بكين 4 مايو 2024 (شينخوا) في عام 1978، وهو العام الذي انفتحت فيه الصين، حط آلان ميريو، رئيس مؤسسة ميريو، في الصين لأول مرة لتقديم اللقاحات التي طورها معهد ميريو إلى المجتمع العلمي الصيني.
شكلت هذه الزيارة بداية علاقته مع الصين التي استمرت لعقود. ومنذ ذلك الحين، سافر إلى هذه الدولة الآسيوية عدة مرات، وانخرط في تعاون مكثف مع الصين في مجال اللقاحات والتشخيص الطبي والوقاية من الأمراض المعدية ومكافحتها.
في أبريل، التقى الرئيس الصيني شي جين بينغ، ميريو وعقيلته شانتال في بكين. وخلال اللقاء، أعرب شي عن تقديره للدعم طويل الأمد الذي قدمه الزوجان والمؤسسة لتنمية العلاقات الصينية-الفرنسية وقضية الصحة في الصين.
مع وجودها لأكثر من 40 عاما في الصين، تقف عائلة ميريو شاهدا على العلاقات الصينية-الفرنسية، التي تحتفل بمرور 60 عاما على إقامتها هذا العام، وتساهم فيها.
-- دعم ثابت
أشار ميريو، الذي يتعاون مع الشركاء الصينيين لتعزيز تنمية الصحة العامة، إلى أن مؤسسة ميريو تلتزم دائما بمبدأ "في الصين، مع الصين، من أجل الصين". وقد أنشأوا معا مختبرات عالية المستوى للسلامة البيولوجية من أجل التصدي بصورة مشتركة لتحديات الصحة العامة مثل السارس وأنفلونزا الطيور وجائحة كوفيد-19.
منذ عام 1978، وهو العام الذي زار فيه ميريو الصين لأول مرة، اتسع نطاق التعاون تدريجيا ليشمل التشخيص الطبي، وعلم المناعة، ومراقبة سلامة الأغذية، والوقاية من الأمراض المعدية ومكافحتها. وفي عام 1997، أنشأت شركة بيوميريو مكتبا في بكين. وفي عام 2004، تم إنشاء مقر الشركة لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في شانغهاي.
حصل معهد ميريو على 37 براءة اختراع ونشر أكثر من 20 ورقة بحثية من مشاريعه التعاونية في شانغهاي. واليوم، أصبحت شانغهاي ثالث أكبر قاعدة للشركة على مستوى العالم فيما يتعلق بالبحث والتطوير والإنتاج والتشغيل، حسبما قال ليانغ جي، رئيس مختبر البحث والتطوير المشترك لشركة (بيوميريو جريتر تشاينا).
في 18 ديسمبر 2018، عندما جرى الاحتفال بالذكرى الـ40 لتطبيق سياسة الإصلاح والانفتاح، حصل على وسام الصداقة للإصلاح الصيني، مع الشهادة التي تحمل الرقم 001.
وحول مشاعره الجياشة تجاه الصين، قال ميريو ذات مرة إنه "الفرنسي الذي تتدفق في عروقه دماء معظمها دماء صينية" وأشاد بالصين لتحقيقها تنمية ذات شهرة عالمية خلال العقود القليلة الماضية واضطلاعها بدور متزايد الأهمية على الصعيد الدولي.
وذكر "بالنسبة لنا، أصبحت الصين مركزا صناعيا وبحثيا مهما حيث يمكننا تطوير شراكات عالية المستوى وطويلة الأجل في مجالي التشخيص الطبي وسلامة الأغذية"، مضيفا أن "دعمي للصين سيظل 100 في المائة كالعادة".
-- علاقة قائمة منذ عقود
جاءت بدايات علاقة ميريو مع الصين عن طريق والد زوجته بول بيرليه. فقبل فترة طويلة من إقامة الصين وفرنسا للعلاقات الدبلوماسية، عزز بيرليه التعاون بين فرنسا والصين في صناعة السيارات.
وفي عام 1975، أثناء زيارة دنغ شياو بينغ إلى فرنسا، رافقه ميريو ووالد زوجته لزيارة مصنع للسيارات، حيث عمل ودرس دنغ والجيل الأقدم من الثوريين. "في لحظة كهذه، يمكنك أن تتلمس المشاعر. فأساس الصداقة بين الصين وفرنسا عميق للغاية"، حسبما قال.
كان جده، مارسيل ميريو، طالبا ومساعدا للويس باستور، "أبو علم الأحياء الدقيقة". وفي نهاية القرن الـ19، أسس معهد ميريو لمكافحة انتشار مرض السل في أوروبا. وقد أرسى ذلك أساسا متينا لتعاون العائلة مع مؤسسات الصحة العامة في الصين.
كان شي قد التقى في أواخر خريف عام 2012 ميريو في بكين. وأعرب شي عن تقديره لاهتمام المؤسسة الفرنسية بجهود الصين في مجال الصحة العامة ودعمها لها، وأعرب عن أمله في أن تواصل المؤسسة دعم جهود الصين لتحسين الرعاية الطبية في البلاد.
قام شي في مارس 2014 بزيارة خاصة إلى مركز بيوميريو للأبحاث في ليون خلال زيارته لفرنسا. وتذكر ميريو قائلا "لقد كانت زيارة لا تُنسى بالنسبة لنا"، مضيفا أن "الرئيس شي تطرق في حديثه إلى صداقتنا ومساهمة عائلتنا في الصداقة بين فرنسا والصين".
وقال ميريو "إنني أحب الصين من أعماق قلبي، وهذه المشاعر العميقة نمت بداخلي على مدى سنوات".
-- معا من أجل المستقبل
بمناسبة الذكرى الـ60 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين وفرنسا، ذكر ميريو أنه في الوقت الحالي، "يتعين على الشعبين الصيني والفرنسي التعاون بشكل أوثق".
خلال وجوده ببكين في أبريل، زار معهد بيولوجيا مسبّبات الأمراض التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الطبية لتدشين مختبر كريستوف ميريو الجديد.
تأسس المختبر الأصلي في عام 2005 والتزم بإجراء بحوث حول الأمراض المعدية الناشئة. وقد طُبقت تقنياته ذات الصلة في أكثر من 10 بلدان نامية. وتم تسمية المختبر على اسم ابن ميريو الراحل تكريما لمساهماته البارزة.
قال ميريو "لقد رأيت أنا وزوجتي تمثال كريستوف واسمه يظهران في أبرز معاهد الأبحاث الطبية بالصين. في تلك اللحظة، تأثرت مشاعري لدرجة تعجز الكلمات عن وصفها".
يتطلع ميريو إلى تعميق التعاون الطبي والصحي مع الصين، كما يضع العالم الأوسع نصب عينيه، آملا في تقاسم نتائج التعاون مع المزيد من الدول النامية.
ولفت ميريو إلى أنه "من أجل مواجهة الخطر المتزايد الذي تمثله الأمراض المعدية، يتحتم على البلدان في جميع أنحاء العالم تجاوز الخلافات السياسية والانخراط في تعاون طويل الأجل. ولتحقيق ذلك، ينبغي على جميع الدول تقاسم الموارد العلمية والطبية والتكنولوجية. ويتعين على الصين وفرنسا القيام بدور في هذا المسعى".
ودعا ميريو إلى زيادة الاستثمار في الشركات الناشئة والمستشفيات ومؤسسات البحوث. وأعرب عن أمله في التعاون مع المزيد الأفراد والمنظمات المتشابهين في التفكير "للسعي من أجل السلام والصداقة، والسعي من أجل المُثل العليا المشتركة، والسعي من أجل قضية الصحة البشرية".