الخرطوم 15 أبريل 2024 (شينخوا) يدخل النزاع المسلح في السودان عامه الثاني بلا بارقة أمل في حل سياسي وسط مخاوف من اتساع رقعة القتال وربما انحرافه نحو حرب أهلية، وذلك ضمن سيناريوهات محتملة رسمها محللون سودانيون للصراع الدامي بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
ومنذ 15 أبريل من العام 2023 يدور نزاع مسلح بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو (حميدتي)، ما أسفر وفق آخر إحصائية لمكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا)، عن مقتل 13100 شخص وإصابة 26051 آخرين بجروح.
وقال أستاذ العلوم السياسية بمركز (الراصد) للدراسات الاستراتيجية بالخرطوم خالد ضرار لوكالة أنباء ((شينخوا)) إنه "مع استمرار القتال واتساع رقعته فإن السيناريو المرجح هو أن يتحول الصراع إلى حرب أهلية شاملة".
وأضاف أن "ما يحدث في الفاشر عاصمة شمال دارفور حاليا يعزز هذه المخاوف من أن تتسع رقعة الحرب لتشمل مناطق كانت بعيدة عن الصراع".
ومع حلول الذكرى الأولى للحرب في السودان تشهد مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور مواجهات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، ودارت أحدث موجة من المواجهات المسلحة بين الجانبين مساء 13 من أبريل الجاري.
ويسيطر الجيش السوداني على مدينة الفاشر، وتُقاتل بجانبه حركات مسلحة وقّعت على اتفاق "سلام جوبا" مع الحكومة عام 2020، وعلى رأسها "قوات تحرير السودان" بقيادة مني أركو مناوي و"حركة العدل والمساواة".
وتابع ضرار أن "ما يعزز احتمالية الحرب الأهلية هو انخراط أطراف أخرى في الصراع، خاصة المقاومة الشعبية المسلحة المساندة للجيش الشعبي، وحملة التسليح الشعبي، وهذا من شأنه أن يحول الصراع إلى حرب أهلية".
وحذر أستاذ العلوم السياسية من خطورة ما أسماه "خطاب الكراهية" السائد في السودان حاليا ومحاولات خلق اصطفاف عرقي وقبلي، قائلا إن "هذا الخطاب من شأنه إحداث شروخ عميقة وانقسام مجتمعي يخلق بيئة مناسبة للحرب الأهلية".
والمقاومة الشعبية السودانية، هي حركة شعبية أطلقتها كوادر إسلامية تتبني فكرة التسليح الشعبي وانخراط المواطنين في صفوف القتال بجانب الجيش، وتجد استجابة في بعض مناطق السودان، خاصة شمال البلاد، وبدأت في إنشاء معسكرات لتدريب المواطنين على القتال تحت إشراف الجيش.
ورحب البرهان في يناير الماضي بالمقاومة الشعبية، قائلا "نرحب بالمقاومة الشعبية وسنسلحهم، لكن هذا السلاح يجب أن يقنن وأن يتم تسجيله من قبل القوات المسلحة".
في المقابل تشير تقارير محلية إلى أن قوات الدعم السريع تقوم بحملات تجنيد لعناصر قبلية، خاصة في إقليم دارفور، لكن لم يتسن التأكد من ذلك من مصادر مستقلة.
كما طغت لهجة تصعيدية في الآونة الأخيرة على خطابات البرهان وحميدتي، إذ أكد قائد الجيش السوداني في خطاب عشية عيد الفطر الاستمرار في الحرب حتى القضاء علي ما أسماه "تمرد الدعم السريع".
فيما شدد حميدتي على أن الخيار الأوحد هو تحقيق النصر، وهنأ قواته على ما اعتبرها "انتصارات عظيمة" في محور وسط السودان.
ومع تواصل الحرب، يرى المحلل السياسي عبد الرحيم السني أن سيناريوهات الصراع السوداني رهينة بالتطورات العسكرية على الأرض وتغير موازين القوى لدى كل طرف.
وقال السني لـ(شينخوا) إنه "إذا ما تمكن الجيش السوداني من تحقيق تقدم كبير ولاسيما في المناطق المهمة مثل العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة بوسط السودان، فإن من شأن ذلك إجبار الدعم السريع على تقديم تنازلات مطلوبة، أبرزها الخروج من المؤسسات الرئيسية ومنازل المواطنين".
وأضاف "وإذا ما تمكنت قوات الدعم السريع من تعزيز سيطرتها من خلال كسب مناطق جديد، أهمها ولاية شمال دارفور فإن ذلك سيدعم خيار التفاوض وسيؤدي إلى تنازلات مطلوبة من قبل الجيش السوداني".
وتعد شمال دارفور الولاية الوحيدة الخارجة عن سيطرة قوات الدعم السريع في إقليم دارفور بعد أن نجحت في السيطرة على ولايات غرب وجنوب ووسط وشرق دارفور.
واعتبر السني "أن هذين الافتراضين يدعمان خط توقف الحرب من خلال التوصل إلى اتفاق بين الجيش والدعم السريع"، لكنه أشار إلى عامل آخر من شأنه إطالة أمد الحرب.
وقال في هذا السياق إنه "لاشك في أن التقاطعات الدولية والإقليمية عامل مهم، وإذا استمر الدعم الخارجي لطرفي النزاع فإن ذلك سيطيل أمد الحرب ويمكن أن يؤدي إلى سيناريوهات كارثية ومنها الحرب الأهلية".
بدوره، توقع المحلل السياسي السوداني نور الدين حسن أن تنتهي الحرب من خلال اتفاق سياسي عبر مفاوضات شاقة وطويلة.
وقال حسن لـ (شينخوا) إن "فرضية كسب أي من الطرفين للحرب مستبعدة في ظل الوضع الراهن، ولابد من حل سياسي".
وأضاف أنه "مع طول أمد الصراع سيحدث ما يشبه الإجهاد للطرفين المتقاتلين، ومع الضغوط الدولية والإقليمية واستمرار تدهور الوضع الإنساني بالداخل سيضطر الطرفان إلى الجلوس لطاولة مفاوضات شاقة ومنهكة، ومن المرجح أن يتوافقا على حل سياسي".
ودعت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد) الأحد الأطراف السودانية المتحاربة إلى وقف الأعمال العدائية لإنهاء حرب دائرة منذ عام.
وقال الأمين التنفيذي للهيئة وركنه جيبيهو، في بيان صحفي إنه يناشد جميع الأطراف السودانية المتحاربة وقف الأعمال العدائية فورا وإعطاء الأولوية للسعي إلى تسوية سياسية تفاوضية.
ومنذ اندلاع القتال في السودان أخفقت مبادرات إقليمية ودولية، من بينها مبادرة لإيغاد طرحتها في يونيو من العام 2023 للحوار بين الجيش السوداني والدعم السريع، في إسكات أصوات البنادق في البلاد.