حضر الرئيس شي جين بينغ حفل افتتاح المؤتمر الوزاري العاشر لمنتدى التعاون الصيني-العربي في صباح يوم 30 مايو الجاري وألقى كلمة رئيسية، أعرب خلالها عن استعداده لمواصلة تعزيز التنمية السريعة للعلاقات الصينية ـ العربية، وأن القمة الصينية ـ العربية الثانية ستعقد في الصين في عام 2026، "أعتقد أن هذا سيصبح علامة فارقة أخرى في العلاقات الصينية ـ العربية”. وليس هناك شك في أن مجتمع ذي مصير مشترك بين الصين والدول العربية الذي يواجه العصر الجديد يتقدم بسرعة، والتصفيق الحار من مكان الحدث هو الأصدق رد من الدول العربية. وبالنسبة للسلام والاستقرار العالميين، فإن التوافق الصيني ـ العربي السياسي والتنموي والأمني والحضاري، له آثار عميقة أيضًا.
كيف يبدو مجتمع ذي مصير مشترك بين الصين والدول العربية؟ في خطابه، حدد الرئيس شي مخططها من أربعة اتجاهات:
بمثابة معيار للحفاظ على السلام والاستقرار العالميين، ونموذج للتعاون عالي الجودة في إطار الحزام والطريق، ونموذج للتعايش المتناغم بين الحضارات المختلفة، ونموذج لاستكشاف المسار الصحيح للحوكمة العالمية. وهذا نموذج جديد تمامًا للتعايش، لم يسبق له مثيل من قبل في الشرق الأوسط، وسوف يكتب حاشية حية للسلام والتنمية في هذه الأرض التي غالبًا ما تعيش حالة من الاضطرابات. وإذا كان هناك أي "كتاب سري" قادر على تجاوز الجغرافيا السياسية، فهو الكلمات التالية التي تتقاسمها الصين بإخلاص: التسامح والتعلم والتعاون والمساواة والمنفعة المتبادلة.
تمر العلاقات الصينية ـ العربية حاليا بأفضل فتراتها في التاريخ. وأقامت الصين على التوالي شراكات استراتيجية شاملة أو شراكات استراتيجية مع 14 دولة عربية وجامعة الدول العربية، وأصبح العالم العربي منطقة ذات تركيز عال من شراكات استراتيجية مع الصين. ويعد مجتمع ذي مصير مشترك بين الصين والدول العربية واضحا وملموسا. وخلال القمة الأولى بين الصين والدول العربية في ديسمبر 2022، اقترح الرئيس شي "الأعمال الثمانية المشتركة الرئيسية" للتعاون العملي بين الصين والدول العربية. وفي غضون ما يزيد قليلاً عن عام، حققت "الأعمال الثمانية المشتركة الرئيسية" مكاسب مبكرة مهمة في مجالات العلوم والتكنولوجيا، والاقتصاد والتجارة، والطاقة، ومعيشة الناس. وخلال الاجتماع الوزاري، وقعت الصين والدول العربية وثائق تعاون مثل إعلان بكين وخطة تنفيذ عمل منتدى التعاون الصيني ـ العربي من عام 2024 إلى عام 2026، والتي تضمنت مراجعة للتوافق المهم والتقدم المحرز في تنفيذ اتفاقية التعاون بين الصين والدول العربية منذ القمة الصينية ـ العربية الأولى، وكذلك خطة الصين والدول العربية لتعزيز بناء آلية المنتدى في العامين المقبلين، ما يستجيب لمختلف المخاوف العامة بشأن هذا الاجتماع ويسلط الضوء أيضًا على الاتجاهات المستقبلية للتعاون الصيني ـ العربي.
والجدير بالذكر أنه استنادا إلى "الأعمال الثمانية المشتركة الرئيسية"، اقترحت الصين"خمسة أنماط تعاون رئيسة"، بما في ذلك الابتكار، والتمويل، والطاقة، والاقتصاد والتجارة، والتبادلات الثقافية، والتي ترتبط الأربعة الأولى منها بالإنتاجية الجديدة. وليس من الصعب أن نرى أن بناء مجتمع ذي مصير مشترك بين الصين والدول العربية هو أيضًا طريق سريع لمواجهة المستقبل وتحقيق تحديث بلدانهم. ويشكل هذا أهمية خاصة بالنسبة للتعاون بين بلدان الجنوب، الذي يسعى إلى تحقيق هدف مهم يتمثل في متابعة طريق التحديث.
إن الشرق الأوسط أرض خصبة للتنمية، لكن الحرب ما زالت مشتعلة على هذه الأرض. ومنذ شهر أكتوبر من العام الماضي، اندلع الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي مرة أخرى، مما أدى إلى سقوط عدد كبير من الضحايا بين المدنيين الأبرياء، وأدى إلى أزمة إنسانية خطيرة، ولا يمكن لأي دولة أو شعب محب للسلام أن يظل غير مبال. كما تعد القضية الفلسطينية موضوعا هاما في هذا الاجتماع الوزاري. وخلال هذا اللقاء، أشار الرئيس شي إلى أن الصين تدعم بقوة إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وتتمتع بالسيادة الكاملة، وحصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وعقد مؤتمر سلام دولي أكبر وأكثر موثوقية وفعالية. وفي الوقت نفسه، أصدرت الصين والدول العربية بشكل مشترك "البيان المشترك بين الصين والدول العربية بشأن القضية الفلسطينية"، وهو توافق مهم بين الصين والدول العربية بشأن القضية الفلسطينية ـ الإسرائيلية.
لقد وقف منتدى الصيني ـ العربي صامداً في وجه العواصف وأظهر حيوية قوية وجاذبية على نحو متزايد في السنوات العشرين التي تلت إنشاء المنتدى، بالرغم من أن الشرق الأوسط شهد العديد من التغييرات مثل حرب العراق و"الربيع العربي". وإن لدى الناس كل الأسباب التي تجعلهم يتوقعون أن القمة الصينية ـ العربية الثانية والترتيبات الأكثر مؤسسية بين الجانبين في المستقبل سوف توفر دعما أكثر استقرارا وقوة للسلام والتنمية في الشرق الأوسط. كما أن التعميق المستمر للتعاون الصيني ـ العربي سوف يستمر في إثبات أن "رقعة الشطرنج الجيوسياسية" و"صندوق البارود" ليسا بأي حال من الأحوال مصير هذه المنطقة.
وتجدر الإشارة إلى أن التعاون الصيني ـ العربي لا يستهدف أطرافا ثالثة، كما أنه ليس حصريا. وأن مكاسب السلام وعوائد التنمية التي ستجلبها إلى الشرق الأوسط ستظهر بشكل أكبر مع تقدم بناء مجتمع ذي مصير مشترك بين الصين والدول العربية. وفي هذه العملية، نرحب بمشاركة البلدان التي تتمسك بنفس القيم، وهو أمر بديهي في دورها في السلام والاستقرار العالميين.
لقد سلكت الصين والدول العربية طريق التعاون الجماعي وأظهرت قوة جبارة أذهلت العالم. وقد فتح بناء مجتمع ذي مصير مشترك بين الصين والدول العربية حقبة جديدة وصنع مستقبل العلاقات الصينية ـ العربية واعدة. ونتطلع إلى استمرار الحضارتين القديمتين، الحضارة الصينية والحضارة العربية، في خلق المزيد من المعجزات في الرحلة الجديدة لبناء مجتمع ذي مصير مشترك، بما يعود بالنفع على بلدانهما وشعوبهما، ويسهم في السلام والتنمية في العالم.