الصفحة الرئيسية >> العالم العربي

تحليل إخباري: سحب الجيش الإسرائيلي قواته البرية من جنوب قطاع غزة بهدف إعادة الانتشار جراء الضغوط الدولية المتزايدة

/مصدر: شينخوا/   2024:04:09.09:51
تحليل إخباري: سحب الجيش الإسرائيلي قواته البرية من جنوب قطاع غزة بهدف إعادة الانتشار جراء الضغوط الدولية المتزايدة
في الصورة الملتقطة في الأول من أبريل 2024، مبان مدمرة قرب مستشفى الشفاء في مدينة غزة. (شينخوا)

غزة / القدس 8 أبريل 2024 (شينخوا) رأى مراقبون فلسطينيون وإسرائيليون أن سحب الجيش الإسرائيلي قواته البرية من جنوب قطاع غزة بشكل مفاجئ تأتي في إطار إعادة الانتشار جراء الضغوط الدولية على إسرائيل لوقف حربها على قطاع غزة التي دخلت شهرها السابع على التوالي.

وقال المراقبون في تصريحات منفصلة لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن انسحاب الجيش الإسرائيلي لا يعني إنهاء العملية العسكرية وإنما جزء من التكتيك للانتقال للمرحلة الثالثة من القتال في جنوب القطاع يتم بموجبها إعادة احتلال تلك المناطق كما جرى في المناطق الشمالية.

وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أمس (الأحد) أن الجيش الإسرائيلي سحب جميع قواته البرية من جنوب قطاع غزة، وما يزال هناك لواء واحد فقط، وهو ناحال، موجود في قطاع غزة.

وأوضحت وسائل الإعلام أن لواء ناحال يتولى مهمة تأمين ما يسمى بممر نتساريم، الذي يعبر قطاع غزة من منطقة بئيري في جنوب إسرائيل إلى ساحل القطاع.

ويمكّن الممر الجيش الإسرائيلي من تنفيذ غارات في شمال ووسط غزة، ويمنع الفلسطينيين من العودة إلى الجزء الشمالي من القطاع، ويسمح للمنظمات الإنسانية بإيصال المساعدات مباشرة إلى شمال غزة.

في المقابل، توعدت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) بعد ساعات من تداول تلك الأنباء، الجيش الإسرائيلي باستهدافه مجددا في حال عاد الدخول إلى قطاع غزة.

وقالت كتائب القسام في رسالة مصورة مقتضبة نشرتها باللغتين العربية والعبرية "قد تكونون قادرين على دخول شوارع غزة، لكنكم ستحترقون في أزقتها كل مرة بعزم مقاتلينا الأشداء".

إعادة تموضع القوات

وقال عصمت منصور مختص بالشأن الإسرائيلي من مدينة رام الله في الضفة الغربية إن انسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب قطاع غزة خاصة مدينة خان يونس التي شهدت قتالا عنيفا حتى أخر لحظة هو في إطار إعادة انتشار القوات.

وأضاف منصور أن ما حدث جزء من التكتيك الإسرائيلي والانتقال للمرحلة الثالثة في القتال، حيث الأولى كانت تتركز على الهجمات الجوية والثانية الدخول البري.

وتابع أن المرحلة الثالثة تتضمن السيطرة الأمنية على جنوب قطاع غزة من خلال إعادة احتلاله، كما جرى في الشمال التي أنجز فيها الجيش الإسرائيلي المراحل الثلاثة.

وأوضح أن الانسحاب لا يعني انتهاء العملية الإسرائيلية في القطاع الذي يعاني ظروفا صعبة رغم مرور 185 يوما عليها وهذا ما صرح به مسؤولون عسكريون إسرائيليون بالقول نحن نتواجد في غزة وأهداف الجيش باقية كما هي.

وأردف منصور أن إسرائيل تريد من وراء خطواتها المفاجئة كسب الوقت وامتصاص غضب الولايات المتحدة وتهيئة الظروف لإعطاء فرصة لمفاوضات التوصل لصفقة تبادل مع حركة حماس وبعدها تنقض على مدينة رفح الحدودية.

وحذر مسؤولون عرب وأمميون ودوليون من أن قيام إسرائيل بشن هجوم واسع على مدينة رفح من شأنه أن يؤدي إلى سقوط أعداد كبيرة من القتلى حيث نزح مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى المنطقة للبحث عن مأوى.

وهدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مرارا بشن هجوما بريا على رفح حتى في حال توصل إسرائيل وحماس إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار والإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين.

وتعتقد أجهزة الجيش والاستخبارات الإسرائيلية أن إسرائيليين محتجزين في رفح وأن قادة حماس يختبئون في أنفاق تحت الأرض هناك.

ويعتقد مسؤولون في الأمم المتحدة أن نحو 1.4 مليون فلسطيني يحتمون من الحرب في رفح، وهو ما يمثل أكثر من نصف سكان قطاع غزة.

ضغوط وراء سحب القوات

وقال آساف ميداني بروفيسور عميد ورئيس الجمعية الاسرائيلية للعلوم السياسية إن سحب الجيش الإسرائيلي قواته البرية جاء نتيجة ضغوط من الولايات المتحدة ومصر اللتان تقومان بدور وساطة ما بين إسرائيل وحركة حماس منذ عدة أشهر.

وأضاف ميداني أن نتنياهو الذي يحاول أن يبدو بمظهر "عدواني" يتعرض لضغوط كبيرة من أطراف عربية ودولية لوقف الحرب وإدخال المساعدات خاصة مع تردي الوضع الإنساني في القطاع الذي يقطنه أكثر من مليوني نسمة.

وبشأن توقيت الضغط الآن، أوضح "لم يكن هناك أي ضغط أمريكي في بداية الحرب بل منح إسرائيل الضوء الأخضر ودعمها سياسيا وعسكريا وكانت التوقعات الأمريكية أن تقوم إسرائيل بتفكيك حماس خلال أربعة أشهر لكنها لم تنجح".

وتابع ميداني أن الانتخابات الأمريكية تقترب والرئيس جو بايدن يحتاج إلى إظهار إنجاز في شكل حل في قطاع غزة يؤدي إلى تسوية مع السعودية التي تصر على وقف القتال.

وتشن إسرائيل منذ السابع من أكتوبر حربا واسعة النطاق ضد حركة حماس في قطاع غزة التي تسيطر عليه منذ العام 2007 تحت اسم "السيوف الحديدية" خلفت أكثر من 33 ألف قتيل وعشرات آلاف آخرين بين مفقودين وجرحى.

وأسفرت الحرب عن أزمة إنسانية شاملة لسكان القطاع البالغ أكثر من مليوني نسمة وتدمير واسع النطاق وضخم في القطاع بما في ذلك المنازل وكافة مرافق البني التحتية بتقديرات تصل إلى أكثر من 60 %، وفق تقارير أممية.

وبدأت الحرب بعد أن شنت حماس هجوما غير مسبوق على جنوب إسرائيل أسمته "طوفان الأقصى"، أودى بحياة أكثر من 1200 إسرائيلي واحتجاز 230 آخرين (ما زال نحو 130 منهم محتجزين حاليا)، وفق السلطات الإسرائيلية.

وعلى إثر الحرب في غزة تشهد الحدود اللبنانية الإسرائيلية منذ الثامن من أكتوبر الماضي، مواجهات عسكرية وأعمالا قتالية متصاعدة بين حزب الله والجيش الإسرائيلي، الأمر الذي يثير مخاوف دولية من تصاعدها إلى حرب واسعة.

مواجهة التحديات المستقبلية

وقال يوناتان فريمان، خبير العلاقات الدولية بالجامعة العبرية في القدس إن ما حدث مع مرور ستة أشهر على الحرب في غزة يهدف لزيادة قدرة الجيش الإسرائيلي على استخدام الوحدات على نطاق أكثر دقة.

وأضاف فريمان أن اتخاذ القرار التكتيكي خطوة ضرورية لمحاولة توفير الراحة للعديد من هذه القوات والاستعداد لمواجهة التحديات المستقبلية، سواء كان ذلك في قطاع غزة، حيث يواصل الجيش الإسرائيلي تناوب قواته.

وتابع فريمان أن إعداد هذه القوات لمزيد من الراحة، خشية الدخول في معركة جديدة في ظل التوتر المتزايد شمال إسرائيل، مشيرا إلى أن غالبية القوات الخارجة، تضم جنود الاحتياط وهؤلاء ظلوا بعيدًا عن منازلهم لعدة أشهر.

ورأى أن الجيش الإسرائيلي ينظر بحكمة على المدى الطويل، فهو يعلم أنه سيحتاج إلى الكثير من الجنود، مع استمرار هذه الحرب، وما زالت التحديات الأمنية قائمة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمجتمعات المحلية في غزة والحدود.

وقال إن إعادة تموضع هذه القوات في قطاع غزة والتي نشهدها حاليًا في الجنوب، والانتقال إلى المرحلة الثالثة من العمليات المحددة النوعية هو أمر يقوم به الجيش وحكومة إسرائيل بشكل واضح.

وأعلن الجيش الإسرائيلي أمس (الأحد) استكمال "مرحلة أخرى" من استعدادات قيادة المنطقة الشمالية على الحدود مع لبنان للحرب، موضحا أنها تأتي في إطار الاستعداد للانتقال من الدفاع إلى الهجوم وبغرض التجنيد واسع النطاق لجنود الاحتياط.

وهدد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أخيرا بمواصلة وتكثيف الهجمات ضد حزب الله في لبنان حتى في حال التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح المحتجزين في قطاع غزة.

وأدى القصف المتبادل إلى سقوط قتلى وجرحى في الجانبين، إضافة إلى نزوح أكثر من 60 ألف إسرائيلي من البلدات الشمالية المتاخمة للحدود مع لبنان، الذي شهد أيضا حركة نزوح مماثلة للمدنيين في الجنوب نحو مناطق أكثر أمنا في الشمال اللبناني.

عوامل داخلية وراء الإنسحاب

وقال راسم عبيدات الكاتب والمحلل السياسي إن سحب القوات جاء نتيجة المأزق الكبير والأزمات المتعددة عسكرية وسياسية واقتصادية واجتماعية التي تمر بها الحكومة الإسرائيلية ورئيسها بنيامين نتنياهو شخصياً.

وأضاف عبيدات أن حكومة نتنياهو لم تحقق أية إنجازات أو انتصارات عسكرية وميدانية، وحتى صورة نصر، بعد دخول الحرب شهرها السابع، في ظل حالة صمود لفصائل المقاومة الفلسطينية وبيئتها الشعبية الحاضنة.

وتابع أن الحرب لم تحقق سوى المزيد من القتل في صفوف المدنيين، وبالذات الأطفال والنساء، فحسب منظمات أممية، قتل أكثر من 13 ألف طفل فلسطيني و9560 إمرأة، نتيجة القصف والاستهداف الإسرائيلي، ناهيك عن حرب التجويع والتدمير الممنهج لكل البنى والهياكل والمؤسسات المدنية من قطاع صحي ودور عبادة (مساجد وكنائس) ومؤسسات تعليمية جامعات ومدارس.

وأشار إلى أن كافة هذه العوامل دفعت بالحكومة الإسرائيلية لإعادة تموضع جيشها في قطاع غزة، عبر انسحاب شبه شامل بإخراج الفرقة 98 بألويتها الثلاثة والإبقاء على لواء الناحال، لكي يسيطر على ممر صلاح الدين وشارع الرشيد، اللذان يفصلان شمال القطاع عن جنوبه، لمنع عودة النازحين إلى الشمال.

وأوضح عبيدات أن نتنياهو وضعه الداخلي بحاجة لمن ينقذه وينقذ حكومته، فأهالي المحتجزين الإسرائيليين يوسعون من دائرة احتجاجاتهم ويطالبون بإجراء انتخابات سياسية مبكرة والمعارضة يصفون رئيس وزراء إسرائيل وخطته العسكرية من أجل الهجوم على رفح بغير الواقعية وبأنه يطيل أمد الحرب لخدمة مصالحه الشخصية.

صور ساخنة