القاهرة 20 يونيو 2024 (شينخوا) أكد خبراء مصريون أن ارتفاع درجات الحرارة التي تشهدها مصر أخيرا "غير مسبوقة"، وسيكون لها تأثيراتها السلبية، ما يتطلب بذل الجهود الكبيرة لمواجهتها.
وتعرضت مصر أخيرا لموجات متتابعة من ارتفاع درجات الحرارة، استمرت لفترات طويلة على غير المعتاد وصلت إلى 10 - 14 يوما، وبلغت درجات الحرارة فيها ذروتها حيث شهدت مدينة أسوان بجنوب مصر ارتفاعا غير مسبوق في درجات الحرارة اقتربت فيها من الـ 50 درجة مئوية في الظل وتجاوزتها في المناطق المشمسة.
وتقدمت النائبة ريهام عبدالنبي، عضو مجلس النواب عن محافظة أسوان، ببيان عاجل للحكومة، بسبب سقوط ضحايا نتيجة الإصابة بـ "ضربة شمس" نتيجة ارتفاع درجات الحرارة غير المسبوقة بالمحافظة والتي سجلت أعلى درجات حرارة على مستوى العالم خلال الموجة الحارة التي شهدتها مصر أخيرا، قاربت الـ50 درجة مئوية.
ويوافق اليوم (الخميس) بداية فصل الصيف رسميا في مصر شأنها في ذلك شأن النصف الشمالي من الكرة الأرضية، والذي يستمر سنويا من 20 يونيو وحتى 22 سبتمبر بداية فصل الخريف.
وقال الدكتور محمود شاهين مدير عام مركز التنبؤات والإنذار المبكر بالهيئة العامة للأرصاد الجوية المصرية، إن الارتفاعات التي شهدتها مصر خلال الفترة الأخيرة أعلى من المعدلات الطبيعية في هذه الأيام من كل عام.
وأضاف شاهين، لوكالة أنباء ((شينخوا))، أن هذا الارتفاع في درجات الحرارة يأتي نتيجة التغيرات المناخية ووجود مرتفع جوي خلال هذه الفترة وهو ما يسمى بـ "القبة الحرارية" الذي يعمل على زيادة ارتفاع درجات الحرارة، بالإضافة إلى منخفض الهند الجوي.
وأوضح أن هذه العوامل وهذا المرتفع الجوي القريب من سطح الأرض أدى إلى استمرار موجات ارتفاع درجات الحرارة لفترات أطول عن المعتاد لتصل إلى من 10 - 14 يوما بعد أن كانت تستمر لمدة 4 -5 أيام فقط.
وأعرب شاهين عن توقعه بأن تكون درجات الحرارة خلال فصل الصيف الحالي أعلى من معدلاتها الطبيعية، وأن تواصل درجات الحرارة ارتفاعها عن معدلاتها الطبيعية خلال فصول الشتاء والربيع والخريف أيضا.
من جانبه، أكد الدكتور عمرو عبدالعزيز مدير إدارة التغيرات المناخية بوزارة البيئة المصرية أن ارتفاع معدلات درجات الحرارة في مصر، ناتج عن زيادة الانبعاثات الحرارية وما أسفرت عنه من تغيرات مناخية على مستوى العالم، لافتا إلى أن مصر تبذل جهودا كبيرة للمساهمة في تخفيض حجم الانبعاثات الحرارية، غير أن ذلك الأمر يتطلب تكاتفا ومشاركة دولية واسعة.
وقال عبدالعزيز، لـ((شينخوا))، إن مصر في إطار مواجهتها للمتغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة وتأثيراتها السلبية، فإنها تعمل في ثلاثة مسارات، أولها يتمثل في التنبؤ بمعدلات الزيادة المناخية وخاصة درجات الحرارة والرطوبة والأمطار، والتي تؤثر على الأنشطة المصرية بشكل أو بأخر.
وأشار مدير إدارة التغيرات المناخية بوزارة البيئة المصرية إلى انجاز خريطة تفاعلية للتنبؤ بالمتغيرات المناخية حتى العام 2100 بالتنسيق بين وزارة البيئة وعدد من الجهات ذات الاختصاص.
وأضاف أن المسار الثاني الذي تسير فيه مصر لمواجهة ارتفاع درجات الحرارة والمتغيرات المناخية يتمثل في إجراء تقييم مستمر للمخاطر الناتجة عنها وتأثيرها على أنشطة الدولة، وتأثير ارتفاع درجات الحرارة على الأنشطة المختلفة وخاصة صحة الإنسان والمحاصيل الزراعية والمياه وتربية الحيوان وغيرها.
وأوضح أن المسار الثالث يتمثل في الإجراءات التي يتم اتخاذها، مشيرا إلى أنه يتم بحث ما اتخذته كل دول العالم في التعامل مع هذه المخاطر مثل استنباط سلالات زراعية وحيوانية تتحمل درجات الحرارة المرتفعة أو تغيير الدورات الزراعية، وفي مجال التنمية العمرانية مثل المواد المستخدمة في البناء ونظم التهوية والدهانات والتشجير.
ونوه عبدالعزيز بأن قطاع الصحة يعتبر من أهم القطاعات التي تتأثر سلبا بارتفاع درجات الحرارة، والتي يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بضربات الشمس وتكون المناطق أكثر عرضة لاستقبال نوعيات جديدة من الحشرات الحاملة للأمراض والأوبئة مثل حمى الضنك والملاريا وغيرها، والعمل على توفير اللقاحات والأمصال اللازمة.
بدوره، قال الدكتور مصطفى الشربيني الخبير الدولي في الاستدامة وتقييم مخاطر المناخ والمراقب باتفاقية باريس للتغير المناخ، في ظل المستويات الحالية للاحتباس الحراري والتغيرات المناخية السلبية، فإن هناك بالفعل تأثيرات مناخية مدمرة، وتشمل هذه موجات الحر الشديدة، وهطول الأمطار الغزيرة، وحالات الجفاف، وانخفاضات في الصفائح الجليدية، والجليد البحري، والأنهار الجليدية؛ تسارع ارتفاع مستوى سطح البحر وتسخين المحيطات.
وأضاف الشربيني، لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن ارتفاع معدلات درجات الحرارة الذي تتعرض له مصر، من شأنه أن يصيب البعض بالإجهاد الحراري وضربات الشمس، الإصابات المهنية الناجمة عن التعرض للحرارة العالية مثل الحروق والإغماءات، وتفاقم الحالات الموجودة مسبقًا مثل الربو أو أمراض الكلى أو أمراض القلب.
وأوضح أن لهذه العواقب الصحية أيضا آثار اقتصادية، بما في ذلك فقدان إنتاجية العمال، وزيادة تكاليف الرعاية الصحية، والتهديدات التي يتعرض لها الاستقرار المالي للعمال من فقدان العمل.
ونوه بأنه وفقا لبيانات منظمة الصحة العالمية فإن ارتفاع درجة الحرارة يعتبر خطرا بيئيا ومهنيا كبيرا، ويعد الإجهاد الحراري هو السبب الرئيسي للوفيات الناجمة عن سوء أحوال الطقس ويمكن أن يؤدي إلى تفاقم الاعتلالات الكامنة بما فيها أمراض القلب والأوعية الدموية وداء السكري والصحّة النفسية والربو، كما يمكن أن يزيد خطورة التعرّض للحوادث وانتقال بعض الأمراض المعدية.
ولفت الشربيني إلى أنه يمكن التنبؤ بالآثار السلبية للحرارة على الصحة، كما يمكن الوقاية منها إلى حد كبير بفضل اتباع سياسات وتنفيذ تدخلات محددة ومتعددة، وهو ما تعمل عليه مصر بالفعل.