غزة أول أبريل 2024 (شينخوا) انسحب الجيش الإسرائيلي بشكل كامل صباح اليوم (الاثنين) من مجمع الشفاء الطبي غرب مدينة غزة بعد أسبوعين من شنه عملية عسكرية واسعة فيه وبمحيطه خلفت، وفق طبيب وشهود عيان، دمارا هائلا وعشرات من جثث القتلى.
-- الانسحاب من المجمع الطبي الأكبر في غزة
وأعلن الجيش الإسرائيلي اليوم الانتهاء من عملياته العسكرية في مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة، مشيرا إلى أن قواته انسحبت من المنطقة.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان إنه وأجهزة المخابرات أكملا عملياتهما القتالية الدقيقة وتم إخلاء المنطقة في مجمع الشفاء الطبي.
وأضاف البيان أنه خلال العملية العسكرية في مجمع الشفاء الطبي، قتل الجيش "إرهابيين" واكتشف عددًا كبيرًا من الأسلحة والوثائق الاستخبارية، ومنع إلحاق الأذى بالمدنيين والمرضى والطواقم الطبية.
ووفقا للبيانات الصادرة عن الجيش الإسرائيلي، خلال العملية العسكرية التي استمرت أسبوعين في مجمع الشفاء، قتل الجيش حوالي 200 مسلح فلسطيني، واعتقل أكثر من 800 مشتبه بهم، تأكد أن 500 منهم أعضاء في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحركة الجهاد الإسلامي.
وينفذ الجيش الإسرائيلي منذ فجر 18 مارس الماضي عملية واسعة في مجمع الشفاء، هي الثانية التي يقتحم فيها المجمع الطبي منذ بداية الحرب في القطاع في السابع من أكتوبر الماضي، حيث كانت الأولى في 16 نوفمبر الماضي واستمرت نحو 8 أيام دمر خلالها أجزاء من مبانيه وساحاته.
وأفاد شهود عيان وكالة أنباء ((شينخوا)) بأن الجيش الإسرائيلي انسحب كليا من داخل المجمع الطبي الأكبر على مستوى القطاع.
وقال الشهود إن انسحاب قوات الجيش الإسرائيلي أظهر حرق كافة مباني المجمع الطبي البالغ مساحته نحو 45 ألف دونم وتدمير عشرات الغرف والأجهزة الطبية.
ومجمع الشفاء، هو أكبر مؤسسة صحية حكومية تابعة لوزارة الصحة تقدم خدمات طبية في قطاع غزة، وقد تأسس عام 1946 وخضع لإسرائيل عام 1967، ثم للسلطة الفلسطينية بعد اتفاقية أوسلو للسلام المرحلي عام 1994.
وتطور المجمع مع الوقت فأصبح أكبر مجمع طبي يضم 3 مستشفيات متخصصة ويعمل فيه 25% من العاملين في المستشفيات بقطاع غزة كله.
-- دمار وجثث
وذكر الطبيب معتصم صلاح من داخل المجمع أن المجمع خرج كليا عن الخدمة بعد العملية العسكرية ويصعب استئناف العمل داخله في الفترة الحالية.
وقال صلاح ل((شينخوا)) إن الجيش الإسرائيلي دمر وحرق جميع الأجهزة الطبية في المجمع وغرف العمليات والعناية المكثفة وكافة الأقسام المتخصصة وثلاجات الموتى.
وفي الصدد، قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس إن 21 مريضا قد توفوا منذ مداهمة الجيش الإسرائيلي مجمع الشفاء في 18 مارس الماضي.
واقتحم الجيش الإسرائيلي مجمع الشفاء في 18 مارس الماضي، وأصدر بيانا قال فيه إن معلومات استخباراتية أظهرت أن مسلحين من حماس دخلوا المجمع وتم استخدامه كمركز قيادة.
إلى ذلك، أفادت مصادر محلية وشهود عيان بالعثور على عشرات القتلى داخل المجمع وفي المنطقة السكنية بمحيطه بعضهم تحللت أجسادهم.
وقالت المصادر والشهود إن قوات الجيش أحرقت ودمرت عشرات المنازل والبنايات السكنية في محيط المجمع، والتي تضم الآلاف من الوحدات السكنية وسوتها بالأرض.
وأظهرت مقاطع مصورة تداولها نشطاء على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) آثار حرق المباني والأقسام الطبية ودمارا كبيرا لحق بالمجمع.
كما أظهرت مقاطع أخرى جثثا لفلسطينيين مدفونين بالرمال في ساحة المجمع الخارجية وأخرى متفحمة، فيما بدت الطرق الواصلة إليه مدمرة من الآليات الإسرائيلية.
-- كأن زالزالا ضرب المكان
وإثر انسحاب الجيش الإسرائيلي، هرع العشرات من السكان الذين كانوا نازحين فيه والمتواجدين في المنطقة المحيطة لتفقد الأضرار بعد العملية العسكرية الإسرائيلية.
وقال الفلسطيني أبو سيف (39 عاما) بينما عاد لتوه إلى المجمع بعد خروجه منه قبيل بدء العملية إن "مجمع الشفاء انقلب رأسا على عقب ولا شيء من معالمه واضحة".
وأضاف لـ((شينخوا)) "أن المباني والأقسام الطبية محروقة ومدمرة، والجثث مدفونة بالرمال، كأن المكان شهد زالزالا".
وتابع الرجل الذي انفجر بالبكاء أن "المجمع الطبي انتهى ولم يعد هذا الصرح موجودا وبحاجة إلى إعادة بناء من جديد"، معتبرا أن المشاهد تشير إلى أن الجيش الإسرائيلي ارتكب "مجازر بحق المجمع والمتواجدين فيه".
واعتبرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ما جرى في مجمع الشفاء "جريمة مروعة" بحق المدنيين والبنية المدنية في قطاع غزة، دون أن يحرّك العالم ساكنا وبدعم كامل وبلا حدود من إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن.
وحملت حماس في بيان الإدارة الأمريكية والرئيس بايدن شخصيا "المسؤولية الكاملة عمّا جرى ويجري من جرائم ومجازر وتدمير ممنهج للحياة المدنية في غزة، وعلى رأسها القطاع الصحي والذي يتم بالسلاح الأمريكي وكل صور الدعم والإسناد العسكري والسياسي".
واعتبرت أن حجم "التدمير والقتل الذي يبرع فيه الجيش الإسرائيلي لا يعني تحقيقه أي انتصار، وهذه الهجمة الهمجية على غزة تؤكد سعيه لهجرة سكان القطاع عن أرضه تنفيذاً لمخططاته بتصفية القضية الفلسطينية".
وطالب حماس المجتمع الدولي والأمم المتحدة "بإدانة هذه الجريمة الفظيعة بحق مجمع الشفاء ومحيطه والتحرك الفوري للدخول إلى غزة والاطلاع على حجم الجريمة التي تعرض لها".
وتشن إسرائيل منذ السابع من أكتوبر الماضي حربا ضد حركة حماس في قطاع غزة أودت بحياة أكثر من 32 ألف فلسطيني حتى الآن، حسبما ذكرت وزارة الصحة في القطاع، وخلفت دمارا واسعا وأزمة إنسانية، ردا على هجوم مباغت شنته حماس على عدد من القواعد العسكرية والبلدات الإسرائيلية المتاخمة للحدود مع القطاع أسفر عن مقتل 1200 إسرائيلي، وفقا للسلطات الإسرائيلية.