الخرطوم 11 أبريل 2024 (شينخوا) دعت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) أطراف الصراع في السودان إلى الوقف الفوري للقتال وفتح ممرات إنسانية لتمكين عمال الإغاثة من الوصول إلى جميع مناطق السودان وتقديم المساعدات الإنسانية، محذرة من أن وضع الأمن الغذائي في البلاد "خطير للغاية".
وقال نائب ممثل منظمة (الفاو) في السودان آدم ياو، في مقابلة خاصة مع وكالة أنباء ((شينخوا)) إن "الفاو تدعو إلى اتخاذ إجراءات عاجلة وموحدة قبل فوات الأوان"، مضيفا أنه "حاليا، الأمن الغذائي والتغذوي في السودان خطير للغاية ويحتاج نحو 18 مليون سوداني إلى الغذاء، وهم في أزمة ضمن تصنيف الطوارئ وبحاجة إلى مساعدة عاجلة في ظل استمرار تدهور الوضع".
وأشار ياو إلى وجود عدد كبير من التحديات الرئيسية التي تواجه المجتمع الإنساني في السودان فيما يتعلق بتقديم المساعدات، قائلا إن "أحد التحديات الرئيسية هو الوصول، لأنه مع القتال وقفل الطرق ومنع الوصول إلى الناس ليس من السهل إيصال المساعدات الإنسانية".
وتابع "نحن نناشد جميع الأطراف أن تفكر بجدية في فتح الممرات الإنسانية ووقف القتال والسماح للجهات الإنسانية بالوصول إلى الأشخاص الذين ينتظرون دعمنا".
وأردف قائلا "نعلم أنه حتى لو كان الغذاء متاحا مع استمرار القتال لن نتمكن من الوصول إلى الناس لدعمهم، ولهذا السبب نناشد جميع الأطراف وقف القتال والسماح للمزارعين بالوصول إلى أراضيهم وللرعاة بنقل مواشيهم للرعي بطريقة تسمح باستمرار إنتاج المواد الأساسية للشعب السوداني".
وكرر نائب ممثل الفاو التأكيد على أهمية السماح للمزارعين والرعاة باستئناف أنشطتهم وعدم منعهم من الوصول إلى الأراضي الزراعية أو المناطق الرعوية.
وقال في هذا السياق إنه "يجب أن يحل السلام في السودان، وأن يتمكن الناس من التنقل مع سبل معيشتهم، وينبغي أن يتمكن المزارعون والرعاة والصيادون من استئناف أنشطتهم، وهذا ما نريد جميعا رؤيته حقا".
وحذر برنامج الغذاء العالمي يوم الجمعة الماضي من تفاقم كارثة الجوع في السودان إذا لم يتم ضمان تدفق مستمر من المساعدات عبر جميع الممرات الإنسانية الممكنة من البلدان المجاورة وعبر خطوط القتال.
وناشد ياو المجتمع الدولي رفع مستوى التمويل لتمكين المجتمع الإنساني من دعم المزيد من الناس في السودان، قائلا "حتى الآن لم ينخفض عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي، نحن بحاجة إلى تكثيف الجهود مرة أخرى لتوسيع نطاق الإنتاج ودعم المزارعين وصغار المزارعين لإنتاج المزيد، ولذلك نحن بحاجة حقا إلى دعم المجتمع الدولي".
وأشار إلى صعوبات تواجه القطاع الزراعي بالسودان بسبب استمرار القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وقال إنه "وفق ما لدينا من معلومات فإن الصراع اندلع في الخرطوم، حيث تأثر النظام المالي والمصرفي، وكما هو معلوم يحتاج المزارعون إلى الحصول على تمويل من البنك من أجل الإنتاج الزراعي، لقد كان ذلك أحد التأثيرات الهائلة التي أحدثها الصراع على القطاع الزراعي، هذا فضلا عن الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية أيضا".
وأضاف "نجد كذلك أن المعمل المركزي للأبحاث وإنتاج اللقاحات بالخرطوم قد تأثر، وكان لذلك أيضا تأثير سلبي على قدرة قطاع الثروة الحيوانية على تصدير الماشية إلى دول الخليج على سبيل المثال".
وأكد ياو على التأثير السلبي للصراع بالسودان علي النظام الغذائي، قائلا إن "الأمر لا يقتصر على إنتاج الغذاء فحسب، بل يشمل كل ما يتعلق بإنتاج ونقل وتوزيع الغذاء والوصول إلى الغذاء وتوافره وكيفية الاستفادة من الغذاء وحتى استقراره، وكل تلك المجالات الرئيسية والركائز الأساسية للغذاء والأمن الغذائي قد تأثرت".
وأضاف "ولكن لكي يحدث ذلك، نحتاج إلى ضمان حصول السودان على اهتمام المجتمع الدولي، ومن ثم توفير المزيد من التمويل لدعم القطاع الزراعي وخاصة صغار المزارعين، مما يتيح لهم مواصلة إنتاج الغذاء للشعب السوداني".
وشدد ياو على ضرورة الاستفادة من الموارد المادية والطبيعية والبشرية التي يتمتع بها السودان.
وقال في هذا الصدد إن "السودان من أكبر الدول في إفريقيا، أعتقد أنه ثالث أكبر دولة من حيث المساحة ويمتلك أيضا واحدة من أكبر مساحات الأراضي الصالحة للزراعة، أكثر من 112 مليون هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة، وهو أيضا غني بالمياه فلديه النيل الأبيض والنيل الأزرق ونهر النيل نفسه، وكل هذه موارد ينبغي استخدامها لإنتاج ما يكفي من الغذاء".
وتابع "ولكن المشكلة تكمن في تدهور الاقتصاد وارتفاع معدلات التضخم وتكلفة المدخلات الزراعية، فضلا عن أن المزارعين لا يملكون المال لدفع تكاليف العمال وثمن المدخلات الزراعية ليتمكنوا من الإنتاج وبيعه، وهذا هو ما عطل توفر الغذاء".
وأبان ياو أن منظمة (الفاو) لديها خطة استجابة لمساعدة السودان، قائلا "نخطط لدعم السودان في إعادة تأهيل مرافق إنتاج اللقاحات في المناطق الآمنة مثل بورتسودان وغيرها من الأماكن التي ستحددها السلطات، ونحن نعمل على ذلك، ونأمل أن نحصل على دعم كاف من الجهات المانحة لإعادة تأهيل تلك المختبرات ومواصلة إنتاج اللقاحات في السودان".
وأضاف "منذ اندلاع القتال، قمنا بوضع خطة استجابة لدعم المزارعين والرعاة لمواصلة زراعتهم وأنشطتهم، ووصلنا إلى مليون مزارع من أصحاب الحيازات الصغيرة من خلال توزيع البذور المعتمدة".
وزاد بالقول "قمنا بتوزيع 10000 طن من بذور الذرة الرفيعة المعتمدة التي سمحت بإنتاج ما بين 2 و3 ملايين طن من الذرة الرفيعة. هذا ضخم حقا ، ووفقا لتقديراتنا، فإن 2 إلى 3 ملايين طن من الذرة الرفيعة كافية لتغذية ما بين 13 إلى أكثر من 19 مليون بمعدل 152 كيلوغرام للشخص الواحد سنويا".
وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من نصف السودانيين البالغ عددهم أكثر من 48 مليون نسمة، أي حوالي 25 مليون شخص باتوا يحتاجون إلى المساعدة، بمن فيهم 18 مليون شخص يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد.
ومنذ 15 أبريل الماضي، يدور نزاع مسلح بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو، ما أدى، وفق تقارير دولية، إلى مقتل ما يزيد عن 12 ألف مدني.
وبحسب إحصائيات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق المساعدات الإنسانية في السودان (أوتشا)، فر أكثر من 8.1 مليون شخص من القتال داخل السودان وإلى دول الجوار.