هانغتشو 29 مايو 2024 (شينخوا) في وسط مدينة ييوو المعروفة بأنها "سوق العالم للسلع الصغيرة" بمقاطعة تشجيانغ شرقي الصين، يوجد مطعم عربي يسمى "بيتي". كل مساء، يعج مطعم "بيتي" بالناس، ويرحب صاحب المطعم الأردني مهند علي محمد شلبي بالزبائن باللغتين الصينية والعربية.
وفي 5 يونيو 2014، ذكر الرئيس الصيني شي جين بينغ قصة مهند في خطاب رئيسي ألقاه في مراسم افتتاح الاجتماع الوزاري السادس لمنتدى التعاون الصيني-العربي، قائلا إنه في مدينة ييوو، حيث يجتمع رجال الأعمال العرب، افتتح التاجر الأردني مهند مطعما عربيا أصيلا وقد جلب ثقافة الطعام العربي الأصلي إلى ييوو، محققا أيضا نجاحا مهنيا في ييوو، وفي النهاية وقع في حب فتاة صينية وتزوج منها و"رسخ جذوره في الصين". وأضاف الرئيس شي: "قام شاب عربي عادي بدمج حلم حياته في الحلم الصيني المتمثل في سعي الشعب الصيني إلى تحقيق السعادة. وعمل بمثابرة وعاش حياة رائعة، وقدم نموذجا مثاليا للدمج بين الحلم الصيني والحلم العربي".
جاء مهند إلى الصين لتحقيق حلمه عام 2000، وبعد ذلك بعامين، وقع في حب فتاة صينية تسمى ليو فانغ وتزوج منها. كان يعمل كمساعد في أحد المطاعم، وبعد عدة سنوات من الخبرة في المجال، قرر بدء عمل تجاري في الصين واختار مدينة ييوو لفتح مطعم، حيث أن ييوو "بحر من السلع الصغيرة" يقوم فيها أشخاص من جميع أنحاء العالم بأعمال تجارية.
افتتح مهند مطعم "الزهرة" عام 2004. وتقع سوق ييوو التجارية الدولية قرب المطعم حيث يأتي رجال الأعمال الأجانب كل يوم حاملين حلم الثراء والرخاء. وعلى الرغم من افتتاح العديد من المطاعم الأجنبية في الجوار، ما زال تدفق الزبائن على مطعمه في ازدياد، ما دفعه لترقية مطعم "الزهرة" وتوسيع مساحته وإعادة تسميته إلى "بيتي" عام 2018.
واليوم، تطور المطعم إلى مطعم يقدم مأكولات شرق أوسطية مساحته 3000 متر مربع مكون من ثلاثة طوابق، ويمكنه استيعاب 400 شخص لتناول الطعام في نفس الوقت. وهو لا يسمح للأجانب بالاستمتاع بأطباق مسقط رأسهم فحسب، بل أصبح أيضا ذا شعبية كبيرة بين الصينيين.
وقال مهند: "في الماضي، نادرا ما كان الصينيون يأتون إلى مطعمي لتناول الطعام بمفردهم. وكان معظمهم صينيون يصطحبون عملاء تجاريين أجانب لتناول الطعام. ولكن الأمر مختلف الآن. إذ أصبح المزيد من الزبائن الصينيين يأتون إلى المطعم، وهم ليسوا رجال أعمال بل منهم أزواج أو عائلات".
واستنادا إلى ملاحظة مهند للسوق الصينية وتطور اقتصاد الإنترنت السريع، بدأ مطعم "بيتي" تقديم الخدمة على المنصتين المشهورتين على الإنترنت في الصين "داتشونغديانبينغ" و"ميتوان" لتسهيل التعرف على ميزات المطعم وتقديم الطلبات والحجز في أي وقت ومن أي مكان عبر الإنترنت.
وقال مهند: "لا نريد فقط أن نكون "مطبخا" للأصدقاء العرب الذين يأتون إلى ييوو، ولكننا نريد أيضا أن نصبح مطعما للمستهلك الصيني لتجربة طعام الشرق الأوسط، بحيث لا يكون للطعام حدود".
وقد أصبح مطعم "بيتي" مطعما مشهورا على الإنترنت في ييوو خلال عطلة عيد العمال للعام الجاري، حيث وصل تدفق الزبائن في المطعم إلى مستوى قياسي كما بلغ متوسط الدخل اليومي للحجوزات عبر الإنترنت خلال العطلة 200 ألف يوان (حوالي 27600 دولار أمريكي).
"كنا في رحلة ليوم واحد وأتينا مباشرة إلى هنا عبر القطار فائق السرعة"، قالت السيدة وانغ من مدينة هانغتشو، حاضرة مقاطعة تشجيانغ. وبالإضافة إلى زيارة سوق ييوو التجارية الدولية في نهاية الأسبوع، جاءت في رحلة خاصة لتذوق الطعام الشرق أوسطي. السيدة وانغ ليست استثناء، إذ يذهب المزيد من الشباب الصينيين إلى ييوو في نهاية الأسبوع، إما لتجربة "سياحة الشراء" أو لتذوق نكهات طبق من الشواء المختلط.
وبفضل تدفق الزبائن الكبير، تجاوز عدد التقييم عبر الإنترنت لمطعم "بيتي" من قبل رواد المطعم الصينيين 3000 تقييم. وقال مهند: "أقرأ جميع تقييمات الزبائن. لقد قمنا بإضافة أطباق جديدة لتناسب أذواق المستهلك الصيني الذي يفضل المذاقين المالح والحار".
ويعد مسار ريادة الأعمال الذي انطلق فيه مهند مجرد صورة مصغرة. حيث يأتي المزيد من الأجانب إلى الصين، ويتغلغلون في السوق الصينية، وتمتد أعمالهم من صناعة التجارة التقليدية إلى صناعة الخدمات المتمثلة في تقديم الطعام، كما يستفيدون من مزايا انفتاح مجال خدمات الحياة اليومية وتكنولوجيا الإنترنت. وقد حققوا أحلامهم لريادة الأعمال وأصبحوا رابطا حيا في البناء المشترك لـ"الحزام والطريق".
وقال مهند: "أحب الصين كثيرا وأحب ييوو. في السنوات الأخيرة، ازداد عدد الأجانب الذين يأتون إلى ييوو للقيام بأعمال تجارية، وأعمالهم التجارية تتحسن يوما بعد يوم! وكما قال الرئيس شي، لقد رسخت جذوري في الصين".
وأعرب مهند عن ثقته الكبيرة في السوق الاستهلاكية الصينية، ويرى أن الشعب الصيني يتمتع بقدرة شرائية قوية وأن السوق منفتحة للغاية، وسيواصل زيادة الاستثمار في ييوو في المستقبل.