صنعاء 26 مارس 2024 (شينخوا) طوى اليمن اليوم (الثلاثاء) تسعة أعوام من الحرب التي خلفت آلاف القتلى والجرحى وتداعيات اقتصادية وصحية وإنسانية مدمرة، فيما دخل أكثر من نصف سكان البلاد مرحلة الحاجة للمساعدات.
وكانت قد انطلقت في الـ 26 من مارس 2015 عملية عسكرية (عاصفة الحزم) للتحالف العربي بقيادة السعودية دعما للرئيس اليمني والحكومة اليمنية المعترف بها ضد جماعة الحوثي في اليمن والتي كانت تحاول السيطرة كليا على مقاليد الأمور في البلاد.
وجاء تدخل التحالف العربي بناء على طلب من الرئيس اليمني السابق عبدربه منصور هادي، عقب اجتياح الحوثيين العاصمة صنعاء ومعظم محافظات البلاد.
وتمكنت قوات التحالف العربي وقوات الحكومة اليمنية وفصائل عسكرية موالية للحكومة والتحالف من استعادة عدد من المحافظات اليمنية جنوبي البلاد من قبضة الحوثيين، فيما يزال الحوثيون حتى اليوم يسيطرون على العاصمة صنعاء ومعظم محافظات الشمال اليمني.
واعتبر المجلس الرئاسي في اليمن اليوم، أن عاصفة الحزم مثلت رسالة حازمة لردع المشاريع الهدامة في اليمن والمنطقة.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (سبأ) التي تديرها الحكومة، عن الدكتور رشاد محمد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي قوله إن عاصفة الحزم بقيادة الاشقاء في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة مثلت رسالة حازمة لردع المشاريع الهدامة في اليمن والمنطقة، ونقطة أمل فارقة في مسار التضامن العربي.
وأعرب العليمي بمناسبة الذكرى التاسعة لانطلاق "عاصفة الحزم" عن الاعتزاز الكبير بالموقف الشجاع للأشقاء في تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية والإمارات، الذين استجابوا لنداء الواجب الأخوي ومد يد العون لنصرة شعبنا والحيلولة دون سقوط دولته.
من جانبها، قالت جماعة الحوثي إنها أحصت أكثر من 274 ألف غارة جوية للتحالف العربي خلال التسع سنوات الماضية، وأن هذه الغارات خلفت خسائر كبيرة.
وقال عبدالملك الحوثي زعيم جماعة الحوثيين في خطاب متلفز مساء الأحد الماضي بمناسبة ما اسمته الجماعة (يوم الصمود الوطني) إن مرور 9 سنوات منذ بداية العدوان على اليمن، "أثبتت أن الصمود هو الخيار الصحيح للشعب في هذا الوضع".
وذكر الحوثي أن العدوان نفذ 274,302 غارة جوية باستخدام القنابل والصواريخ وهذا الرقم ليس إحصاءً كاملاً.
وبعد سنوات من الحرب الضارية رعت الأمم المتحدة في أبريل من العام 2022، هدنة في اليمن توقفت معها عمليات التحالف العربي ضد الحوثيين حتى اليوم، وانخفضت العمليات العسكرية في الداخل اليمني، وأعقب ذلك جهودا إقليمية ودولية بغية حلحلة الأوضاع في اليمن لكنها لم تصل حتى اليوم إلى اتفاق سلام شامل في اليمن.
وأشار زعيم الحوثيين إلى أن "الخطوات الجادة تكون وفق اتفاق واضح يتضمن ما كنا نؤكده عليه في المباحثات والمفاوضات على مدى كل المراحل الماضية" و "أن استحقاقات السلام هي بإنهاء تام للحصار والعدوان والاحتلال وتبادل الأسرى وتعويض الأضرار".
وخلفت سنوات الصراع في اليمن دمارا في كافة مناحي الحياة، بما في ذلك على الجانب الإنساني حيث تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن اليمن تعاني من "اسوأ أزمة انسانية في العالم".
وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) اليوم (الاثنين) بعد مرور 9 سنوات على النزاع في اليمن ما يزال هناك قرابة 10 ملايين طفل بحاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية.
وأوضحت المنظمة في بيان، تلقت وكالة أنباء ((شينخوا)) نسخة منه، أنه وفي الوقت الذي أدى التراجع الذي لوحظ في حدة النزاع النشط منذ أبريل 2022 إلى انخفاض في أعداد الضحايا المدنيين وكذا المعاناة الانسانية في المجتمعات، إلا أن الوضع سيظل هشاً دون التوصل لتسوية سياسية مستدامة.
وأكد البيان أن أكثر من نصف السكان 18.2 مليون شخص، بينهم 9.8 مليون طفل بحاجة إلى الدعم المنقذ للحياة.
واعتبر البيان أن الهشاشة تتجلى بشكل أوضح في استمرار ارتفاع معدلات سوء التغذية في البلد، حيث يعاني أكثر من 2.7 مليون طفل من سوء التغذية الحاد بينما يعاني 49 في المائة من الأطفال دون الخامسة من التقزم أو سوء التغذية المزمن.
وذكرت المنظمة أن هذا الوضع يحول دون تمكن الأطفال من النمو إلى أقصى إمكاناتهم في ظل ضرر لا يمكن إصلاحه لنموهم البدني والمعرفي على المدى الطويل.
وقالت المديرة التنفيذية لليونيسف كاثرين راسل إن المزيج الشرس بين النزاع الذي طال أمده والاقتصاد المنهار ونظام الدعم الاجتماعي الذي أثبت عدم نجاعته كان له تأثير مدمر على حياة الفتيات والفتيان الأكثر هشاشة في اليمن.
وأضافت ما يزال العدد الكبير من الأطفال محرومون من الضروريات الأساسية، بما في ذلك التغذية السليمة، الأمر الذي قد يهدد الأجيال القادمة ما لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة لتزويد الأطفال بالتدابير الوقائية والعلاج الذي هم في أمس الحاجة إليه.
وأشار بيان يونيسف إلى أن القتال المتقطع وتبادل إطلاق النار يتواصلان في أجزاء كثيرة من البلاد مع سقوط الكثير من الأطفال ضحايا للألغام الأرضية والمتفجرات من مخلفات الحرب؛ فمنذ اندلاع النزاع العام 2015، قُتل أو أُصيب أكثر من 11,500 طفل لأسباب مرتبطة بالنزاع، بما في ذلك مقتل 3,900 طفل وإصابة 7,600 أخرين.
من جانبها، قالت منظمة الصحة العالمية إن نحو 17.8 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات صحية نصفهم أطفال فيما عاودت عدد من الأمراض الوبائية بالانتشار نتيجة الصراع في اليمن.
وقال الدكتور أرتورو بيسيغان، ممثل منظمة الصحة العالمية ورئيس البعثة في اليمن أمس (الاثنين) "بعد تسع سنوات من الصراع وتدهور الحصائل الصحية، وتدمير البنية التحتية، صارت حياة الملايين من اليمنيين متوقفة على الاحتياجات الصحية والإنسانية الطارئة، الأمر الذي يحد من قدرتهم على تحقيق التنمية المستدامة الشاملة".
وكان برنامج الأمم المتحدة الإنمائي قد أعلن في نهاية 2021 أن اليمن خسرت حوالي 126 مليار دولار خلال سنوات الحرب الضارية التي تشهدها اليمن.
وأوضح البرنامج الأممي حينها، أن تقديراته تشير إلى أن اليمن الذي مزقته الحرب جعلته من بين أفقر البلدان في العالم وأن 15.6 مليون من اليمنيين يعانون من الفقر المدقع.