الصفحة الرئيسية >> العالم العربي

مقالة: الفاشر … من مجلس للسلطان إلى أخطر مكان يعيش فيه الإنسان

/مصدر: شينخوا/   2024:08:07.09:19
مقالة: الفاشر … من مجلس للسلطان إلى أخطر مكان يعيش فيه الإنسان
في الصورة الملتقطة يوم 3 أغسطس 2024، مشهد للدمار داخل مركز تمباسي الصحي في الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، السودان. (شينخوا)

الخرطوم 6 أغسطس 2024 (شينخوا) في أكثر الروايات تداولا فإن اسم (الفاشر) عاصمة شمال دارفور يعني "مجلس السلطان"، ولكن الحرب الذي تشهده المدينة جعل منها أخطر وأسوأ مكان للعيش على وجه الأرض.

وقالت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان (غير حكومية) في تقرير باسم (مدينة الجحيم المستعر) " إن جميع سكان مدينة الفاشر قد يصبحون في عداد الموتى إما بالجوع أو العطش أو الرصاص أو غياب الخدمات الصحية والطبية وغيرها من إفرازات الصراع الدائر".

ووصف التقرير، الذي نشر مؤخرا، مدينة الفاشر بـ "أخطر وأسوأ مكان للعيش على وجه البسيطة".

وقال التقرير "إن شمال دارفور وتحديدا عاصمتها الفاشر شهدت الأيام الماضية وما زالت تشهد، أحداثا عنيفة وتصعيدا خطيرا رغم المناشدات المحلية والدولية لوقف الصراع".

وأضاف " إن مناطق الاشتباك شهدت حركة نزوح ضخمة إلى مناطق أخرى آمنة نسبيا، وزاد استخدام الأسلحة الثقيلة داخل الأحياء السكنية الأمر سوءاً مما جعل من المدينة كلها منطقة عمليات".

واتهم التقرير قوات الدعم السريع وحلفائها بتنفيذ عمليات قصف ممنهج ومقصود وبصورة مستمرة للأحياء والأماكن المدنية وخصوصا الصحية والطبية.

-- معاناة بسبب الحصار وإحصائيات مخيفة

وأشارت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان إلى الحصار الذي تفرضه قوات الدعم السريع علي مدينة الفاشر منذ أشهر.

وقالت " لقد منع هذا الحصار وصول المساعدات الإنسانية والمواد الغذائية والأدوية والمستهلكات الطبية، مما أدى إلى ارتفاع حاد في أسعار السلع الاستهلاكية وتردي الخدمات الطبية والصحية".

وأكدت اللجنة علي أن عملية الخروج الأمن من المدينة في الأيام الأخيرة أصبحت تحديا ومخاطرة عظيمة لما يتعرض له من يفرون إلى اعتقالات تعسفية وتعذيب وسلب ونهب للمقتنيات.

وأعلنت اللجنة "عن مقتل وإصابة 100 مدني خلال ثلاثة أيام فقط بسبب القصف المدفعي الذي طال عدة مناطق بالمدينة، ومنها سوق الفاشر الكبير، وسوق الفاشر الجنوبي، والمستشفى السعودي بالفاشر، وبعض من الأحياء الجنوبية والغربية والشمالية".

وقالت " خلال الفترة من السبت 27 يوليو حتى الاثنين 29 يوليو الماضي تم قصف عدة مناطق، وأن العدد الذي تحصلنا عليه حتى لحظة كتابة التقرير هو 100 ما بين قتيل وجريح، حوالي 30 منهم داخل المستشفى السعودي".

وناشدت اللجنة بالوقف الفوري ودون المشروط للقتال في الفاشر، وفتح ممرات آمنة وحمايتها من أجل دخول المساعدات الإنسانية والدوائية إلى الفاشر، وعدم استهداف المدنيين والمباني المدنية.

-- توافق حكومي بشأن مضمون التقرير

ووصف المدير العام لوزارة الصحة بولاية شمال دارفور إبراهيم خاطر تقرير اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان بأنه منطقي وموضوعي.

وقال خاطر لـ ((شينخوا)) اليوم " نتفق مع مضمون التقرير، وفعلا سكان الفاشر يموتون بالرصاص والجوع والعطش وعدم توفر العلاج".

وأضاف " هذا كله بسبب الحصار الذي تفرضه قوات الدعم السريع علي المدينة، بل أن قوات الدعم السريع وصلت مرحلة منع المرضي من الوصول إلى المستشفيات بالفاشر".

وكشف خاطر عن وفاة 9 نساء الأسبوع الماضي في منطقة (كفوت) الواقعة علي بعد نحو 30 كيلومترا إلى الجنوب من الفاشر.

وقال " الأسبوع الماضي لدينا 9 حالات وفاة لنساء حوامل تم منعهن من الوصول إلى المستشفيات بالفاشر، وتوفين بسبب عسر الولادة".

وأشار خاطر إلى أن التحدي الرئيسي أمام القطاع الصحي يتمثل في مواصلة العمل في ظل القصف المتعمد تجاه المؤسسات الصحية.

وقال " قوات الدعم السريع تستهدف قطاع الصحة (المستشفيات، والكوادر والمراكز الصحية) بصورة متعمدة لإيقاف النظام الصحي عن العمل.

-- الحصول علي مياه الشرب معركة يومية لسكان المدينة

واعتبرت حواء أسحاق، وهي مواطنة من مدينة الفاشر، الحصول علي مياه الشرب أحد أكبر الصعوبات التي يعانيها سكان مدينة الفاشر.

وقالت حواء لـ((شينخوا)) اليوم " نعاني بصورة كبيرة في سبيل توفير مياه الشرب، ولا تتوفر حلول كثيرة سوي بعض المبادرات المجتمعية".

وأضافت " مشكلة ندرة المياه هي مشكلة قديمة بالفاشر، ولكن في ظل الحرب والحصار المفروض علي المدينة فلا تتوفر أي مصادر لمياه الشرب، وتقوم بعض الجمعيات الخيرية والمجتمعية بتوصيل المياه عبر (التناكر) وعربات (الكارو)".

-- الدعم السريع ينفي الاتهامات ضده

وفي مواجهة الاتهامات ضدها بالتسبب في حدوث أزمة غذائية بدارفور، نفت قوات الدعم السريع تلك الاتهامات.

وقال مصطفي محمد إبراهيم مستشار قائد قوات الدعم السريع لـ ((شينخوا)) اليوم (الثلاثاء) " هذه الاتهامات غير صحيحة".

وتشتكي منظمات أممية من صعوبة إيصال المساعدات الإنسانية إلى مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دافور، بينما تحذر تقارير دولية من أن يؤدي النزاع المسلح إلى تسجيل أسوأ مستويات لانعدام الأمن الغذائي.

وأعلنت شبكة الإنذار المبكر، وعدد من الوكالات الأممية مطلع أغسطس الجاري عن تسجيل مجاعة في معسكر زمزم بالفاشر.

وقالت الشبكة في تقرير " إن مخيم زمزم للنازحين قرب مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، يواجه مجاعة كما يحتمل وقوعها في مخيمين آخرين".

ولكن مفوضية العون الانساني بالسودان (حكومية) نفت وجود مجاعة في معسكر زمزم للنازحين بولاية شمال دارفور بغربي السودان.

وقالت المفوضية في بيان أول أمس (الأحد) " إن ماجاء في تقرير شبكة أنظمة الإنذار المبكر لا يمت للحقيقة بصلة".

وقال برنامج الأغذية العالمي، في تغريدة علي منصة (اكس) اليوم " لدينا إمدادات غذائية جاهزة للإرسال الفوري إلى مخيم زمزم للمساعدة في وقف المجاعة، لكننا بحاجة إلى وصول آمن ودون عوائق".

وتقع مدينة الفاشر في غرب السودان على ارتفاع 700 متر (2296 قدما) فوق سطح البحر، على مسافة 802 كيلومتر غرب العاصمة الخرطوم، و195 كيلومترا عن مدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور باتجاه الشمال الشرقي.

وتقدر الأمم المتحدة عدد سكان مدينة الفاشر بحوالي 1.5 مليون نسمة، بينهم 800 ألف نازح من باقي مدن ولاية شمال دارفور بسبب النزاع المسلح الدائر في إقليم دارفور منذ 2003.

وتضم المدينة 3 معسكرات للنازحين، هي (أبوشوك)، (زمزم) و(السلام).

ومنذ 10 مايو الماضي تدور مواجهات عنيفة بمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دا فور بين الجيش السوداني والمتحالفين معه ، وقوات الدعم السريع .

والفاشر، هي عاصمة ولاية شمال دارفور، ومركز إقليم دارفور المكون من 5 ولايات، وأكبر مدنه، والوحيدة بين عواصم ولايات الإقليم الأخرى التي لم تسقط بيد قوات الدعم السريع التي تخوض نزاعا مسلحا ضد الجيش السوداني.

وما يزال الجيش السوداني يسيطر على مدينة الفاشر، وتقاتل إلى جانبه حركات دارفورية مسلحة كانت قد وقعت مع حكومة السودان في العام 2020 اتفاق "سلام جوبا" ، وأبرزها حركة "تحرير السودان" بقيادة مني أركو مناوي، وحركة "العدل والمساواة" بزعامة جبريل إبراهيم.

ومنذ منتصف أبريل 2023، يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حربا خلفت نحو 13 ألفا و 100 قتيل، حسب الأمم المتحدة.

ووفقا للأمم المتحدة، فقد بلغ العدد الإجمالي للنازحين في السودان منذ اندلاع القتال منتصف أبريل 2023 إلى نحو نحو 7.9 مليون شخص.

كما أدت الحرب إلى لجوء نحو 2.1 مليون شخص إلى دول الجوار، وخاصة مصر وإثيوبيا وتشاد وأريتريا وجنوب السودان، وفقا لتقارير سابقة لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق المساعدات الإنسانية ((أوتشا)).

صور ساخنة