صنعاء 23 يوليو 2024 (شينخوا) اتفقت الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي على عدة تدابير لـ"خفض التصعيد" بينهما فيما يتعلق بالقطاع المصرفي في البلاد والخطوط الجوية اليمنية، وفق ما أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ اليوم (الثلاثاء).
وذكر بيان لمكتب المبعوث الأممي أن الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي أبلغتا غروندبرغ، بأنهما اتفقتا على "عدة تدابير لخفض التصعيد فيما يتعلق بالقطاع المصرفي والخطوط الجوية اليمنية"، وفق نص مكتوب تسلمه المبعوث الأممي من الطرفين.
وتضمن الاتفاق "إلغاء القرارات والإجراءات الأخيرة ضد البنوك من الجانبين والتوقف مستقبلا عن أي قرارات أو إجراءات مماثلة".
وتصاعدت خلال الأشهر الماضية حدة الصراع بين الحكومة اليمنية والحوثيين في الجانب الاقتصادي، حيث صك الحوثيون عملة معدنية جديدة للتداول في العاصمة صنعاء والمحافظات الخاضعة لسيطرة الجماعة، فيما أعلنت الحكومة وقف التعامل مع عدة بنوك تجارية كبيرة وشركات صرافة في مناطق سيطرة الحوثيين.
وتضمن الاتفاق المعلن اليوم "استئناف طيران الخطوط اليمنية للرحلات بين صنعاء والأردن وزيادة عدد رحلاتها إلى 3 يوميا، وتسيير رحلات إلى القاهرة والهند يوميا أو بحسب الحاجة".
وكانت قد توقفت الرحلات من مطار صنعاء الدولي الخاضع لسيطرة الحوثيين، وتم فتح المطار بشكل جزئي في أبريل 2022 وفقا لاتفاق هدنة رعته الأمم المتحدة بين الحكومة والحوثيين.
كما نص الاتفاق على أن تعقد اجتماعات لمعالجة "التحديات الإدارية والفنية والمالية" التي تواجهها الخطوط الجوية اليمنية، وعقد اجتماعات لمناقشة كافة القضايا الاقتصادية والإنسانية بناء على خارطة الطريق.
وأشار غروندبرغ إلى "الدور المهم الذي لعبته المملكة العربية السعودية في التوصل إلى هذا الاتفاق"، معربا عن جاهزية الأمم المتحدة للعمل مع الطرفين لتنفيذ التدابير التي اتفقا عليها، وعرض أن يدعم مكتبه التواصل مع السلطات في الأردن ومصر والهند.
وقال مصدر حكومي يمني لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن الاتفاق المعلن اليوم، تم بجهود سعودية وإماراتية، وهناك ترتيبات لعقد جولة مفاوضات في الملف الاقتصادي.
وأضاف أن المفاوضات القادمة ستبحث عددا من القضايا في الجانب الاقتصادي والمالي بما في ذلك آلية سحب العملة المعدنية التي صكها الحوثيون من السوق والتي يتم التعامل بها في مناطق سيطرة الجماعة.
وأشار المصدر إلى أن الاتفاق المعلن اليوم كان عبارة عن خطوط عريضة، لكنه تضمن أيضا عددا من المحاور بما في ذلك إلزام الحوثيين بعدم صك أي عملة أو إصدار أوراق نقدية مستقبلا.
ورحبت الحكومة اليمنية بما ورد في إعلان المبعوث الخاص للأمم المتحدة بشأن "إلغاء القرارات الأخيرة بحق عدد من البنوك والقطاع المصرفي، واستئناف الرحلات الجوية عبر مطار صنعاء الدولي، وتيسيرها إلى وجهات أخرى حسب الحاجة".
وقالت الحكومة في بيان بثته وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) إن إلغاء القرارات بحق البنوك يأتي "عملا بمبدأ المرونة في إنفاذ الإصلاحات الاقتصادية والمصرفية الشاملة، واستجابة لالتماس مجتمع الأعمال الوطني، وجهود الوساطة الاممية والاقليمية والدولية".
وأعربت الحكومة اليمنية عن الأمل في أن "يقود الاتفاق المعلن إلى تهيئة الظروف المواتية من أجل حوار بناء لإنهاء كافة الممارسات الحوثية التدميرية بحق القطاع المصرفي، والاقتصاد والعملة الوطنية، والوفاء بالالتزامات الواردة في خارطة الطريق وعلى رأسها استئناف تصدير النفط".
من جهتها، اعتبرت جماعة الحوثي أن هذا الاتفاق يمثل نقلة نحو اتفاق السلام.
وذكرت قناة ((المسيرة)) الناطقة باسم الجماعة أن "اتفاق إلغاء القرارات التي تستهدف البنوك التجارية والمصارف، وإعادة فتح مطار صنعاء مع إضافة وجهات ورحلات جديدة" يمثل تأكيدا "على استحالة الالتفاف على استحقاقات الشعب اليمني في ملف السلام".
واعتبرت أن ما تضمنه الاتفاق بشأن عقد اجتماعات لمناقشة كافة القضايا الاقتصادية والإنسانية بناء على خارطة الطريق يمثل "ضغطا لإنهاء حالة المماطلة والانتقال من حالة خفض التصعيد إلى اتفاق السلام الواضح".
وقال هانس غروندبرغ في إحاطته اليوم إلى مجلس الأمن الدولي إن "الأطراف اليمنية أبلغتني أنها اتفقت على مسار لتهدئة دورة الإجراءات والتدابير المضادة التي هدفت لتشديد القبضة على القطاع المصرفي وقطاع النقل".
وأضاف أن "هذا التفاهم يأتي بعد شهور من العمل المكثف من قبل مكتبي للبحث عن حلول والتحذير من المخاطر الجسيمة التي قد يتعرض لها الشعب اليمني جراء هذا التعمق في تسليح الاقتصاد".
وقال: "أرحب بقرار الأطراف لاختيار مسار الحوار وأتطلع إلى المزيد من العمل معها لدعمها في تنفيذ التزاماتهم فيما يتعلق بالقطاع المصرفي والخطوط الجوية اليمنية.. يظل الهدف هو تحقيق عملة موحدة، وبنك مركزي موحد ومستقل، وقطاع مصرفي بعيد عن التدخلات السياسية".
وأشار المبعوث الأممي في إحاطته إلى أنه "يجب أن يُتَرجَم التزام الأطراف بخفض للتصعيد والحوار، كما يظهر من التفاهم الذي تم التوصل إليه والتفاهم الأوسع الذي تم التوصل إليه في ديسمبر الماضي، إلى استعداد للتفاوض المباشر"، لافتا إلى أن "المشاركة في حوار بنوايا حسنة هو الحد الأدنى من متطلبات الوفاء بمسؤولياتهم تجاه الشعب اليمني وهو اختبار حقيقي لجدية نواياهم لاتباع مسار الحل السلمي للنزاع".
وكان المبعوث الأممي غروندبرج أعلن في ديسمبر الماضي عن توصل الأطراف اليمنية إلى الالتزام بمجموعة من التدابير تشمل تنفيذ وقف إطلاق النار والانخراط في استعدادات لاستئناف عملية سياسية يمنية جامعة تحت رعاية الأمم المتحدة.
وتخوض جماعة الحوثي والحكومة اليمنية نزاعا داميا منذ أواخر 2014، عندما سيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء ومعظم محافظات الشمال اليمني، وتعثرت خلال السنوات الماضية جهود دولية وإقليمية لوضع حد لهذا النزاع الذي خلف "أسوأ أزمة إنسانية في العالم"، وفقا لتقديرات الأمم المتحدة.