الصفحة الرئيسية >> التبادلات الدولية

رئيس البرلمان العربي لصحيفة الشعب اليومية: المشهد الراهن والمشاريع التي يتم تنفيذها تشير إلى أن الدول العربية تخطو خطوات ملموسة للتعاون مع الصين

رئيس البرلمان العربي لصحيفة الشعب اليومية: المشهد الراهن والمشاريع التي يتم تنفيذها تشير إلى أن الدول العربية تخطو خطوات ملموسة للتعاون مع الصين

31 مايو 2024/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/ أكد رئيس البرلمان العربي عادل بن عبد الرحمن العسومي، على أن المنتدى الصيني ـ العربي يكتسب أهمية كبيرة بالنسبة للدول العربية، بالنظر إلى التقدم الكبير الذي وصلت إليه الصين في المجال التنموي، ويزيد من أهمية هذا المنتدى أن جمهورية الصين الشعبية لا تكتفي بالنمو أحادي الجانب، والاستئثار بمكتسباته لنفسها فقط، ولكنها تحرص على نقل خبرتها وتجربتها فيه إلى كافة الدول التي ترتبط معها بعلاقات شراكة، وفي مقدمتهم الدول العربية. وهو الأمر الذي لا يقتصر على مستوى واحد، ولكنه متعدد المستويات حيث يضم المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية والتكنولوجية.

قال العسومي في مقابلة صحفية مكتوبة مع صحيفة الشعب اليومية مؤخرا، إن علاقات الدول العربية مع جمهورية الصين الشعبية تضرب بجذورها في التاريخ، ويمكن القول إنها وصلت في المرحلة الحالية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية على كافة المستويات وفي كافة المجالات. وعند الحديث عن منتدى التعاون الصيني العربي الذي تأسَّس من خلال اتفاق بين جامعة الدول العربية وجمهورية الصين الشعبية في عام 2004، فإنه بلا شك يلعب دوراً محورياً في تسليط الضوء على المجالات التي يمكن من خلالها تعزيز التعاون والتآزر بين الدول العربية من جهة وجمهورية الصين الشعبية من جهة أخرى، وخاصة في المجالات التنموية والاقتصادية، وكذلك تنسيق المواقف بشأن وجود عدالة في النظام الدولي بعيداً عن الهيمنة الأحادية التي عانى منها العالم لسنوات عديدة.

وأشار العسومي إلى أن هناك تعاون واضح بين الدول العربية والصين لتنفيذ ما جاء في إعلان المنتدى من تحقيق للسلام، وتشجيع للاستثمار والتعاون الاقتصادي، مع تنسيق صيني عربي في مختلف القضايا السياسية في المحافل الدولية والإقليمية، فضلاً عن تعزيز التبادل الثقافي العربي الصيني الذي ازدادت وتيرته على مدار السنوات الماضية في عدة أوجه، من بينها دعم حركة الترجمة للكتب العربية والصينية. مضيفاً، أن ما يؤكد نجاح وتطور هذا المنتدى وقدرته على تحقيق تنمية أكبر مستقبلاً، هو نجاح جمهورية الصين الشعبية ودول مجلس التعاون الخليجي من خلال الحوارات المستمرة بينهما، تحت مظلة المنتدى، في الانتهاء من نحو 90% من اتفاق التجارة الحرة بينهما، والذي عند اكتماله سيشجع دول أخرى في المنطقة العربية لاتباع المسار نفسه مع جمهورية الصين الشعبية، كما أنه يحدث قدر من التوازن داخل المنطقة ويتصدى لمحاولات الهيمنة الغربية، وقد يدفع الدول الغربية لتغيير نهجها حرصاً على مصالحها مع دول المنطقة العربية.

كما نوه العسومي بالجوانب المهمة التي تميز سياسة جمهورية الصين الشعبية في علاقاتها مع الدول العربية، والمتمثلة في دعمها للدول العربية في استكشاف مسارات التنمية التي تناسب ظروفها الوطنية بشكل مستقل، وهذا أمر محل تقدير كبير من جانب الدول العربية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الصين تلتزم بشكل تام بمبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول واحترام وسيادة الدول، وهذه المبادئ تعزز بشكل كبير من مصداقيتها وتجعل لها كلمة مسموعة ومؤثرة على المستوى العالمي. وفي المقابل، فإن الدول العربية تدعم جمهورية الصين في القضايا التي تهمها، في مقدمتها مبدأ الصين الواحدة الذي تلتزم به كافة الدول العربية. وقد حرص البرلمان العربي على إعادة التأكيد على هذا المبدأ مؤخراً، وأكد البرلمان العربي في البيان أن ما شهدته أرض تايوان مؤخرًا من انتخابات لا يؤثر على مبدأ الصين الواحدة بأي حال من الأحوال.

وفيما يتعلق بالتعددية على مستوى النظام العالمي، قال العسومي، إن كل من الدول العربية وجمهورية الصين الشعبية يريدون نظاماً عالمياً أكثر عدالة بعيداً عن هيمنة وسيطرة قوة أحادية، معتقداً أن التعاون الوثيق بين الصين والدول العربية يخدم هذا الاتجاه، ويساهم في أن يكون هناك عالم متعدد الأقطاب. مضيفاً "نحن ننظر إلى انضمام العديد من الدول العربية إلى منظمات مثل مجموعة البريكس ومنظمة شانغهاي للتعاون، على أنه خطوات في الاتجاه الصحيح نحو عالم متوازن. " معرباً عن خالص شكره وتقديره للقيادة الصينية على دعمها الكبير لانضمام الدول العربية لتلك المنظمات.

كما أكد العسومي، على المتابعة عن كثب مختلف المبادرات التي أطلقتها جمهورية الصين الشعبية خلال العقد المنصرم، ولا شك أن مبادرة الحزام والطريق هي إحدى المبادرات العالمية الكبرى بسبب توسعها جغرافياً في مناطق مختلفة من العالم، وإسهامها في تحقيق الأمن والتنمية وخلق فرص عمل لمواطني مختلف الدول التي تتعاون مع بكين في تنفيذ هذه المبادرة. فمن جانب هي تساهم في تحسين وتطوير البنية التحتية في مختلف الدول، ومن جانب آخر، فهي تعزز المصالح المشتركة بين هذه الدول والصين، وهو ما يساعد على مجابهة مختلف التحديات التي تواجهها الدول، وفي مقدمتها التحديات الاقتصادية والتنموية، ولذلك ترحب جامعة الدول العربية بهذه المبادرة، كما تشترك أغلب الدول العربية في هذه المبادرة حرصاً منها على الاستفادة من المشروعات التنموية الكبرى التي سيتم تدشينها في إطار هذه المبادرة، وكذلك حرصها على تعزيز العلاقات مع جمهورية الصين الشعبية. كما تنظر الدول العربية إلى هذه المبادرة على أنها مشروع عالمي ضخم للبنية التحتية والتنمية الاقتصادية تربط أوروبا وآسيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية وأفريقيا. وسوف تزيد هذه المبادرة من الاعتماد العربي والعالمي على الصين. وقال ايضاً: "بحكم اهتمام البرلمان العربي بالدبلوماسية البرلمانية والتنمية والنمو الاقتصادي، فإنه ينظر بطريقة إيجابية جداً لهذه المبادرة التي تخلق حالة من التعاون والتآزر بين مختلف شعوب العالم، بجانب إسهامها في تحقيق نمو اقتصادي يلبي تطلعات الشعوب. كما يدعم البرلمان العربي ويحث الدول العربية على إصدار قوانين وطنية تدعم بيئة الاستثمار، وتعزز من تنفيذ المشاريع المرتبطة بمبادرة الحزام والطريق داخل دول المنطقة العربية.

وحول الدعم الصيني الدائم وبقوة للقضية العادلة للشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه الوطنية المشروعة، وتلتزم دائما بالتوصل إلى حل شامل وعادل ودائم للقضية الفلسطينية. أعرب العسومي، عن تقديره للمواقف المشرفة لجمهورية الصين الشعبية تجاه القضية الفلسطينية بمعزل عن جهودها الحثيثة لتحقيق الأمن والاستقرار والسلام الإقليمي. مؤكدا أن الدول العربية تعتبر الصين أحد أهم القوى العالمية الداعمة للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني والداعمة لحل القضية الفلسطينية وفق حل الدولتين. قائلا:" نحن نتابع المواقف الإيجابية والمحترمة لجمهورية الصين الشعبية إزاء العدوان الهمجي الذي يقوم به كيان الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة على مدار نحو ثمانية أشهر بشكل مباشر، ونشيد بالجهود الصينية ومواقفها القوية في مجلس الأمن الدولي من أجل التوصل إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار، ولكننا في كل مرة نصطدم بما يسمى الفيتو الأمريكي، وهذا يؤكد لنا مجدداً أهمية أن يكون هناك نظام دولي عادل متعدد الأقطاب."

كما اشار العسومي إلى الجهود الكبيرة التي بذلتها جمهورية الصين الشعبية من أجل التوصل إلى الاتفاق السعودي الإيراني الذي ساهم بشكل كبير في استئناف العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية إيران الإسلامية، مما ساهم في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، بالنظر إلى ثقل الدولتين على المستويين الإقليمي والعالمي، وانعكاس ذلك على أمن واستقرار المنطقة العربية من جانب آخر. قائلا:" نحن نثمن مواقف الصين الداعمة لحل الأزمات الأخرى القائمة في المنطقة العربية، وفي مقدمتها الأزمة اليمنية والليبية والسورية."

ومضيفاً:” البرلمان العربي يثمن كثيراً المبادرات الثلاث العالمية التي طرحها فخامة الرئيس الصيني، وهي: "مبادرة الحضارات العالمية، ومبادرة التنمية العالمية، ومبادرة الأمن العالمي"، ونرى أنها تخدم الأمن والسلم الإقليمي والعالمي وتحقق الاستقرار والتنمية لجميع دول العالم، وبشكل خاص الدول النامية ومنها الدول العربية. ويؤكد دائماً البرلمان العربي على أن هذه المبادرات تمثل نموذجاً مهماً، لما ينبغي أن تكون عليه سياسات القوى الدولية. لذلك، تحظى هذه المبادرات بثقة وتقدير واحترام المجتمع الدولي."

كما أكد العسومي ان فكرة مجتمع ذي مصير مشترك بين الصين والدول العربية فكرة ممتازة تعزز من التضامن بين الشعبين العربي والصيني، وتعكس هذه الرؤية اهتمام الصين بالإنسان في المقام الأول، وإيمانها بأن البشرية كلها يجب الاهتمام بها بنفس القدر، وعلى قدم المساواة، لأن مستقبل البشر واحد ولا فوارق بين بعضهم البعض، كما أن بناء الإنسان سيؤدي إلى بناء دول متقدمة مزدهرة. منوها على أن هذا المفهوم يرسخ لعلاقات صينية عربية تقوم على الصداقة والتعاون والمنفعة المتبادلة وليس على التنافس والصراع، وهو ما من شأنه أن يستكمل طريق الحرير الذي ربط الصين بالمنطقة العربية منذ ما يصل إلى 2000 عاماً، ويطور طريق عالمي يظلله السلام والتنمية اللذان سيصبان في مصلحة الشعوب.

ويتوقع العسومي انه على المدى القريب ستزداد متانة العلاقات العربية الصينية بالنظر إلى المصالح المشتركة بين الطرفين، واحترام الصين لخصوصية الدول وعدم التدخل في شؤونها الخاصة. وفي ظل ما تتمتع به الدول العربية، من مكانة محورية وبارزة في مجال الطاقة، فإن هذا المجال سيحقق نمواً خلال السنوات القادمة، خاصة أنه من المعروف أن بكين دولة صناعية كبرى تهتم كثيراً بهذا الملف من أجل تأمين احتياجاتها التي تساعدها على الحفاظ على وتيرة التقدم الصناعي الذي تحققه. وأنه بجانب مجال الطاقة، فهناك المجال الاقتصادي والذي تلعب فيه بكين دوراً ملحوظاً في مختلف بقاع الأرض، وبالحديث عن الدول العربية، فإن هناك توسع واضح للنشاط الاقتصادي الصيني من خلال المشاريع الاستثمارية الكبرى التي يتم تنفيذها بشركات صينية. وعلى الصعيد التكنولوجي، فقد وثبت الصين وثبات قوية في مجال تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، مصيفاً:" في ضوء تطلع دول الدول العربية المختلفة لأن يكون لها مكانتها في هذا المجال، وفي ظل حرص بكين على نقل ما وصلت إليه من خبرة تكنولوجية إلى مختلف الأطراف، فإنني أرنو إلى تعاون أكبر في هذا المجال، علماً بأن هناك تعاون عميق قائم بالفعل بين بعض الدول العربية والصين في هذا الصدد."

وخلص العسومي قائلاً:" إن هناك ثمان مجالات سيزداد التعاون العربي الصيني فيهما على المدى القصير، وهم "دعم التنمية والأمن الغذائي والصحة العامة والابتكار الأخضر وأمن الطاقة والحوار بين الحضارات وتنمية الشباب والأمن والاستقرار"، وأؤكد أن قراءاتنا للمشهد الراهن والمشاريع التي يتم تنفيذها تشير إلى أن الدول العربية تخطو خطوات ملموسة للتعاون مع الصين في هذه المجالات."

صور ساخنة