أظهرت التجارة الإلكترونية في الشرق الأوسط زخمًا سريعًا خلال السنوات الأخيرة. وبحسب تقرير صادر عن منطقة التجارة الإلكترونية بدبي ومنظمة أبحاث السوق العالمية "يورومونيتور إنترناشيونال"، فقد بلغ حجم سوق التجارة الإلكترونية في الشرق الأوسط 106.5 مليار درهم إماراتي في عام 2023، مسجلا زيادة بـ 11.8% على أساس سنوي، ومن المتوقع أن يحافظ على معدل نمو سنوي مركب يبلغ 11.6% خلال السنوات الخمس المقبلة، ويبلغ 183.6 مليار درهم بحلول عام 2028.
وتشهد التجارة الإلكترونية في الشرق الأوسط تطورا نحو 5 اتجاهات، على غرار تزايد شعبية تجارة التجزئة عبر الإنترنت وخارجها، وتنوع طرق الدفع الإلكترونية، وتحول الهواتف الذكية إلى الاتجاه السائد للتسوق عبر الإنترنت. كما أصبحت أنظمة العضوية وكوبونات الخصم على منصات التجارة الإلكترونية أكثر شيوعًا، إلى جانب تحسّن كفاءة الخدمات اللوجستية والتوزيع بشكل كبير.
ويشير التقرير إلى أن أكثر من نصف السكان في منطقة الشرق الأوسط تقل أعمارهم عن 30 عاما، وهو ما يوفر أساسا متينا للتطور المتسارع لاقتصاد التجارة الإلكترونية. وفي عام 2023، اجتذبت صناعة التجارة الإلكترونية في المنطقة ما يقرب من 4 مليارات دولار أمريكي من الاستثمارات وسجلت إتمام 580 صفقة. وتعد المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر الوجهات الاستثمارية الرئيسية.
وخلال السنوات الأخيرة، عززت الصين ودول الشرق الأوسط الاتصالات السياسية والالتحام الصناعي والتعاون الفني، وأصبحت "التجارة الإلكترونية لطريق الحرير" علامة بارزة جديدة على البناء المشترك عالي الجودة لـ "الحزام والطريق" بين الجانبين.
في وقت مبكر من عام 2015، دخلت العلامة التجارية الصينية للتجارة الإلكترونية العابرة للحدود "شي إن" سوق الشرق الأوسط بفضل نموذج أعمالها الفريد ومزاياها في مجال المعلوماتية والتكنولوجيا، ونجحت في التوسع في الأسواق المحلية في وقت وجيز.
وفي عام 2021، وقعت منصة "جي دي دوت كوم" اتفاقية تعاون مع منصة التجارة الإلكترونية العربية المحلية نمشي، للتعاون في تسويق العلامات الصينية والخدمات اللوجستية المحلية والتخزين والتسويق. كما تعاونت شركة "علي إكسبرس" وهي شركة تابعة لمجموعة علي بابا، مع شركة "تساي نياو الدولية اكسبرس" لترقية الخدمات اللوجستية العابرة للحدود في الشرق الأوسط، فيما بدأت "تيك توك" التي تمتلك 27 مليون مستخدم في الشرق الأوسط في استكشاف أعمال التجارة الإلكترونية في المنطقة.
وفي يناير 2022، أطلقت "جي آند تي اكسبرس" أعمالها في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية. وخلال ما يزيد عن عامين، حققت المنصّة تغطية في جميع أنحاء المملكة العربية السعودية وسجلت رقمًا قياسيًا في تسليم أكثر من 100 ألف منتج في يوم واحد.
وفي مايو من العام الحالي، أعلنت شركة "جي آند تي اكسبرس" أن شركة "إي دبليو تي بي أرابيا كابيتال" واتحاد الشرق الأوسط قد أكملا بنجاح زيادة رأس المال بعشرات الملايين من الدولارات في شركة "جي أند تي اكسبرس" السعودية، وسيتم استخدام هذه الأموال لمواصلة تطوير استراتيجية التوطين للشركة في الشرق الأوسط. وقال لي جينجي، المؤسس والشريك الإداري لشركة "إي دبليو تي بي أرابيا كابيتال"، إن إمكانات تطوير التجارة الإلكترونية في الشرق الأوسط هائلة، كما أن السلع الصينية تحظى بشعبية كبيرة، وستساعد الحلول التكنولوجية عالية الجودة التي تقدمها الشركات الصينية المنطقة على مواصلة تحسين مستوى البنية التحتية وكفاءة العمليات اللوجستية، وتوثيق التعاون في صناعة التجارة الإلكترونية.
وقال وانغ شياو يو، الباحث المشارك في معهد الدراسات الدولية بجامعة فودان، إن منصات التجارة الإلكترونية الصينية ونماذج التجارة الإلكترونية وشركات الخدمات اللوجستية قد ضخت زخما قويا في تطوير التجارة الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط. كما تلقى حلول الدفع عبر الهاتف المحمول والمحافظ الإلكترونية ترحيبا من أسواق الشرق الأوسط أيضا.
وأشار وانغ شياو يو إلى أن آفاق التعاون بين الصين والشرق الأوسط في مجالات التجارة الإلكترونية مثل "وسائل التواصل الاجتماعي +" والدفع الرقمي والخدمات اللوجستية الذكية والسلع الاستهلاكية النسائية ستكون أوسع في المستقبل، مما يمثل فرصة للصين ودول الشرق الأوسط على بناء نمط اقتصادي وتجاري أكثر توازنا ويحقق المنفعة المتبادلة.