عواصم عربية 25 مارس 2024 (شينخوا) رحبت جامعة الدول العربية بنجاح مجلس الأمن الدولي اليوم (الاثنين) في استصدار قرار يطالب لأول مرة بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، في خطوة قوبلت أيضا بدعوات عربية لتنفيذها على الأرض وامتثال أطراف النزاع، خاصة إسرائيل للقرار الدولي.
وتبنى مجلس الأمن الدولي اليوم قرارا يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في غزة خلال شهر رمضان، وذلك بعد تأييد 14 صوتا من أعضاء المجلس الـ15.
وامتنعت الولايات المتحدة، التي استخدمت في السابق حق النقض ضد 3 مشروعات قرارات كانت تدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة أو طالبت به، عن التصويت اليوم، ما سمح بتمرير القرار.
وعند تبني القرار، كانت هناك جولة من التصفيق في القاعة، وهذه مناسبة نادرة.
-- ترحيب بقرار متأخر
ويعد القرار رقم 2728 هو أول قرار لمجلس الأمن يطالب بـ أو يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة منذ اندلاع الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني في غزة في 7 أكتوبر 2023.
وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط في بيان إن القرار جاء متأخرا بعد ما يزيد عن خمسة أشهر من "العدوان الإسرائيلي الهمجي والوحشي على سكان القطاع".
وشدد المسؤول العربي على أن "العبرة الآن هي بتنفيذ القرار على الأرض، ووقف العمليات العسكرية والعدوان الإسرائيلي بشكل فوري وكامل، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية عبر الطرق البرية المعتادة، وبما يخفف من كارثية الوضع الإنساني المتدهور في غزة، ويجنب أهلها خطر المجاعة المحدقة".
وأوضح جمال رشدي المتحدث الرسمي باسم أبوالغيط أن القرار يعكس تغيرا واضحاً في الموقف الدولي حيال الحرب العدوانية على غزة، بما في ذلك موقف الولايات المتحدة التي اختارت عدم استخدام حق النقض.
وأشار رشدي إلى أن المرحلة القادمة تحتاج عملا دوليا متضافرا من أجل ترجمة هذا القرار بصورة تضع حدا لنزيف الدم، وتحميل الاحتلال مسؤولياته ومحاسبته على جرائمه.
وقتل 32333 فلسطينيا وأصيب 74694 آخرين منذ بدء الحرب بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والجيش الإسرائيلي في قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي، وفق وزارة الصحة في غزة.
واعتبرت مصر أن القرار "يمثل خطوة أولى هامة وضرورية لوقف نزيف الدماء ووضع حد لسقوط الضحايا من المدنيين الفلسطينيين".
وذكرت وزارة الخارجية المصرية في بيان أن "مصر ترحب باعتماد مجلس الأمن قرارا يطالب بوقف إطلاق النار في قطاع غزة خلال شهر رمضان، وذلك للمرة الأولى منذ بدء الأزمة، وعقب تكرار عجز مجلس الأمن عن التوصل لقرار يطالب بوقف دائم لإطلاق النار".
واعتبرت أن "صدور هذا القرار بعد أكثر من خمسة أشهر من العمليات العسكرية الإسرائيلية التي ألحقت أضراراً بالغة بالمدنيين في قطاع غزة، ورغم ما يشوبه من عدم توازن نتيجة إطاره الزمني المحدود والالتزامات الواردة به، إلا أنه يمثل خطوة أولى هامة وضرورية لوقف نزيف الدماء ووضع حد لسقوط الضحايا من المدنيين الفلسطينيين، وإتاحة الفرصة لدخول المساعدات الإنسانية" إلى غزة.
ودعت مصر إلى ضرورة التنفيذ الفوري لوقف إطلاق النار، وبما يفتح المجال للتعامل مع كافة عناصر الأزمة، مؤكدة أنها ستواصل جهودها الحثيثة مع الأطراف الدولية والإقليمية من أجل احتواء أزمة قطاع غزة في أسرع وقت.
ويطالب القرار الذي تبناه مجلس الأمن الدولي اليوم بوقف فوري لإطلاق النار في غزة من جانب جميع الأطراف خلال شهر رمضان، ما يؤدي إلى وقف مستدام لإطلاق النار.
كما يطالب بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن، فضلا عن ضمان وصول المساعدات الإنسانية لتلبية حاجاتهم الطبية وغيرها من الحاجات الإنسانية. ويطالب كذلك الأطراف بالامتثال لالتزاماتهم بموجب القانون الدولي فيما يتعلق بجميع الأشخاص الذين يحتجزونهم.
ويؤكد القرار على الحاجة الملحة إلى توسيع تدفق المساعدات الإنسانية إلى المدنيين وتعزيز حمايتهم في قطاع غزة بأكمله. ويكرر مطالبة مجلس الأمن برفع جميع الحواجز التي تحول دون تقديم المساعدات الإنسانية على نطاق واسع، بما يتماشى مع القانون الإنساني الدولي وكذلك قراري مجلس الأمن 2712 و2720 بشأن إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة.
من جهتها، رحبت قطر، التي تتوسط مع مصر والولايات المتحدة في التوصل إلى هدنة في غزة، بقرار مجلس الأمن، آملة أن يمثّل خطوة نحو وقف دائم للقتال في القطاع، لا سيما في ظل الأوضاع الإنسانية الكارثية التي يعاني منها المدنيون، بمن فيهم الأطفال والنساء.
وشددت وزارة الخارجية القطرية في بيان على ضرورة الالتزام بتنفيذ القرار، خاصة وقف القتال وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية بشكل عاجل ودون عوائق إلى مناطق القطاع كافة، والانخراط بإيجابية في المفاوضات الجارية.
وأكدت في هذا السياق استمرار وساطة دولة قطر بالتعاون مع الشركاء لوقف الحرب على غزة ومعالجة تداعياتها الإنسانية.
وتتوسط قطر مع مصر والولايات المتحدة الأمريكية منذ بدء الحرب في غزة في مفاوضات بين حماس وإسرائيل للتوصل إلى اتفاق على هدنة في القطاع المحاصر، واستضافت الدوحة كما القاهرة عدة جولات تفاوض.
وأعربت الخارجية القطرية عن أمل بلادها في أن يشكل تصويت 14 دولة لصالح القرار تحولاً جوهرياً في إدراك المجتمع الدولي لخطورة الأوضاع المأساوية في الأراضي الفلسطينية المحتلة وقطاع غزة على وجه الخصوص، بما يعزز الجهود الدولية الرامية إلى تطبيق حل الدولتين، واستئناف العملية السلمية على أساس القرارات الدولية ومبادرة السلام العربية.
وكذلك رحبت المملكة العربية السعودية في بيان بقرار مجلس الأمن الدولي.
وجددت المملكة مطالبتها المجتمع الدولي بالاضطلاع بمسؤوليته تجاه وقف اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على المدنيين في قطاع غزة، والتأكيد على ضرورة إنهاء المعاناة وتوفير الأمل للشعب الفلسطيني وتمكينه من الحصول على حقوقه في العيش بأمان وتقرير المصير عبر مسار موثوق لا رجعة فيه لإقامة دولته الفلسطينية بحدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وفقاً لمبادرة السلام العربية والقرارات الدولية ذات الصلة.
بدوره، أعرب العراق اليوم عن ترحيبه بصدور قرار مجلس الأمن الدولي.
وقالت وزارة الخارجية العراقية في بيان إنها "ترحب بصدور قرار مجلس الأمن الدولي الداعي إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة خلال شهر رمضان المبارك بما يؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار، والإفراج عن جميع الرهائن".
ودعت إلى امتثال الأطراف لالتزاماتهم بموجب القانون الدولي وتوسيع نطاق تدفق المساعدات الإنسانية للمدنيين في قطاع غزة بأكمله وتعزيز حمايتهم.
وجددت مطالبة العراق للمجتمع الدولي بتحمل مسؤوليته تجاه وقف اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على المدنيين في قطاع غزة، والتأكيد على ضرورة إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني وتمكينه من الحصول على حقوقه في العيش بأمان.
-- مطالبات بامتثال إسرائيل للقرار
ومع ترحيبه بقرار مجلس الأمن الدولي، دعا الأردن إلى ضرورة امتثال إسرائيل له.
وأكد الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الأردنية السفير سفيان القضاة في بيان على وجوب امتثال إسرائيل لهذا القرار، الذي يشدد كذلك على حماية المدنيين والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية دون عوائق، ويضمن إيصالها بصورة كافية ومستدامة لجميع أنحاء قطاع غزة.
وشدد القضاة على ضرورة البناء على هذا القرار.
وأعرب عن أمله في أن يُسهم في التوصل إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار، وفي أن يتخذ المجتمع الدولي ومجلس الأمن إجراءات تكفل حماية حل الدولتين وبما يضمن تجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة على خطوط الرابع من يونيو لعام 1967 وعاصمتها القدس المحتلة، وبما يضمن الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة.
وتعليقا على القرار الدولي، قال ممثل الجزائر الدائم في الأمم المتحدة عمار بن جامع "إن اعتماد قرار اليوم ما هو إلا بداية نحو تحقيق آمال الشعب الفلسطيني، ونتطلع لالتزام المحتل الإسرائيلي بهذا القرار وأن يتوقف القتل".
وتابع الدبلوماسي الجزائري قائلا "إن الجزائر ستعود قريبا لتخاطب مجلس الأمن مرة أخرى حتى تكون دولة فلسطين في مكانها الطبيعي عضوا كاملا سيدا في الأمم المتحدة".
وقبيل ذلك، تلقى وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف مكالمة هاتفية من نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن، تناولت تطورات الوضع في غزة ومشروع قرار وقف إطلاق النار في غزة، بحسب بيان صادر عن الخارجية الجزائرية.
وأشار البيان إلى أن مشروع القرار يعد مبادرة من قبل الجزائر ضمن مجموعة الأعضاء العشرة المنتخبين في مجلس الأمن "E-10" والتي تفاوضت بشأن مضمونه مع الأعضاء الآخرين.
والجزائر عضو غير دائم في مجلس الأمن الدولي لولاية مدتها سنتان.
وفي حين رحبت حركة حماس اليوم بقرار مجلس الأمن، إلا أنها دعت المجلس للضغط على إسرائيل للالتزام بوقف إطلاق النار ووقف "حرب الإبادة والتطهير العرقي" ضد الشعب الفلسطيني.
وشددت حماس في بيان تلقت وكالة أنباء ((شينخوا)) نسخة منه على استعداد الحركة للانخراط في عملية تبادل للأسرى فوراً تؤدي إلى إطلاق سراح الأسرى لدى الطرفين.
وأيضا رحبت الرئاسة الفلسطينية بالقرار، معتبرة إياه خطوة في الاتجاه الصحيح.
ودعت الرئاسة في بيان نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا) إلى تطبيق القرار بشكل فوري حفاظا على أرواح الأبرياء من أبناء الشعب الفلسطيني، مؤكدة أن على مجلس الأمن الدولي ضمان تنفيذ هذا القرار الهام الذي حظي بإجماع دولي.
وتشن إسرائيل منذ السابع من أكتوبر الماضي حربا ضد حركة حماس في قطاع غزة خلفت دمارا واسعا وأزمة إنسانية، بعد أن شنت حماس هجوما مباغتا على عدد من القواعد العسكرية والبلدات الإسرائيلية المتاخمة للحدود مع القطاع أسفر عن مقتل 1200 إسرائيلي.
ويعيش القطاع الساحلي المحاصر الذي يقطنه نحو 2.35 مليون نسمة ظروفا إنسانية صعبة، في ظل تحذيرات دولية وأممية وعربية من حدوث مجاعة.