الصفحة الرئيسية >> العالم

تحليل إخباري: عام على الحرب في السودان .. لماذا أخفقت مبادرات إقليمية ودولية في إسكات أصوات البنادق ؟

/مصدر: شينخوا/   2024:04:15.09:10

الخرطوم 14 أبريل 2024 (شينخوا) مع إكمال الحرب في السودان عامها الأول لا تزال فرص التسوية السياسية بعيدة المنال بعدما أخفقت مبادرات إقليمية ودولية في إسكات أصوات البنادق، وفق خبراء سودانيين.

ومنذ تفجر الصراع المسلح في السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في 15 أبريل 2023، سارعت قوى إقليمية ودولية إلى محاولة إقناع طرفي القتال بالتوافق على مسار سياسي ينهي النزاع بينهما، لكن تلك المساعي لم تحقق حتى الآن أي نجاح يذكر.

وطرحت المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية منذ 6 مايو 2023 مبادرة للسلام عرفت لاحقا بـ"منبر جدة التفاوضي".

ورغم نجاح المبادرة في التوصل في 11 مايو 2023 إلى أول اتفاق في جدة بين الجانبين للالتزام بحماية المدنيين وإعلان أكثر من هدنة وقعت خلالها خروقات وتبادل للاتهامات بين الجانبين، إلا أنها لم تنجح في التوصل إلى إقرار اتفاق سلام شامل بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

كما أن المفاوضات غير المباشرة بين الطرفين عبر هذا المنبر معلقة منذ يوليو 2023 بعد أن تمسك الجيش بضرورة التزام قوات الدعم السريع بالخروج من منازل المواطنين والأعيان المدنية والخدمية مثل المستشفيات والمؤسسات الخدمية الأخرى.

وفي محاولة أخرى لوقف القتال في السودان، طرحت الهيئة الحكومية لتنمية دول شرق إفريقيا (إيغاد) في يونيو 2023 مبادرة للحوار بين الجيش السوداني والدعم السريع، إلا أن مبادرتها اصطدمت برفض حكومة السودان لبنودها واتهامها لبعض دول المنظمة بمساندة قوات الدعم السريع.

-- تجاذب المبادرات

وأرجع أستاذ العلوم السياسية بجامعة إفريقيا العالمية بالخرطوم محمد خليفة صديق، فشل المبادرات الإقليمية والدولية بشأن السودان إلى ما أسماه "تجاذب المبادرات".

وقال صديق لوكالة أنباء ((شينخوا)) "إن تجاذب المبادرات لحل الأزمة السودانية أدى إلى تعقيد المشكلة، وبدا واضحا أن التنافس الإقليمي والدولي ساهم في إطالة أمد الحرب".

وأضاف "كان من المطلوب إحداث نوع من التكامل بين مبادرة إيغاد ومنبر جدة، ولكن ما حدث أن نوعا من التجاذب حدث بين طرفي المبادرتين، مما قلل من فرص النجاح".

وشدد على أن نجاح أي مبادرة للتسوية السياسية في السودان تستلزم توفر الإرادة السياسية لطرفي النزاع.

ورأى صديق أن "المطلوب من الطرفين هو التعامل مع كل المبادرات الخارجية بإيجابية والتعاطي معها، ولابد من توفر الإرادة السياسية في إنهاء دائم للحرب وليس إنهاء مؤقتا لتندلع من جديد".

وتعترض الحكومة السودانية على مبادرة (إيغاد) بسبب ترؤس كينيا للجنة رباعية مسؤولة عن متابعة الملف السوداني، وتصاعدت الخلافات بين الجانبين حتى قررت الخرطوم في 20 يناير 2024 تجميد عضويتها في المنظمة الحكومية للتنمية في شرق إفريقيا.

كما لم تظهر قوات الدعم السريع حماسا تجاه مبادرة إيغاد، ولم يوافق قائدها محمد حمدان دقلو على مقترح لإيغاد في ديسمبر 2023 بعقد اجتماع مشترك مع قائد رئيس مجلس السيادة الانتقالي بالسودان قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان.

-- جزء من المشكلة

ولكن المحلل السياسي الدكتور ربيع عبد العاطي، وهو مستشار سابق لوزارة الإعلام بالسودان يري أن المجتمع الإقليمي والدولي جزء من مشكلة السودان ولا يمكن أن يكونا جزءا من الحل.

وقال عبد العاطي لـ(شينخوا) "شكلت المبادرة السعودية الأمريكية منبرا مناسبا في باديء الأمر، ولكنها فشلت في تحقيق التسوية السلمية بسبب تقاطع المصالح الدولية والإقليمية".

وأضاف أن "المزاج الدولي داعم لأطروحات الدولة الفاشلة والفوضى الخلاقة، وهذه الأطروحة يسعي لاعبون كبار إلى تنفيذها في السودان، ولذلك من المستبعد نجاح أي مبادرة للسلام".

وشدد على ضرورة أن يتوافق السودانيون على حل سياسي يجنب البلاد مزيدا من الخراب والدمار.

فيما استبعد الأمين العام السابق لاتحاد الصحفيين السودانيين الفاتح السيد، أن تنجح المبادرات الإقليمية والدولية في إنهاء الصراع الدامي في السودان.

وقال السيد إن "مشكلة الحرب في السودان أنها مرتبطة بالخارج أكثر من الداخل، وهي شديدة الارتباط بالأحداث المتسارعة في المنطقة، هناك صراع دولي وإقليمي في المنطقة".

وأضاف أنه "في ظل هذه الأوضاع المعقدة من المستبعد نجاح أي مبادرة في إنهاء النزاع بالسودان، يجب علينا ألا نعول كثيرا على الحلول الخارجية، لابد من توافق وطني ينهي هذا الصراع".

وأكد السيد على أهمية تقريب وجهات النظر بين الطرفين المتحاربين في السودان، قائلا "هناك مسافة بعيدة بين الطرفين، فضلا عن وجود شروط تعجيزية لدى كل طرف".

وجمد الاتحاد الإفريقي عضوية السودان بعد إجراءات قام بها رئيس مجلس السيادة الانتقالي بالسودان عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر 2021 بفض الشراكة مع شركائه المدنيين، وحل الحكومة المدنية بقيادة عبد الله حمدوك.

واليوم حذر رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك من أن فشل جهود التسوية السياسية واستمرار القتال يهدد بإحداث انهيار وخراب شامل.

وقال حمدوك في خطاب اليوم بمناسبة الذكرى الأولى للحرب "اليوم نتحدث عن ما ستجلبه الحرب على بلادنا من كوارث ومصائب، وندعو للتمسك بالحوار والوسائل السلمية".

وأضاف حمدوك "تكمل الحرب التي تمزق بلادنا عامها الأول، 12 شهراً من الموت والخراب وفي كل يوم من أيامها تزداد معاناة أبناء شعبنا، فقد عشرات الآلاف من المدنيين والعسكريين من أبناء الشعب حياتهم، وتشرد الملايين بين مدن النزوح وأقطار اللجوء".

ومنذ 15 أبريل 2023 يدور نزاع مسلح بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو، أسفر وفق آخر إحصائية لمكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا) عن مقتل 13100 شخص وإصابة 26051 آخرين بجروح.

وتسبب القتال أيضا في فرار حوالي 8.1 مليون شخص من منازلهم في السودان، من بينهم 6.3 مليون شخص نازح داخل البلاد و1.8 مليون شخص فروا إلى الخارج، بحسب (أوتشا)، فيما يواجه 18 مليون شخص في جميع أنحاء البلاد الجوع.

وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من نصف السودانيين البالغ عددهم أكثر من 48 مليون نسمة، أي حوالي 25 مليون شخص باتوا يحتاجون إلى المساعدة، بمن فيهم 18 مليون شخص يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد.

صور ساخنة