أورومتشي 31 أغسطس 2024 (شينخوا) في مطعم للمطبخ الكانتوني في المنطقة المطورة حديثا في أورومتشي، حاضرة منطقة شينجيانغ الويغورية ذاتية الحكم شمال غربي الصين، كانت المحاسبة باريدا عبد القيوم منشغلة في محاسبة الزبائن والرد على المكالمات الهاتفية خلال وقت العشاء، حيث كانت تتحدث بلغة الماندرين مع العملاء من قومية هان، وبلغة الويغور مع زملائها الويغور.
جاءت الفتاة البالغة من العمر 23 عاما من أكتو، واحدة من آخر المحافظات التي انتُشلت من الفقر المدقع في شينجيانغ في أواخر 2020. ودرست في كلية مهنية في أورومتشي وعثرت على الوظيفة عقب تخرجها.
وذكرت باريدا "أحب العيش والعمل هنا في أورومتشي. في مسقط رأسي، ستكون الحياة هي الزواج من شخص في أوائل العشرينيات ثم الاعتناء بالأطفال في المنزل".
وأوضحت "هذه حياة بعض صديقات طفولتي. تزوجن، وظللن في المنزل يعتنين بأطفالهن". "يحسدونني نوعًا ما لأنني في مدينة كبيرة وحرة في أن أعيش الحياة التي أحبها".
وتعد باريدا واحدة من عشرات الآلاف من فتيات الويغور في شينجيانغ اللاتي يسعين وراء حياة تشبع رغباتهن الخاصة حيث أدى التقدم الاجتماعي والاقتصادي إلى إحداث تغييرات في مجتمع الويغور الذي يؤمن بأنه يتعين على السيدات البقاء في المنزل بدلا من السعي وراء حياتهن المهنية الخاصة.
ــ "أريد العودة إلى العمل"
لتشجيع فتيات الويغور على العثور على وظيفة وخلق فرص لهن للسعي نحو حياة أفضل، انخرطت الحكومات المحلية في مساعدتهن على التوظيف في شركات سواء في مسقط رأسهن أو في مدن داخل أو خارج شينجيانغ.
ومع ذلك، وصف البرنامج من جانب الولايات المتحدة، التي فرضت عقوبات في العامين الماضيين على عشرات الشركات الصينية على خلفية مزاعم العمالة القسرية، بأنه "عمالة قسرية".
وبدلا من "حماية حقوق الإنسان" قوضت العقوبات الأحادية بشدة حقوق الويغور، خاصة فتيات الويغور.
وتعد أمينام طلال الدين، 26 عاما وتعيش في شاتشه، أكثر المحافظات ازدحاما في شينجيانغ، من بين الفتيات اللواتي فقدن دخلهن بسبب العقوبات الأمريكية.
في عام 2017، بفضل مساعدة مدرستها الثانوية المهنية، ذهبت أمينام إلى العمل كمتدربة في شركة منسوجات بمدينة تشينغداو الساحلية شرقي الصين.
وذكرت "أول مرة أحصل على راتب، كنت سعيدة للغاية، حيث كسبته بيدي"، و"خلال التدريب، كنت أرسل أحياناً جزءاً من راتبي إلى أسرتي، ولكن أغلبه أنفقه على نفسي على سلع تحبها الفتيات مثل الملابس ومستحضرات التجميل".
وأصبحت أمينام، العاملة الماهرة، رئيسة قطاع في 2019. وذكرت "في ذلك الوقت، يمكنني الاحتفاظ براتبي لنفسي وإعطاء الباقي لأسرتي، خاصة لدعم تعليم أخي الأصغر".
وبينما كانت أمينام والمئات الأخريات من نساء الويغور يقبلن على حياتهن الجديدة، خضعت الشركة لعقوبات من قبل الإدارة الأمريكية لتوظيفها النساء من الويغور.
وأصبح مصنعها الذي كان يوفر ما يقرب من 1000 فرصة عمل للسكان المحليين في شاتشه يستأجر الآن أقل من 100 عامل.
وأشار تورسون أيباي، أستاذ مساعد في كلية الصحافة والاتصال بجامعة شينجيانغ، والذي عمل سابقا في قرية جنوبي شينجيانغ، إلى أن الذهاب إلى العمل يمكن أن يساعد الويغوريات على الحصول على أجر مستقر نسبيا، وتعزيز وضع عائلاتهن وتمكينهن من العيش حياة تشبع رغباتهن الخاصة.
وذكر الباحث الويغوري "بالنسبة لعائلة، تكامل الدخل الاقتصادي بين الزوج وزوجته يؤدي إلى تمتعهما بوضع أسري على نحو متساو". و"في الوقت نفسه، العمل يعود بالنفع على الويغوريات في فهم تكنولوجيا الإنتاج الحديثة ونمط الحياة الحديث والمفاهيم الحديثة، ويمكن أن يعزز وعيهن بحقهن في اتخاذ القرار وتدعيم قدرتهن على السعي نحو حياة أفضل".
ودرس تشنغ ليانغ، مدير معهد الاتصال وحوكمة الأراضي الحدودية بجامعة جينان، الذي نشأ في أورومتشي بعض القضايا.
وأخبر تشنغ وكالة أنباء ((شينخوا)) بأن شركة، طُلب عدم الكشف عن اسمها، بمقاطعة قوانغدونغ جنوبي الصين، من القوى المحركة للاقتصاد الصيني، اضطرت إلى تسريح العديد من العمال الويغور بسبب الخسائر الاقتصادية الناجمة عن العقوبات الأمريكية.
ــ القسر الاقتصادي
يجب عدم استخدام العقوبات الأحادية كأداة للسياسة الخارجية ووسيلة للقسر الاقتصادي، حسبما ذكرت خبيرة مستقلة بالأمم المتحدة، مشيرة إلى العقوبات الأمريكية.
ذكرت ألينا دوهان، المقررة الخاصة المعنية للأمم المتحدة بالأثر السلبي للتدابير القسرية الانفرادية في التمتع بحقوق الإنسان، في مايو عقب زيارتها الرسمية إلى الصين والتي استمرت 12 يوما، "خلال زيارتي تلقيت العديد من التقارير بشأن التأثير السلبي والآثار الاجتماعية والاقتصادية المترتبة على تلك العقوبات الأحادية والتي تؤثر على حياة الأهالي".
وأوضحت أن التراجع في الأنشطة التجارية والخسائر الملحوظة للأسواق العالمية الناجمة عن العقوبات الأحادية تسببا في خسارة الوظائف، مع ما يترتب على ذلك من اضطرابات في مخططات الحماية الاجتماعية من خلال التأثير بشكل غير متناسب على الفئات الأكثر ضعفاً، لا سيما في القطاعات كثيفة العمالة، بما فى ذلك النساء.
وذكرت "أود أن أكرر التأكيد على عدم شرعية تطبيق العقوبات الأحادية خارج الحدود الإقليمية"، مضيفة أن "العقوبات الأحادية ضد الصين لا تتفق مع عدد كبير من الأعراف القانونية الدولية ووضعت لممارسة الضغط على الدولة".
وستعرض المقررة الخاصة تقرير زيارتها على مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في شهر سبتمبر.
وأوضح أيباي أن العقوبات جزء من استراتيجية الولايات المتحدة بشأن "استخدام شينجيانغ لاحتواء الصين"، وتنتهك حقوق الشركات والعمال الويغور على نحو خطير، و"خلقت البطالة القسرية".
وأشار تشنغ إلى أن العقوبات الأمريكية ليست لها علاقة بشواغل حقوق الإنسان المزعومة. وأوضح أن الهدف هو تحطيم اقتصاد شينجيانغ، والتسبب في بطالة جماعية وتقويض الاستقرار الاجتماعي.
وحث الشركات الصينية، المفروض عليها عقوبات، على اتخاذ إجراءات قانونية للدفاع عن حقوقها وكذلك موظفيها الويغور.
ــ "لن نُسرح أي موظف على أساس قومي"
وتكافح شركة ((هوشين)) لصناعة السيليكون، وهي شركة صينية رائدة في المنتجات القائمة على السيليكون، والتي فرضت الولايات المتحدة عليها عقوبات في منتصف 2021، من خلال سبل قانونية.
وفي فبراير، رفعت الشركة قضية ضد هيئة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية ووزارة الأمن الداخلي الأمريكية في محكمة التجارة الدولية الأمريكية، مطالبة بإلغاء أمر إيقاف الإفراج الجمركي الذي أدى إلى احتجاز شحناتها.
ويملك فرع الشركة المستقل في شينجيانغ 4 قواعد إنتاج، تضم أكثر من 11 ألف موظف من الأقليات القومية، وهو ما يقرب من 60 بالمئة من موظفيها المحليين.
وقال عديلي جيانغ عليمو، متخرج ويغوري من كلية الهندسة في شرقي الصين، وهو الآن المسؤول عن المصانع الخضراء في القاعدة، إنه علم بالشركة لأول مرة بسبب قاعدة الإنتاج الضخمة لديها في مسقط رأسه، توربان. "أعلم أنها كانت شركة كبيرة، ولهذا عندما رأيت إعلان التوظيف على الإنترنت، كنت متحمسا وقدمت طلب العمل".
وأوضح "العثور على وظيفة في شينجيانغ، أو على نطاق أوسع في الصين، عملية اختيار ثنائية الاتجاه. نحن في مجتمع قائم على القانون، كيف يمكن إجبار أي أحد على العمل؟"
وسُئل داي تيان، المدير العام لقاعدة أورومتشي التابعة للشركة، عما إذا كانت الشركة ستنظر في تسريح موظفيها الويغور مقابل رفع العقوبات الأمريكية، ورد قائلا "لا، بالتأكيد لا. لن نسرح أي موظف على أي أساس قومي. يقدمون إسهامات لتنمية شركتنا، كيف يمكننا التخلي عنهم؟"
وأوضح "نرى حماية الوحدة العظيمة لأمتنا مسؤوليتنا الاجتماعية. 'العمالة القسرية' مجرد حجة لقمع تنمية شركات التكنولوجيا الفائقة الصينية وعرقلة الاستقرار الاجتماعي والوحدة الاجتماعية للصين. ولذا يتعين علينا أن نكون أكثر اتحادا، وأن نركز على تطوير وتعزيز أنفسنا".