نشر لياو لي تشيانغ سفير جمهورية الصين الشعبية لدي جمهورية مصر العربية، ومندوب جمهورية الصين الشعبية لدى جامعة الدول العربية مقالا بعنوان "بناء مجتمع صيني عربي ذي مصير مشترك في العصر الجديد" في صحيفة الشعب اليومية الصادرة يوم 25 ابريل الجاري، جاء فيه: ـ
تتمتع الصين والدول العربية بتاريخ طويل من التبادلات الودية. وفي السنوات الأخيرة، وبتوجيه دبلوماسية رئيس الدول، دخلت العلاقات الصينية العربية عصرا جديدا. ومنذ عام 2014، عندما اقترح الرئيس شي جين بينغ لأول مرة بناء مجتمع مصالح مشتركة ومصير مشترك بين الصين والدول العربية، وحتى عام 2022، اتفق قادة الصين والدول العربية على بذل كل جهد لبناء مجتمع صيني عربي ذي مصير مشترك في العصر الجديد، وقد ترسخ مفهوم مجتمع المصير المشترك للبشرية في العالم العربي، وواصل بناء مجتمع المصير المشترك للصين والدول العربية تعمقه وأصبح أكثر صلابة.
تتمسك الصين والدول العربية بالاستقلال وتحافظان على المصالح المشتركة. وأقامت الصين شراكات استراتيجية شاملة أو شراكات استراتيجية مع 14 دولة عربية والجامعة العربية. وتدعم الصين بقوة الدول العربية في استكشاف مسارات التنمية التي تناسب ظروفها الوطنية بشكل مستقل. كما دعمت الدول العربية دائمًا الصين بشكل لا لبس فيه في القضايا المتعلقة بالمصالح الأساسية للصين. وفي هذا العام، أصبحت المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة أعضاء رسميين في مجموعة البريكس، مما يجعل البريكس أكثر قيمة وأكثر أهمية. وقد تواصلت الصين والدول العربية وتعاونتا بشكل وثيق في إطار مجموعة البريكس ومنظمة شانغهاي للتعاون والأمم المتحدة، ومارستا التعددية الحقيقية، وعززتا الحوكمة العالمية في اتجاه أكثر عدالة ومعقولة.
تركز الصين والدول العربية على التنمية الاقتصادية وتحقيق التعاون المربح للجانبين. وتحتل الصين مكانة ثابتة كأكبر شريك تجاري للدول العربية، ويتجاوز حجم الاستثمار المباشر المتبادل بين الصين والدول العربية 30 مليار دولار أمريكي. ووقعت الصين وثائق تعاون بشأن البناء المشترك لـ "الحزام والطريق" مع جميع الدول العربية الـ22 وجامعة الدول العربية. ونفذت الصين والدول العربية أكثر من 200 مشروع تعاون واسع النطاق في إطار البناء المشترك لـ "الحزام والطريق"، وبناء منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية الجديدة لمصر، ومصفاة ينبع بالمملكة العربية السعودية، ومحطة الحاويات للمرحلة الثانية من ميناء خليفة في دولة الإمارات العربية المتحدة، والطريق السريع بين الشرق والغرب في الجزائر، وغيرها من المشاريع الرائدة الأخرى، وقد استفاد من نتائج التعاون ما يقرب من 2 مليار شخص على الجانبين. وقد تم إنشاء مؤسسات مثل المركز الصيني العربي لنقل التكنولوجيا، ومركز بيدو/GNSS (النظم العالمية للملاحة عبر الأقمار الصناعية) الصيني العربي، والمركز الصيني العربي الدولي لأبحاث الجفاف والتصحر وتدهور الأراضي، الواحدة تلو الأخرى، ولا تزال مبادرة " الحزام والطريق" تحصد النتائج في الدول العربية.
تحافظ الصين والدول العربية على السلام الإقليمي وتعززان الأمن المشترك. وإن القضايا الساخنة في الشرق الأوسط متشابكة وتناقضاتها معقدة. وتدافع الصين بنشاط عن مفهوم أمني مشترك وشامل وتعاوني ومستدام، وتلتزم بعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وبالتسوية السياسية، وبالموضوعية والعدالة، وبمعالجة الأعراض والأسباب الجذرية، واستكشاف حلول للقضايا الساخنة ذات الخصائص الصينية. وشجعت الصين استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، مما أدى إلى "موجة من المصالحة" في الشرق الأوسط. وتدعم الصين بقوة القضية العادلة للشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه الوطنية المشروعة، وتلتزم دائما بالتوصل إلى حل شامل وعادل ودائم للقضية الفلسطينية. ومنذ اندلاع الجولة الجديدة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ظلت الصين تعمل جاهدة لتحقيق السلام وإنقاذ الأرواح. وقد حضر الرئيس شي جين بينغ القمة الخاصة عبر الفيديو لقادة مجموعة البريكس حول القضية الفلسطينية الإسرائيلية وألقى خطابا مهما. وشاركت الصين في رعاية مشاريع القرارات العربية في مناسبات عديدة، ودفعت مجلس الأمن للتصويت على قرار وقف إطلاق النار في غزة، مما يدل على مسؤولية دولة كبرى.
لقد عززت الصين والدول العربية التبادلات الثقافية والتفاهم والثقة. وأصبح مركز أبحاث الإصلاح والتنمية الصيني العربي، الذي دعا لإنشائه الرئيس شي جين بينغ، منصة أيديولوجية لكلا الجانبين لتبادل الخبرات في الإصلاح والانفتاح والحوكمة. وفي إطار منتدى التعاون الصيني العربي، تم إنشاء آليات للتبادل الثقافي في مختلف المجالات مثل الحوار بين الحضارات والأخبار والمدن والصداقة بين الشعوب. فقد قامت دول عربية مثل مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وتونس بدمج اللغة الصينية رسميًا في أنظمتها التعليمية الوطنية، وفتحت أكثر من 50 مؤسسة للتعليم العالي في الصين تخصصات باللغة العربية. وتظهر استطلاعات الرأي أن الشعبين الصيني والعربي، وخاصة جيل الشباب، يعتبران البلدين صديقين مخلصين ومحبين وجديرين بالثقة، وأصبحت الصداقة الصينية العربية متجذرة بشكل متزايد في قلوب الشعبين.
تعمل الجامعة العربية بنشاط على تعزيز وحدة الدول العربية وقوتها الذاتية، وتعزيز السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، وتنمية التعاون الصيني العربي. وتتمتع الصين بعلاقات ودية مع جامعة الدول العربية. وتعد الأخيرة أول منظمة إقليمية توقع على وثيقة تعاون "الحزام والطريق" مع الصين، وأول منظمة تصدر بشكل مشترك مبادرة أمن البيانات مع الصين، وأول منظمة إقليمية توقع على تنفيذ مبادرة الحضارة العالمية مع الصين. وقد عقد مجلس وزراء الخارجية العرب 44 اجتماعا متتاليا وأصدر على وجه التحديد قرار الصداقة المتعلق بالصين. وإن العلاقات الصينية ـ العربية، القائمة على الصداقة والمستمرة إلى الأبد، تمر بأفضل فتراتها في التاريخ.
يصادف هذا العام الذكرى العشرين لتأسيس منتدى التعاون الصيني العربي، وسيعقد المؤتمر الوزاري العاشر لمنتدى التعاون الصيني العربي في الصين. وإن الصين مستعدة للعمل مع الدول العربية لفتح آفاق جديدة وضخ قوة دافعة جديدة في العلاقات الصينية ـ العربية، وبذل قصارى الجهد لبناء مجتمع مصير مشترك بين الصين والعربية في العصر الجديد، والمساهمة في بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية.