بغداد 9 أبريل 2024 (شينخوا) يستذكر العراقيون الذكرى الـ21 لاحتلال القوات الأمريكية بلادهم بخيبة أمل وندم نتيجة لاستمرار معاناتهم في مختلف مناحي الحياة.
ففي مثل هذا اليوم عام 2003 أسقطت القوات الأمريكية بعملية هوليودية تمثالا كبيرا للرئيس الأسبق صدام حسين في ساحة الفردوس وسط بغداد بعد أن غطت وجهه بالعلم الأمريكي وسحبته آلية عسكرية بالحبال وسط ترحيب آلاف العراقيين.
وشنت أمريكا بمشاركة 34 دولة في 20 مارس 2003 عملية أطلقت عليها "حرية العراق" بذريعة تدمير أسلحة دمار شامل يملكها، ونشر الديمقراطية والحرية في هذا البلد الذي عانى الكثير.
وبدأت العمليات العسكرية فجر 20 مارس 2003 بغارات جوية وقصف صاروخي مكثف على المواقع الحيوية في العاصمة بغداد والمحافظات العراقية بهدف شل قدرة الجيش العراقي على المواجهة.
وبعد نحو ثلاثة أسابيع من القصف الوحشي، احتلت القوات الأمريكية العاصمة بغداد في التاسع من أبريل الذي عد إعلانا لاحتلال العراق بناء على ذريعة كاذبة لكي يواجه شعبه بعدها تداعيات ما تزال مستمرة حتى الآن.
-- أحلام متبددة وندم
ولم تستمر الحرب على العراق أكثر من شهر واحد، واجهت خلالها القوات الأمريكية مقاومة عنيفة خاصة في المحافظات السنية، مما أسفر عن مقتل أكثر من أربعة آلاف جندي أمريكي، حسب إحصائيات وزارة الدفاع الأمريكية (بنتاجون).
ولا توجد في المقابل، إحصائيات رسمية عن العدد الإجمالي لضحايا الغزو من العراقيين، إلا أن دراسة أعدها معهد الاستطلاعات البريطاني أكدت صيف عام 2007 أن عددهم بلغ حتى ذلك التاريخ نحو مليون شخص، من أصل 26 مليونا هم سكان العراق.
ورغم مرور أكثر من عقدين على الحرب إلا أن تداعياتها ما تزال مستمرة حتى الآن تاركة الكثير من العراقيين وسط مشاعر مختلطة من خيبة الأمل والندم.
وقال حسين كاظم (44 سنة) لوكالة أنباء ((شينخوا)) "كنت في العشرينات من عمري عندما دخلت القوات الأمريكية، وكنت أحلم أن يتحول العراق إلى بلد مزدهر ومتطور".
وأضاف بنبرة يملؤها الألم والحزن "أحلامي تبددت لأن الأمريكيين لم يوفوا بعهودهم بل عملوا كل شيء من أجل مصلحتهم الخاصة".
أما عمار نظمي فيشعر بالندم لعمله مع القوات الأمريكية لمدة ست سنوات خلال دخولها إلى العراق قبل أكثر من عقدين من الزمن.
وقال نظمي "لو عاد الزمن للخلف لن أعمل مع القوات الأمريكية بعد أن عرفت حقيقتهم".
وأضاف "أنهم (الأمريكيون) يبررون كل شيء حتى قتل الأبرياء من أجل مصالحهم، فعلا أنا نادم على عملي معهم".
وعانى العراق لسنوات بعد الغزو من الإرهاب والفوضى وواجه أزمات سياسية متلاحقة.
وقال على الموسى الباحث بمركز الرفد للإعلام والدراسات الاستراتيجية إن "وفاء أمريكا بوعودها للعراق بتحويله لبلد ديمقراطي ومزدهر كان مجرد شعار لتحقيق أهداف أخرى".
وأضاف لو راجعنا سلوك قوات الاحتلال واستذكرنا جريمة سجن أبو غريب وتعذيب السجناء، لوجدنا أنها دليل على هذه المرحلة السوداء التي وقعت آثارها الكارثية على جميع العراقيين.
-- تصدع وحدة العراقيين
وأدى الاحتلال الأمريكي واستخدامه البعد الطائفي في سياساته إلى الإضرار بوحدة العراقيين، بحسب الموسى.
وقال الموسى إن "حياة العراقيين تعثرت وتضررت وحدتهم وانسجامهم بسبب السياسة الخاطئة التي اعتمدها الاحتلال الأمريكي عندما استخدم البعد الطائفي بإدارة الدولة، والمحاصصة بتوزيع المسؤوليات، ما ولد تشرذما في الصف الوطني".
وبنت الولايات المتحدة العملية السياسية في العراق على أسس طائفية وقومية، فمنحت رئاسة الحكومة للشيعة ورئاسة الجمهورية للأكراد ورئاسة البرلمان للسنة ،الأمر الذي كرس الانقسامات الطائفية والعرقية في البلاد.
وأكد الموسى أن العراق ونتيجة للسياسة الأمريكية الخاطئة تراجع صناعيا وزراعيا وثقافيا واجتماعيا وحتى بيئيا.
وتابع "بعد مرور تلك السنوات العجاف التي تفشت فيها الطائفية، والمحسوبية والمحاصصة .. هذا ما جناه العراق من أمريكا".
من جهته، يتساءل المواطن العراقي سعد حسين مستنكرا "ماذا أستذكر للأمريكيين لقد قسمونا إلى طوائف ومجموعات، وقضوا على الروح الوطنية".
-- دوامة من الأزمات
وبعد أكثر من عقدين على الاحتلال وما رافقه من وعود أمريكية براقة، ما يزال العراقيون يعانون من تداعيات الاحتلال التي أثرت سلبا على الخدمات الأساسية والبنى التحتية في البلاد.
وما يزال العراقيون يعانون من انقطاع يومي للتيار الكهربائي، ونقص في الخدمات الأساسية مثل الماء الصالح للشرب وغيره، ما أدخلهم في دوامة من الأزمات المتواصلة.
كما يعاني العراقيون من البطالة وقلة فرص العمل، مما دفع الكثير من الشباب العراقي إلى تنظيم تظاهرات واحتجاجات للمطالبة بتوفير فرص العمل.
وفاقمت هذه المعاناة المستمرة ظاهرة الفقر التي وصلت إلى نسبة تقدر بأكثر من 24 بالمائة، فيما تسعى الحكومة الحالية للتقليل من هذه النسبة من خلال تطبيق برنامج دفع رواتب للأشخاص العاطلين عن العمل وتزوديهم بمواد غذائية.
وتعمل الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني من أجل تحسين الخدمات و"ترميم مخلفات الاحتلال" الأمريكي، بحسب أستاذ الإعلام بالجامعة العراقية الدكتور محمد الجبوري.