تدعم الصين دائما بقوة تحقيق التحديث في أفريقيا، وهي مستعدة لان تكون رفيقاً في طريق التحديث الإفريقي. ويعد التصنيع الأخضر والمنسق والمستدام طريقا هاما للتنمية الاقتصادية والحد من الفقر، وهو قوة دافعة رئيسية للدول لتحقيق التحديث والتنمية المستدامة. ومن قمة جوهانسبرج لمنتدى التعاون الصيني ـ الأفريقي 2015، إلى قمة بكين لمنتدى التعاون الصيني ـ الأفريقي 2018، ومن المؤتمر الوزاري الثامن لمنتدى التعاون الصيني ـ الأفريقي عام 2021 إلى حوار القادة الصيني ـ الأفريقي عام 2023، إن دعم التصنيع في أفريقيا والتكاتف في التحديث أهداف واتجاهات مهمة للتعاون الصيني ـ الأفريقي.
تحسين البنية التحتية وتعزيز الترقية الصناعية
يعد ميناء كريبي للمياه العميقة في الكاميرون، الواقع على ساحل المحيط الأطلسي، أحد الإنجازات المهمة والمشاريع البارزة للتعاون بين الصين والكاميرون، كما أنه أول ميناء للمياه العميقة واسع النطاق في الكاميرون. ويربط طريق كريبي-رولابي السريع، الذي بنته شركة تشاينا هاربور الصينية للهندسة المحدودة، ميناء كريبي للمياه العميقة بمنطقة كريبي الحضرية، ويفتح قناة رئيسية لنقل بضائع الموانئ إلى شمال وشرق الكاميرون، وتوسع الأخيرة تأثير الميناء باعتباره ميناء عبور كبير للحاويات وميناء محوري شامل في وسط أفريقيا.
يعيد الميناء الحياة إلى المدينة، ويفتح الطريق السريع شريان التنمية. ويرى ريموند تافاريس، الممثل الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية في وسط أفريقيا، أن البناء المشترك عالي الجودة لـ "الحزام والطريق" يعد جزءًا مهمًا لتحقيق التصنيع والتنمية المستدامة في أفريقيا.
ويعد التعاون في البنية التحتية مجالا ذا أولوية للتعاون بين الصين وأفريقيا ويوفر دعما مهما لتحسين بيئة الاستثمار في أفريقيا، وتعزيز الأساس الصناعي، والتحديث الصناعي لأفريقيا. ومنذ تأسيس منتدى التعاون الصيني ـ الأفريقي، ساعدت الشركات الصينية أفريقيا على بناء وتحديث أكثر من 10 آلاف كيلومتر من السكك الحديدية، وما يقرب من 100 ألف كيلومتر من الطرق، وما يقرب من 1000 جسر، وما يقرب من 100 ميناء، و66 ألف كيلومتر من خطوط نقل وتحويل الطاقة، وسعة طاقة مركبة تبلغ 120 مليون كيلووات، و150 ألف كيلومتر من شبكة الاتصالات الأساسية، وخدمات الشبكة تغطي حوالي 700 مليون مستخدم. ونفذت الشركات الصينية عددًا من المشاريع البارزة والمشاريع "الصغيرة والجميلة" في مجالات مثل النقل والطاقة والكهرباء والإسكان ومعيشة الناس، مما عزز بشكل فعال التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول الأفريقية.
وفي الحوار بين قادة الصين وأفريقيا الذي عقد في أغسطس من العام الماضي، أشاد رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا باستثمارات الصين في البنية التحتية وبناء الطاقة في أفريقيا، معتقدًا أنها لا تعزز التنويع الاقتصادي وزيادة فرص العمل فحسب، بل تعمل أيضًا على تحسين مستوى التكامل في أفريقيا.
منذ وقت ليس ببعيد، بدأ بناء مشروع محطة الطاقة الكهروضوئية في الجزائر، ومشروع الطريق الدائري في كينشاسا، عاصمة جمهورية الكونغو الديمقراطية، وأول مشروع للنقل السريع بالحافلات السريعة في كوت ديفوار، وكلها تنفذها شركات صينية، واحدًا تلو الآخر. ويرى مقال في مجلة "القيادة الإفريقية" البريطانية، أن مشاريع الصين الاستثمارية في أفريقيا تشمل البنية التحتية واسعة النطاق مثل الطرق والموانئ ومحطات الطاقة، وتدعم النمو الاقتصادي في أفريقيا وتنمية التكامل الإقليمي من خلال حل مشاكل البنية التحتية في أفريقيا.
بناء مناطق صناعية لتعزيز قدرات التصنيع
على شواطئ البحر الأحمر وجنوب قناة السويس، تزدهر الأعمال في منطقة تيدا السويس للتعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين ومصر. وتتمتع هذه المنطقة الصناعية في مصر بأفضل بيئة شاملة، وأعلى كثافة استثمارية، وأعلى إنتاج للوحدات، وأعلى تركيز للشركات ذات التمويل الصيني. وقد ترسخت هنا أكثر من 140 شركة، تجاوزت مبيعاتها التراكمية 3.7 مليار دولار أمريكي، ودفعت أكثر من 200 مليون دولار أمريكي من الضرائب والرسوم، وفرت فرص العمل بشكل مباشر لنحو 6000 شخص، وخلق فرص عمل لنحو 50000 شخص.
أدخلت شركة جوشي مصر للألياف الزجاجية المحدودة، التي تم تأسيسها تحت تشاورات منطقة عيدا السويس وشركة جوشي الصينية، مجموعة كاملة من تقنيات إنتاج الألياف الزجاجية مع حقوق الملكية الفكرية المستقلة إلى مصر، مما يحسن قدرات التصنيع المحلية، وتنشأ صناعة الألياف الزجاجية في مصر من الصفر، ما دفع مصر أن تصبح المنتج الرئيسي العالمي للألياف الزجاجية، وسدت الفجوة في مجال الألياف الزجاجية في مصر وحتى في أفريقيا.
إن قصة المنفعة المتبادلة والمربحة للجانبين بين منطقة تيدا السويس للتعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين ومصر وشركة جوشي مصر للألياف الزجاجية المحدودة توضح بوضوح الدور الهام للمجمعات الاقتصادية والتجارية الصينية الإفريقية والمجمعات الصناعية المختلفة في تحسين مستوى التصنيع في أفريقيا.
وتشير البيانات إلى أنه إلى غاية نهاية عام 2023، تجاوز رصيد الاستثمار المباشر للصين في أفريقيا 40 مليار دولار أمريكي، مما يجعلها واحدة من أهم مصادر الاستثمار الأجنبي في أفريقيا. وفي السنوات الثلاث الماضية، خلقت الشركات الصينية أكثر من 1.1 مليون فرصة عمل محلية. وتغطي مناطق التعاون الاقتصادي والتجاري التي استثمرت فيها وبنتها مجالات الزراعة والمعالجة والتصنيع والتجارة والخدمات اللوجستية وغيرها من الصناعات، وجذب أكثر من ألف شركة إلى المنطقة، مما يقدم مساهمات مهمة في زيادة عائدات الضرائب المحلية وكسب العملات الأجنبية من الصادرات.
وفي جنوب أفريقيا، لا تخدم المنتجات التي تنتجها شركة مجمع هيسنس الصناعي بجنوب أفريقيا المستهلكين في جنوب أفريقيا فحسب، بل تصل أيضًا إلى أكثر من 10 دول أفريقية مثل موزمبيق وزيمبابوي ومدغشقر. وفي أوغندا، احتضنت منطقة مبالي الصناعية بين الصين وأوغندا عددا من العلامات التجارية المحلية لأجهزة التلفزيون والهواتف الذكية، وأعرب الموظفون المحليون عن أن "العمل في منطقة صناعية صينية أصبح شيئا يفخر به الشباب المحلي". وفي السنغال، تم الانتهاء من المرحلة الثانية من مشروع مجمع ديامينياجو الصناعي في نهاية العام الماضي. ومن المتوقع أن يوفر المشروع بعد الانتهاء من انشائه عددا كبيرا من فرص العمل في السنغال و6 دول مجاورة، ويساعد السنغال على تحسين مستوى إنتاجيتها وتصنيعها.
وأنشأت الصين آليات تعاون في مجال الطاقة الإنتاجية مع 15 دولة أفريقية، وتعاونت مع الدول الأفريقية لبناء أكثر من 20 منطقة صناعية. وإن مجمعات التعاون التي تشارك فيها الصين في الاستثمار تجذب بسرعة التجمعات الصناعية وتشكل مزايا النطاق، الأمر الذي بدوره يعزز تطوير الصناعة التحويلية في البلدان الأفريقية ويسرع عملية التصنيع المحلية.
وقال ديفيد باهاتي، وزير الدولة للصناعة بوزارة التجارة والصناعة والتعاون الأوغندية: "إن المجمعات الصناعية التي تديرها الشركات والمستثمرون الصينيون تستخدم الموارد المحلية لمساعدة أفريقيا على تطوير التصنيع، ويستمر التعاون الصناعي بين أفريقيا والصين في الوصول إلى مستويات جديدة والذي يتماشى مع أهداف أجندة التحالف 2063."
تعزيز التحول الرقمي وتوسيع التعاون في مجالات جديدة
بمساعدة الشركات الصينية، حقق منجم شامبيشي للنحاس في زامبيا إمكانية التحكم في عملية الإنتاج وتحسين إدارة الأعمال من خلال الوسائل الرقمية، وحل مشكلات سلامة الإنتاج في الخطوط الأمامية. وفي السنوات الأخيرة، امتد التعاون بين الصين وأفريقيا إلى المجالات الناشئة مثل التكنولوجيا الرقمية، والأخضر، والفضاء، والتمويل، مما يضخ زخما جديدا في عملية التصنيع والتنويع الاقتصادي في أفريقيا.
ويشهد التعاون في المجالات التكنولوجية الجديدة نشأة جديدة. وقد تم إطلاق القمر الصناعي المصري-2 بمساعدة الصين، وافتتح مركز التعاون الصيني الأفريقي لتطبيقات الاستشعار عن بعد بالأقمار الصناعية في بكين. وقد أنشأت الصين والدول الإفريقية بشكل مشترك أكثر من 10 مختبرات ثنائية أو مراكز بحثية مشتركة في مجالات مثل استشعار الموارد عن بعد، والطاقة المتجددة، والزراعة البيئية.
وقد حقق التعاون في مجال الطاقة الجديدة نتائج مثمرة، منها مشروع سوابيتي للحفاظ على المياه في غينيا، ومحطة ساكي للطاقة الكهروضوئية في جمهورية أفريقيا الوسطى، ومحطة روتسيباتزي للطاقة الكهربائية في بوروندي، ومحطة ديا لطاقة الرياح في جنوب أفريقيا.
وفي الوقت الحالي، تعمل الصين على تسريع تنمية القوى الإنتاجية الجديدة ودمجها بشكل عميق مع استراتيجيات التنمية في أفريقيا، مما يفتح مجالا جديدا ويضخ زخما جديدا في التعاون الصيني ـ الأفريقي. وذكر الموقع الإخباري المستقل لجنوب أفريقيا على الإنترنت، أن أفريقيا ستكون المستفيدة من تنمية الصين لقوى إنتاجية جديدة: "فأفريقيا الأكثر ابتكارا يمكنها اغتنام الفرص الجديدة وتحسين آفاقها الاقتصادية".
قال ألفا محمد جالو، عميد المعهد الصيني الأفريقي بجامعة ماركوني في سيراليون، إن التعاون الأفريقي الصيني يعد حتمياً في سياق تقدم الصين المستمر في التحديث والتنمية المتسارعة في أفريقيا. ويمكن للشراكة الأفريقية الصينية أن تعزز النمو الاقتصادي وتقلل من الفقر وتحسن مستويات معيشة الشعب الأفريقي.