رام الله 4 أبريل 2024 (شينخوا) اعتبر محافظ سلطة النقد الفلسطينية فراس ملحم اليوم (الخميس) أن قطع العلاقة بين البنوك الفلسطينية والإسرائيلية صعب التنفيذ.
وقال ملحم في مقابلة مع وكالة أنباء ((شينخوا)) إن سلطة النقد "لا تغفل أي سيناريو من حساباتها، ولكن نعتقد أن قطع العلاقة بين البنوك صعب التنفيذ دون إيجاد آليات جديدة لاستمرار العلاقة التجارية بين الجانبين".
يأتي ذلك بعد مطالبة وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش قبل أيام بإلغاء نظام تأمين التعويض الذي توفره حكومته للبنوك الإسرائيلية التي تجري معاملات مع البنوك الفلسطينية، ما أثار مخاوف قد تصل إلى إمكانية عزل البنوك العاملة في الأراضي الفلسطينية عن العالم.
وتتعامل البنوك العاملة في فلسطين، وفق بروتوكول باريس الاقتصادي، وهو الإطار الناظم للعلاقة الاقتصادية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، مع بنكين وسيطين إسرائيليين، هما ديسكونت وهبوعليم (لإتمام المعاملات المالية بعملة الشيقل بين الطرفين).
وقد طالبا منذ عام 2009 بإنهاء التعاملات مع البنوك الفلسطينية تخوفا من توريطهما في قضايا "تمويل الإرهاب"، وذلك بعد رفع دعاوى على بنوك فلسطينية في المحاكم الأمريكية.
وقدمت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة ورقتي ضمانات للبنكين الإسرائيليين طوال السنوات الماضية، واحدة من وزارة العدل الإسرائيلية تفيد بأن الحكومة ستدافع عن البنكين في أية قضايا تمسهما بدعوى "تمويل الإرهاب"، والثانية من وزارة المالية الإسرائيلية تؤكد أنها ستقوم بتعويضهما نتيجة أي خسائر قد يتكبدها البنكان بسبب هذه الدعاوى، وذلك في حال أدينت بنوك فلسطينية.
يذكر أن إدانة بنوك فلسطينية في قضايا "إرهاب" تعني إدانة ضمنية للبنوك الوسيطة الإسرائيلية، وهو ما أثار تلك المخاوف لدى البنكين.
وتسري كتب الضمانات هذه من وزارتي المالية والعدل الإسرائيليتين منذ عدة سنوات، وتتجددان بشكل تلقائي سنويا أو مرة كل سنتين، وآخر هذه الكتب انتهت في 31 مارس الماضي وجرى تجديدها لثلاثة أشهر فقط.
واعتبر ملحم أن تنفيذ القرار من قبل الجانب الإسرائيلي يلحق ضررا بالغا بالاقتصاد الفلسطيني ويؤثر سلبا على الاقتصاد الإسرائيلي.
وقال "نحن نعمل حاليا مع المجتمع الدولي للتدخل والضغط على الحكومة الإسرائيلية لوقف التهديد بقطع العلاقة المصرفية مع الجانب الفلسطيني، والاعتراف بكفاءة وكفاية الإجراءات التي تطبقها البنوك الفلسطينية في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب".
وتابع أن الأمر "متشعب جدا وهو يخص الحكومة الفلسطينية والقطاع الخاص في المرتبة الأولى ومن ثم يمس الجهاز المصرفي الفلسطيني في المرتبة الثانية، وأن قرار سموتيرتش من شأنه أن يضر بالاقتصاد الإسرائيلي والاقتصاد الفلسطيني على حد سواء".
وحذر ملحم من أن القرار سيؤدي إلى "خروج المصانع والمنشآت الفلسطينية وتوقفها عن تقديم خدماتها للمواطنين، وانتقال عقود التجارة والاستيراد من القطاع الرسمي للقطاع غير الرسمي".
ولفت إلى أن سلطة النقد لديها "مؤشرات متزايدة على أن الأمر يتداول في الداخل الإسرائيلي، ولا يخصنا كفلسطينيين"، مستبعدا تنفيذ القرار بقطع العلاقة بين البنوك.
وقال "نحن نستبعد حصول هكذا سيناريو، لأن ضرره سيكون شديدا على الاقتصاد الفلسطيني، وأيضا على قطاعات اقتصادية واسعة في إسرائيل، وسيكون التبادل التجاري متعذرا بين دولتي فلسطين وإسرائيل في حال الإقدام على هكذا قرار".
وأوضح أن فلسطين "وبحكم الأمر الواقع تستورد معظم السلع والخدمات الأساسية من إسرائيل، وفي حال قطع العلاقة المصرفية لن يكون بالإمكان دفع أثمان المحروقات والكهرباء والسلع المستوردة إلى الأراضي الفلسطينية".
كما حذر ملحم من أن القرار في حال نُفذ، "فإنه لن يكون ممكنا تحويل العائدات الضريبية الفلسطينية إلى الخزينة العامة، ونحن نرى مرة أخرى أن قرارا بقطع العلاقات المصرفية مع البنوك الفلسطينية لن يكون قابلا للتنفيذ".
ومنذ تأسيس السلطة الفلسطينية عام 1994 نظم اتفاق باريس الاقتصادي العلاقة المالية والاقتصادية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وبموجب ذلك أصبحت البنوك الإسرائيلية تتعامل بشكل ثنائي مع البنوك الفلسطينية لإرسال أموال الضرائب والتعاملات التجارية كافة بين الجانبين.
لكن مع فوز حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالانتخابات التشريعية عام 2006، طلبت البنوك الإسرائيلية إنهاء علاقتها مع البنوك الفلسطينية، ودفع ذلك الحكومة الإسرائيلية إلى تقديم حصانة لها من الملاحقة القضائية حتى إيجاد آلية أخرى لتنظيم العلاقة المالية بموافقة الطرفين.