تعد الدول العربية شركاء مهمين للصين في التعاون العلمي والتكنولوجي الدولي. وفي السنوات الأخيرة، ترسخت مجموعة من الشركات الصينية في الدول العربية وعمقت التبادلات مع الشركات والمؤسسات المحلية في مجالات مختلفة مثل الزراعة والرقمنة والطاقة الجديدة والأقمار الصناعية، ولا تزال التقنيات القادمة من الصين تزرع وتزدهر وتؤتي ثمارها في الدول العربية، مما يولد زخمًا جديدًا للتعاون الصيني ـ العربي.
شبكات نقل التكنولوجيا تنضج بشكل متزايد
على حافة الصحراء الكبرى في أفريقيا، نجح المركز الموريتاني لعرض تكنولوجيا تربية الحيوانات في زراعة ما يقرب من ألف فدان من الأعلاف، بتمويل من الصين، مما أدى إلى إنشاء واحة في الأراضي القاحلة. كما شارك المركز في تحسين التربة والري الموفر للمياه وغيرها من التقنيات مع الفنيين الزراعيين في موريتانيا والإمارات العربية المتحدة والسودان ودول أخرى، مما دفع هذه البلدان إلى زراعة عشرات الآلاف من الأفدنة من العلف، لتصبح بطاقة عمل مشرقة للتعاون الزراعي بين الصين والدول العربية.
في 5 سبتمبر 2019، زوار يكتشفون نظام ري ذكي للمياه والأسمدة يعتمد على تكنولوجيا إنترنت الأشياء الزراعية في معرض الصين والدول العربية الرابع للتكنولوجيا الفائقة والمعدات. صورة / وكالة أنباء شينخوا، لي مانغ مانغ
إن التكنولوجيا الزراعية هي صورة مصغرة لتبادل ونقل التكنولوجيا بين الصين والدول العربية. ومنذ تأسيسه في عام 2015، أنشأ المركز الصيني ـ العربي لنقل التكنولوجيا على التوالي ثمانية مراكز ثنائية لنقل التكنولوجيا في المملكة العربية السعودية والأردن ودول أخرى، مما عزز التطبيق المحلي لعدد من التقنيات والمعدات المتقدمة والقابلة للتطبيق التي تلبي الاحتياجات والاهتمامات الدول العربية من أجل التنمية المستدامة. وفي المؤتمر الصيني العربي الخامس لنقل التكنولوجيا والتعاون الابتكاري الذي عقد في سبتمبر من العام الماضي، أطلقت الصين 300 تقنية متقدمة وقابلة للتطبيق للدول العربية، تغطي مجالات مثل الحماية الإيكولوجية والبيئية، واستغلال الموارد والطاقة، ومكافحة التلوث.
ونشرت صحيفة "الرؤية " العمانية مقالا جاء فيه أن إنشاء المركز الصيني العربي لنقل التكنولوجيا ومركز التعاون في مجال الطاقة النظيفة والمركز الدولي لأبحاث الجفاف والتصحر وتدهور الأراضي شكلت حلقة نقل التكنولوجيا والشبكات التعاونية التي تربط الآلاف من مؤسسات البحث العلمي والشركات المبتكرة في الصين والبلدان العربية.
التعاون في المجالات الناشئة يتسارع ويتطور
يتطور التعاون الصيني العربي في الوقت الحاضر، من تجارة النفط والغاز التقليدية إلى النفط والغاز والطاقة الجديدة بشكل متزامن، كما يتسارع ويتطور التعاون في المجالات الناشئة باستمرار. وفي 6 مايو من هذا العام، صرح وزير الطاقة السعودي عبد العزيز بن سلمان في اجتماع منتدى بواو الآسيوي في الرياض، أن التعاون بين المملكة العربية السعودية والصين لم يعد يقتصر على مجال البتروكيماويات التقليدي، وسيواصل الطرفان الانخراط في تنفيذ تعاون أكثر شمولاً وعمقًا في قطاعات متعددة وسلسلة الصناعة بأكملها، كما سيتوصل صندوق الاستثمارات العامة السعودي إلى المزيد من اتفاقيات الاستثمار الجديدة مع الصين.
صورة جوية تم التقاطها في نوفمبر 2023 لمحطة الظفرة للطاقة الكهروضوئية الواقعة في جنوب أبو ظبي، الإمارات العربية المتحدة. الصورة مقدمة من شركة هندسة الآلات الصينية فرع أبو ظبي
وفي عام 2023، نمت صادرات الصين من سيارات الطاقة الجديدة وبطاريات الليثيوم والمنتجات الكهروضوئية، بشكل ملتفت على خلفية ضعف التجارة العالمية، مع نمو سنوي بلغ 29.9%. وقال باسل شديد، خبير الاستثمار في مجموعة الخليج للاستشارات الصناعية مؤخرا، إن بناء المزيد من قواعد إنتاج السيارات الكهربائية، ومصانع البطاريات، ومحطات الطاقة الشمسية هو الهدف التنموي لدول مجلس التعاون الخليجي في السنوات القليلة المقبلة، ويتوقع أن تتحقق هذه الأهداف في أقرب وقت ممكن من خلال تعزيز التعاون مع الشركات الصينية.
التعاون في مجال الفضاء الجوي والأقمار الصناعية يزدهر
يشهد التعاون الصيني العربي في مجال الأقمار الصناعية ازدهارا مستمرا في السنوات الأخيرة، مما أضاف بعدا جديدا للتعاون العلمي والتكنولوجي الصيني العربي. وقد تم بنجاح عقد العديد من منتديات تعاون بيدو الصينية العربية، وتم تعزيز آلية التعاون الصينية العربية لنظام بيدو بشكل مستمر، وحقق التعاون نتائج عملية. وفي تونس، تم إنشاء مركز بيدو الصيني العربي محليا، وهو أول مركز خارجي لنظام بيدو الصيني للملاحة عبر الأقمار الصناعية. وفي الكويت، ساعد نظام بيدو في بناء مبنى المقر الرئيسي لبنك الكويت الوطني الذي يبلغ ارتفاعه 300 متر. وفي لبنان، يتم تطبيق تقنية بايدو عالية الدقة في المسح الإنشائي لمحطة ميناء بيروت.
في 11 ديسمبر 2017، أطلقت الصين بنجاح القمر الصناعي للاتصالات الجزائر-1 باستخدام الصاروخ الحامل لونغ مارش-3 بي من مركز شيتشانغ لإطلاق الأقمار الصناعية. صورة /وكالة أنباء شينخوا، جو تشن هوا
أطلقت الصين بنجاح قمر الاتصالات الجزائر-1، والقمر الصناعي السعودي5B /A5، والقمر الصناعي السوداني للتجارب العلمية-1. وفي ديسمبر من العام الماضي، أطلقت الصين بنجاح القمر الصناعي مصر-2 لتقديم الدعم لمصر لتحسين مستوى اتخاذ القرار في مجالات الاقتصاد الوطني ومعيشة الشعب، مثل تعداد الأراضي والموارد، ورصد وتقييم الكوارث البيئية، وتخطيط التنمية الحضرية، وتقييم نمو المحاصيل الزراعية الحرجية.
ويعتقد لين لوتشو، نائب رئيس الجمعية الصينية للملاحة وتحديد المواقع عبر الأقمار الصناعية، أن تكنولوجيا الأقمار الصناعية الفضائية الصينية التي تمثلها بيدو لها أهمية رائدة وإيضاحية مهمة في مساعدة الدول العربية على تحقيق الاعتماد على الذات علميًا وتكنولوجيًا وتطوير تقنياتها المتقدمة، وهي بمثابة نموذج للتقدم المشترك للتعاون العلمي والتكنولوجي الصيني العربي.