بكين 28 أبريل 2024 (شينخوا) أجرى وانغ يي عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني وزير الخارجية الصيني مؤخراً مقابلة تحريرية مع شبكة الجزيرة الإعلامية القطرية. وفيما يلي النص الكامل للمقابلة:
1. معالي الوزير وانغ؛ خصصتم حيزاً مهماً من المؤتمر الصحفي الأخير على هامش اجتماعات مجلس نواب الشعب للحديث عن الحرب في غزة. ما هي الخطوات التي يُمكن للصين أن تتخذها للضغط من أجل الوقف الفوري لإطلاق النار؟
جـ: إن استمرار الصراع في غزة أسفر عن كارثة إنسانية ما كان يجب لها أن تحصل، وقد تجاوز الخط الأحمر للحضارة الحديثة. وعلى مدى نحو نصف عام، أدى الصراع إلى مقتل وإصابة أكثر من مائة ألف شخص ونزوح أكثر من مليون شخص، فلا بدّ للمجتمع الدولي أن يتحرك بشكل عاجل.
يعتبر الدفع نحو تحقيق وقف إطلاق النار ومنع القتال في أسرع وقت ممكن مقدمة الأولويات في الوقت الحالي. إن إطالة الحرب تعني تحدياً متزايداً لضمير البشرية وتقويضاً مستمراً لأساس العدالة. وبفضل الجهود المشتركة المبذولة من قبل كافة الأطراف، اعتمد مجلس الأمن الدولي مؤخراً أول قرار يطالب بوقف إطلاق النار منذ اندلاع الصراع في غزة، وهذا القرار ملزم، ولا بد من تنفيذه بشكل فعّال، بهدف تحقيق الوقف الفوري والدائم وغير المشروط لإطلاق النار.
ثانياً، من الضروري ضمان وصول الإغاثة الإنسانية بشكل مستدام وبدون عوائق، لأنه مسؤولية أخلاقية لا تتحمل أي تأخير. يرفض الجانب الصيني رفضاً قاطعاً منذ بداية الصراع التهجير القسري للمدنيين الفلسطينيين والعقاب الجماعي بحق سكان غزة، ويدعم بنشاط إقامة آلية للإغاثة الإنسانية في أسرع وقت، ويقدم باستمرار مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة. في المرحلة القادمة؛ سيواصل الجانب الصيني العمل مع المجتمع الدولي لحشد كافة الجهود لتنفيذ القرار بشأن وقف إطلاق النار وحماية المدنيين، وضمان وصول مواد الإغاثة الإنسانية إلى سكان غزة بشكل سريع وآمن ومستدام وبدون عوائق.
ثالثاً، من الضروري منع استمرار امتداد التداعيات السلبية الناجمة عن الصراع، وذلك يمثل حاجة واقعية للحيلولة دون خروج الأوضاع في المنطقة عن السيطرة. يعد التصعيد الأخير للنزاع بين إيران وإسرائيل أحدث تجسيد لامتداد تداعيات الصراع في غزة. يدعو الجانب الصيني الأطراف المعنية إلى الحفاظ على الهدوء وضبط النفس، تفادياً للمزيد من التصعيد للأوضاع المتوترة. وسيواصل الجانب الصيني بذل جهود حثيثة لتعزيز السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والمساهمة بطاقته في تهدئة الأوضاع، انطلاقاً من حيثيات الأمور وطبيعتها.
رابعاً، من الضروري تصحيح الظلم التاريخي الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني في وقت مبكر، باعتباره حلاً جذرياً للصراع في غزة. لقد أثبتت هذه المحنة في غزة مجدداً أن عدم تمكن الشعب الفلسطيني من الحصول على حقوقه الوطنية المشروعة منذ زمن طويل هو المصدر للقضية الفلسطينية وجوهر قضية الشرق الأوسط. لا يمكن الخروج النهائي من دوامة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وإزالة التربة التي تغذي الأفكار المتطرفة والكراهية بشكل جذري، وإحلال السلام الدائم في المنطقة، إلا من خلال إعادة العدالة للشعب الفلسطيني وتنفيذ "حل الدولتين" بشكل حقيقي وتسوية الهموم الأمنية المشروعة لكافة الأطراف سياسياً.
تحرص الصين على مواصلة العمل مع المجتمع الدولي بما فيه دول الشرق الأوسط لتعزيز التضامن والتعاون، والدعم الثابت للقضية العادلة للشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه الوطنية المشروعة، والدعم الثابت لدفع المصالحة بين الفصائل الفلسطينية عبر الحوار، والدعم الثابت لفلسطين في الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، والدعم الثابت للشعب الفلسطيني لتحقيق إقامة دولته المستقلة و"حكم فلسطين من قبل الفلسطينيين". ندعو إلى سرعة عقد مؤتمر دولي للسلام بمشاركة أوسع ومصداقية أكثر وفاعلية أكبر، ووضع الجدول الزمني وخارطة الطريق لتنفيذ "حل الدولتين"، بما يدفع نحو إيجاد حل شامل وعادل ودائم للقضية الفلسطينية في أقرب وقت، ويحقق التعايش السلمي بين دولتي فلسطين وإسرائيل والتعايش المتناغم بين الأمتين العربية واليهودية في نهاية المطاف.
2. كيف تنظرون للتصعيد في البحر الأحمر، خاصة وأن وزارة الدفاع الصينية قد أعلنت عن إرسال سفن مرافقة للسفن التجارية مصحوبة بأكثر من مائتي ضابط وجندي ووحدات من القوات الخاصة؟
جـ: إن مياه البحر الأحمر ممر دولي مهم لنقل البضائع والطاقة، وإن صيانة السلام والأمن والأمان في البحر الأحمر لأمر يساهم في الحفاظ على انسياب سلاسل الصناعة والإمداد العالمية ونظام التجارة الدولية، ويتفق مع المصالح المشتركة لدول المنطقة والمجتمع الدولي. لقد أعرب الجانب الصيني عن انشغاله الشديد إزاء التصاعد المتواصل للأوضاع المتوترة التي يشهدها البحر الأحمر منذ فترة، وما نتج عن ذلك من التداعيات السلبية على مصالح دول المنطقة لا سيما الدول المطلة على البحر الأحمر، وزيادة المخاطر الأمنية في المنطقة برمتها، والتأثيرات السلبية على انتعاش الاقتصاد العالمي.
يتبنى الجانب الصيني موقفاً واضحاً للغاية من الوضع في البحر الأحمر، ويمكن تلخيصه بالنقاط الأربع التالية:
أولاً، يجب وقف العمليات التي تستهدف السفن المدنية التي تعبر البحر الأحمر، ولا توجد أي حجة تبرر استهداف المدنيين.
ثانياً، يجب على المجتمع الدولي أن يحافظ سوياً على سلامة الملاحة في مياه البحر الأحمر وفقاً للقانون، ويجب على كافة الأطراف أن تلعب دوراً بناء في تهدئة التوتر في البحر الأحمر.
ثالثاً، يكمن السبب الجذري وراء تصاعد الوضع في البحر الأحمر في صراع غزة، فمن الضروري تحقيق وقف إطلاق النار ومنع القتال في غزة في أسرع وقت ممكن، بما يحدّ من امتداد تداعيات الصراع من جذوره.
رابعاً، يجب الحفاظ بشكل جدي على السيادة وسلامة الأراضي للدول المطلة على البحر الأحمر بما فيها اليمن.
منذ تصعيد الوضع في البحر الأحمر، يُبقي الجانب الصيني على التواصل مع كافة الأطراف، وقد بذل جهوداً حثيثة من أجل تهدئة التوتر فيه. يهتم الجانب الصيني بالمطالب المشروعة لدول المنطقة وخاصة الدول المطلة على البحر الأحمر، ويحرص على تعزيز التنسيق مع دول المنطقة، ويعمل سوياً مع المجتمع الدولي على مواصلة لعب دور بناء في استعادة السلام والأمن والأمان في البحر الأحمر في أقرب وقت.
لا بد من الإيضاح بأن لا علاقة لعمليات المرافقة التي يقوم بها الأسطول البحري الصيني بالوضع الحالي في البحر الأحمر، حيث يأتي ذلك ضمن إطار مهمة المرافقة في خليج عدن والمياه قبالة الصومال المفوض بها من قبل مجلس الأمن الدولي. ومنذ عام 2008 أرسلت القوات البحرية الصينية على التوالي 45 دفعة من الأساطيل البحرية المُكوّنة من أكثر من 150 سفينة، وقد أكملت بشكل ممتاز مهام طرد القراصنة والإغاثة الإنسانية، ما قدّم مساهمة إيجابية في الحفاظ على سلامة الملاحة في المياه المعنية. سيواصل الجانب الصيني تنفيذ مبادرة الأمن العالمي والحفاظ على سلامة الممر البحري الدولي، وبذل جهود دؤوبة بخطوات ملموسة لبناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.
3. دعوتم مراراً إلى عقد قمة سلام دولية لحل الأزمة الأوكرانية عن طريق المفاوضات، ما مدى قدرة الصين على لعب دور الوساطة في هذه المفاوضات باعتبارها الشريك الاستراتيجي الأول لروسيا؟ وأي ضغوط يمكن لبكين أن تمارسها على موسكو من أجل وقف الحرب؟
جـ: إن الموقف الصيني من الأزمة الأوكرانية دائم وواضح وشفاف. ليست الصين صاحب الشأن في الصراع، وليست صانعاً للأزمة، لكنها لم تتفرج عن بعد. لقد ظلّ الجانب الصيني يسعى إلى وقف إطلاق النار وإنهاء القتال على مدى أكثر من سنتين منذ التصعيد الشامل للأزمة. أجرى الرئيس شي جين بينغ تواصلاً شخصياً وبشكل مُعمّق مع قادة الدول بما فيها روسيا وأوكرانيا، مشدداً على أن مفاوضات السلام هي المخرج الوحيد، وأمِل من جميع الأطراف أن تعمل سوياً على تهيئة الظروف المواتية لحل الأزمة عبر الحوار السياسي. كما أصدر الجانب الصيني ورقة الموقف على وجه الخصوص، وبعث لأكثر من مرة الممثل الخاص إلى الدول المعنية للقيام بوساطات مكوكية ونقل الرسائل وتوضيح المواقف، من أجل دفع كافة الأطراف لإيجاد القواسم المشتركة وترك الخلافات جانباً وبلورة التوافقات.
في الوقت الراهن، ما زالت مخاطر التفاقم والتصعيد لهذه الأزمة قائمة، ولذا ينبغي على المجتمع الدولي أن يعزز التضامن، ويحشد الجهود لتحقيق السلام، ويتخذ إجراءات ملموسة لتهدئة الصراع.
يتعين علينا دوماً أن نتمسك بالحل السياسي. لا ينتهي الصراع أو الحرب، أياً كان، في ساحة المعركة، بل على طاولة المفاوضات. يدعم الجانب الصيني عقد مؤتمر سلام دولي مقبول لدى الجانبين الروسي والأوكراني في وقت مناسب، وبمشاركة كافة الأطراف على قدم المساواة وتُناقَشُ فيه بشكل منصف جميع خطط السلام، بغية تحقيق وقف إطلاق النار في أسرع وقت ممكن.
يتعين علينا أن نتمسك دوماً بالموقف الموضوعي والعادل. ليست هناك عصا سحرية لحل الأزمة. ينبغي لجميع الأطراف أن تبدأ من أنفسها، وتهيئ الظروف المواتية لإنهاء القتال وإطلاق مفاوضات السلام عبر تراكم الثقة المتبادلة. يجب رفض الصيد في المياء العكرة أو صب الزيت على النار بشكل قاطع، ناهيك عن الانحياز إلى طرف ضد طرف آخر وإثارة المواجهة بين المعسكرات.
يتعين علينا أن نتمسك دوماً بمعالجة الأزمة من أعراضها ومسبباتها في آن واحد. تتطلب تسوية الأزمة من جذورها تفكيراً أعمق في القضية الأمنية. إن الإصرار على السعي وراء الأمن المنفرد والمطلق وتضييق الفضاء الأمني على الدول الأخرى بشكل تعسفي لأمر سيؤدي حتماً إلى الخلل في المنطقة وإثارة الصراع فيها. إن الجانب الصيني على استعداد للعمل مع المجتمع الدولي من أجل التمسك برؤية مفادها أن أمن الدول غير قابل للتجزئة، وتكريس مفهوم الأمن المشترك والمتكامل والتعاوني والمستدام، ومراعاة الهموم الأمنية المعقولة لكافة الأطراف، ودعم إنشاء معادلة أمنية إقليمية متوازنة وفعالة ومستدامة، ولعب دور بناء لإيجاد حل سياسي للأزمة بشكل مشترك، وتقديم مساهمات أكثر للحفاظ على الأمن والأمان الدائمين في المنطقة وتحقيق السلام الدائم في العالم.
4. فيما يتعلق بملف تايوان، تابعنا تصريحات عما إذا كانت الحكومة الصينية ستشن عمليات عسكرية في منطقة تايوان الصينية. فكيف تُقيّمون الوضع عبر مضيق تايوان في ظل التقارب بين منطقة تايوان الصينية والولايات المتحدة، واستمرار صفقات بيع الأسلحة الأمريكية إلى منطقة تايوان الصينية؟
جـ: إن تايوان جزء لا يتجزأ من الصين منذ القدم. ينص "إعلان القاهرة" الصادر عن حكومات الصين والولايات المتحدة والمملكة المتحدة في عام 1943 بكل وضوح على إعادة تايوان التي سرقتها اليابان إلى الصين. وتنص المادة الـ8 من "إعلان بوتسدام" الصادر في عام 1945 والهادف إلى إنهاء الحرب العالمية الثانية على أنه "يجب تنفيذ بنود إعلان القاهرة." كما أكد قرار الأمم المتحدة رقم 2758 مجدداً وبوضوح على مبدأ الصين الواحدة. لقد شكلت هذه الصكوك الدولية الملزمة قانونياً جزءاً من النظام الدولي لما بعد الحرب، ورسخت الأساس التاريخي والقانوني لكون تايوان جزءاً لا يتجزأ من أراضي الصين. ولذلك؛ إن مسألة تايوان هي من الشؤون الداخلية الصينية البحتة، وإن سبل إعادة توحيد الوطن الأم هي من شؤون الصينيين على جانبي المضيق بأنفسهم. سنسعى إلى إعادة التوحيد السلمي بأقصى جهد وأصدق نية. وفي الوقت نفسه؛ يكون خطنا الأحمر واضحاً جداً أيضاً، ألا وهو عدم السماح لأي أحد بفصل تايوان عن الصين بأي شكل من الأشكال.
إن الأوضاع الحالية في مضيق تايوان مستقرة بشكل عام، غير أنها تواجه أيضاً تحديات خطيرة. ويأتي أكبر تحدّ من الأنشطة الانفصالية لقوى "استقلال تايوان" وأعمال التشويش والتخريب من قبل القوى الخارجية. تعد قوى "استقلال تايوان" صانع المشاكل وأكبر مخرب للاستقرار في مضيق تايوان. لا بد من رفض "استقلال تايوان" بكل حزم من أجل الحفاظ على السلام في مضيق تايوان. تردد بعض الدول نداءات حول الحفاظ على السلام والاستقرار في مضيق تايوان، غير أنها تُسرّع سرّياً وتيرة تزويد الانفصاليين لـ"استقلال تايوان" بالأسلحة والمعدات. لا تؤدي هذه التصرفات إلا إلى زيادة مخاطر الصراع والمجابهة، وتشكيل تهديد خطير للسلام والاستقرار في مضيق تايوان والمنطقة. وفي مواجهة التشويش والتخريب من قبل القوى الخارجية، لن تقف الصين مكتوفة الأيدي وتتغاضى عن ذلك. ولا يمكن لأي أحد الاستخفاف بالعزيمة الراسخة والإرادة الثابتة والقدرة الجبارة للشعب الصيني على الدفاع عن سيادة الوطن وسلامة أراضيه.
أكد الرئيس شي جين بينغ أن إعادة التوحيد الكامل للوطن الأم لأمر يلبي تطلعات الشعب ويتماشى مع اتجاه العصر ويمثل حتمية التاريخ، ولا يمكن لأي قوة عرقلته. ستحقق الصين حتماً إعادة التوحيد الكامل، وستعود تايوان حتماً إلى حضن الوطن الأم. إننا على يقين أيضاً بأن المجتمع الدولي، بما فيه دول الشرق الأوسط، سيواصل الالتزام بمبدأ الصين الواحدة ودعم القضية العادلة للشعب الصيني لمناهضة الأنشطة الانفصالية الداعية لـ"استقلال تايوان" والعمل على تحقيق إعادة توحيد الوطن.
5. نختم بالانتخابات الأمريكية والعلاقة مع الولايات المتحدة. كيف تتابع الصين الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة وكيف تستشرف بكين مستقبل العلاقات الصينية الأمريكية؟
جـ: إن العلاقات الصينية الأمريكية تخص رفاهية الشعبين وتخص مستقبل البشرية والعالم. في نوفمبر الماضي، عقد الرئيس شي جين بينغ لقاء ناجحاً مع نظيره الأمريكي جو بايدن في سان فرانسيسكو تلبية لدعوة الأخير، حيث توصل الرئيسان إلى "أفق سان فرانسيسكو" الموجه نحو المستقبل. إن موقف الجانب الصيني من تحسين العلاقات الصينية الأمريكية صادق، وإن علاقات قابلة للتوقع ومستدامة وسليمة ومستقرة بين الصين والولايات المتحدة تمثل نعمة للشعبين وشعوب العالم.
وفي الوقت نفسه؛ رأينا أن الفهم الخاطئ من الجانب الأمريكي تجاه الصين ما زال قائماً، وأن سياسته الخاطئة لاحتواء الصين ما زالت مستمرة. في الفترة الأخيرة، واصل الجانب الأمريكي بشكل مستمر استمالة ما يُسمى بحلفائه لتأجيج الأوضاع في البحار الإقليمية والإسراع بتشكيل منظومة احتواء الصين وتشديد العقوبات الأحادية الجانب وفرض الحصار التكنولوجي على الصين. يجب على الجانب الأمريكي ألا ينظر دائماً إلى هذا العالم من منظور الحرب الباردة أو بعقلية اللعبة الصفرية، وألا يقول شيئاً ويفعل شيئاً آخر دائماً. إن عيون شعوب دول العالم ثاقبة، والشعوب في الشرق الأوسط على دراية أكبر بمن يقف إلى الجانب الصحيح للتاريخ والعدالة. إن ما تأتي به الصين لهذا العالم هو التعاون والتنمية والاستقرار والكسب المشترك. لا توجد أي قوة قادرة على عرقلة تنمية الصين ونهضتها لما لها من ديناميكية داخلية ضخمة ومنطق تاريخي حتمي.
إن الانتخابات الرئاسية الأمريكية هي من الشؤون الداخلية الأمريكية. لم ولن يتدخل الجانب الصيني في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، إذ أن التدخل في الشؤون الداخلية للغير ليس من أسلوب الجانب الصيني. يجب على الشعبين الصيني والأمريكي مواصلة التواصل والتعاون، ولا بد للصين والولايات المتحدة باعتبارهما دولتين كبيرتين من إيجاد الطريقة الصحيحة للتعامل مع بعضهما البعض، بغض النظر عمن سيفوز في الانتخابات الرئاسية. يمثل ما طرحه الرئيس شي جين بينغ من المبادئ الثلاثة المتمثلة في الاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون والكسب المشترك المرجعية الأساسية التي نستند إليها للنظر إلى العلاقات الصينية الأمريكية والتعامل معها. وفي المكالمة الهاتفية التي جرت مؤخراً بين الرئيس شي جين بينغ والرئيس جو بايدن بناء على طلب الأخير، أشار الرئيس شي جين بينغ مجدداً إلى أن دولتين كبيرتين مثل الصين والولايات المتحدة لا يجوز لهما قطع التواصل والتعامل بينهما، ناهيك عن حدوث الصراع والمواجهة، يجب عليهما إيلاء الاهتمام بالوئام وإعطاء الأولوية للاستقرار والحفاظ على المصداقية كأساس.
لن ترجع العلاقات الصينية الأمريكية إلى ما كانت عليه، غير أنه يجب عليها، بل ويمكنها بكل تأكيد أن تتطور نحو مستقبل أجمل. إن الجانب الصيني على استعداد للعمل مع الجانب الأمريكي من أجل التعاون القائم على الكسب المشترك، وتحقيق إنجازات تخدم مصلحة العالم، وتضطلع بالمسؤولية الدولية المطلوبة لكل منهما بشكل فعّال.