق ورفع كفاءة المركبات، إلى جانب تقليل وقوع حوادث المرور. وفي مجال الخدمات اللوجستية، يؤدي تطبيق تقنيات القيادة الذاتية، بدلا من الاعتماد على السائقين المحترفين، إلى خفض تكاليف العمالة وتحقيق المزيد من الفوائد الاقتصادية للنقل اللوجستي من خلال التحسين الذكي للطرق والجدولة.
ومن المتوقع أن تولد تقنيات القيادة الذاتية نماذج أعمال ونماذج خدمات جديدة، مثل خدمات سيارات الأجرة المشتركة ذاتية القيادة، حيث لا يركز النموذج الجديد على تحسين كفاءة استخدام المركبات فحسب، بل يساعد أيضا في تخفيف الازدحام المروري في المناطق الحضرية والحد من التلوث البيئي.
ومنذ هذا العام، بدأت شركة "بوني أيه آي" لخدمة سيارات الأجرة ذاتية القيادة، في توفير ما يقرب من 100 سيارة أجرة في منطقة مخصصة للقيادة الذاتية تبلغ مساحتها 160 كيلومترا مربعا في منطقة بكين للتنمية الاقتصادية والتكنولوجية. وتمكّن سيارات أجرة ذاتية القيادة الناس من الحصول على خدمات ملائمة من خلال بضع نقرات بسيطة على تطبيق الهاتف المحمول.
وفي الوقت نفسه، تتنقل مئات من سيارات أجرة تحمل اسم "روبوتاكسي" بين أكثر من عشرة أحياء في ووهان، حاضرة مقاطعة هوبي بوسط الصين. وقال وانغ يون بنغ، رئيس مجموعة أعمال القيادة الذكية التابعة لشركة "بايدو"، إن طلبيات خدمة "آبولو غو" للقيادة الذاتية تمثل أكثر من واحد في المائة على منصات طلب سيارات الركاب في ووهان، مشيرا إلى أن الشركة تشغل هذه الخدمات أيضا في بكين وتشونغتشينغ وشنتشن ومدن أخرى، ما حقق طلبيات إجمالية تجاوزت أكثر من 5 ملايين.
وأطلقت الصين لأول مرة تجربة سيارات الأجرة بدون مشغلي السلامة في مدينتي ووهان وتشونغتشينغ في عام 2022. وفي مارس الماضي، وافقت البلاد على التشغيل التجاري لخدمات القيادة الذاتية بالكامل في بكين. وبحلول نهاية عام 2023، تم في أكثر من 30 مدينة صينية إصدار تراخيص اختبار القيادة الذاتية على الطرق.
وحسب تقرير صادر عن شركة الاستشارات "ماكينزي آند كومباني"، من المتوقع أن تصبح الصين أكبر سوق في العالم للسيارات ذاتية القيادة، وأن تتجاوز إيرادات هذه السيارات وخدمات التوصيل 500 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030.
وقال تشين كونغ جيان، مدير قسم أبحاث المركبات الذكية التابع للمركز الصيني لأبحاث سياسات واستراتيجيات السيارات، إنه مقارنة بالمناطق الأخرى حول العالم، تتمتع صناعة القيادة الذاتية في الصين بمزايا واضحة من حيث مرونة آليات الابتكار ودرجة نضج سلسلة صناعة القيادة الذاتية ومستوى التكامل بين المركبات والطرق والخدمات السحابية.
وأشار تشين إلى أن شركات القيادة الذاتية، بالتعاون مع الحكومات المحلية، استكشفت أشكال مختلفة من التطبيقات التوضيحية للقيادة الذاتية ودفعت تنفيذها بشكل سريع وعلى نطاق واسع. وعلى سبيل المثال، تم إحراز تقدم واضح في مركبات الركاب غير المأهولة ولوجستيات الشحن وشاحنات التعدين غير المأهولة وما إلى ذلك.
ولا يخفى على أحد أن تحقيق القيادة الذاتية في قطاع السيارات ليس بالأمر الهين ويتطلب هندسة أنظمة معقدة للغاية تتداخل بشكل كبير مع السياسات والقوانين وسيناريوهات التطبيق وتقنيات البرامج والأجهزة وغيرها. وبالنظر إلى المستقبل، تسعى الصين لتعزيز انتقال السيارات ذاتية القيادة من مناطق الاختبار إلى سيناريوهات التطبيق العملي الأوسع.