الخرطوم 8 مارس 2024 (شينخوا) مع اقتراب حلول شهر رمضان، تغيب مظاهر الاستعداد للشهر المبارك في العاصمة السودانية الخرطوم التي تشهد، ومناطق أخرى، نزاعا مسلحا يقترب من إكمال عامه الأول.
وأثرت تبعات النزاع النفسية والاقتصادية على استعدادات السودانيين لاستقبال رمضان، على الرغم من أن التحضير لشهر الصوم في سنوات سابقة كان في أوجه في مثل هذه الفترة.
ومنذ 15 أبريل الماضي يشهد السودان مواجهات مسلحة في الخرطوم ومدن أخرى بين الجيش وقوات الدعم السريع، فتحت الباب واسعا أمام أزمات متلاحقة، من بينها تضرر الاقتصاد ونزوح الملايين.
وتشهد الأسواق القليلة العاملة بالعاصمة السودانية الخرطوم ما يشبه ركودا عاما وضعف إقبال من قبل المواطنين.
وفي السوق المركزي الواقع بجنوب العاصمة السودانية الخرطوم، يشتكي التجار من عدم إقبال المواطنين على شراء السلع الضرورية لرمضان.
وكانت الأسواق في مثل هذا الوقت تعج بالمواطنين الذين يشترون كل احتياجات رمضان، ولكن هذا العام تغير الحال تماما، بحسب عبد المنعم طه، وهو تاجر مواد غذائية بالسوق المركزي.
وقال طه لوكالة أنباء ((شينخوا)) "نعاني من كساد عام، ولم نستطع بيع إلا الجزء اليسير من السلع الرمضانية بسبب عدم الإقبال، الوضع الأمني لا يشجع المواطنين على ارتياد الأسواق، وإفرازات الحرب الاقتصادية تحد من إمكانيات الشراء".
وتضيف عواطف رمضان (45 عاما)، وهي موظفة في شركة خاصة، عوامل أخرى لعدم إقبال المواطنين على شراء احتياجات رمضان.
وقالت عواطف لـ ((شينخوا)) "من الناحية النفسية لا رغبة للأسر في إبداء أي مظاهر استعداد لرمضان بسبب مآسي الحرب وفقدان الأمن والطمأنينة ونزوح غالب الجيران والأهل".
وتابعت "كما أن إنعدام شبكة الاتصالات لأكثر من شهر أثر سلبا بسبب توقف الخدمات المصرفية عبر الهاتف مثل برنامج (بنكك) التابع لبنك الخرطوم، لا تتوفر أي سيولة نقدية".
وتشير عواطف إلى أنها لم تتلق راتبها منذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل من العام الماضي، وقالت "كيف نستطيع الاستعداد لرمضان في ظل هذا الوضع المعقد، لقد نفدت كل مدخراتنا".
وفي محاولة لتدارك الوضع المعيشي لسكان العاصمة الخرطوم، أعلنت سلطات ولاية الخرطوم عن ترتيبات خاصة تستهدف توفير السلع والخدمات الأساسية في قطاعات المياه والكهرباء والغاز والدقيق.
وأعلن حاكم الخرطوم أحمد عثمان حمزة، وفقا لبيان صادر اليوم عن مكتبه، عن شروع حكومته في توزيع حصص من السلع الضرورية عبر ديوان الزكاة (حكومي) على الأسر بالخرطوم وتوفير غاز الطبخ المستخدم في صناعة الخبز.
وقالت غرفة طوارئ مدينة بحري، وهي لجان من سكان الأحياء، إنها "بحاجة ملحة" إلى تأمين الأموال لتوفير الإحتياجات الضرورية لأكثر من 60 ألف أسرة بمنطقة الخرطوم بحري بشمالي العاصمة السودانية خلال شهر رمضان.
وقالت الغرفة في بيان صحفي اليوم "مع اقتراب شهر رمضان تعاني الأسر من أوضاع اقتصادية معقدة في ظل ظروف قطع خدمة الإنترنت الذي أثر سلبا على التحويلات البنكية، وأدى إلى توقفها".
وأضاف البيان "نحن بحاجة ملحة إلى تأمين الأموال لتلبية الاحتياجات الضرورية للمواطنين كتوفير المواد الغذائية للمطابخ التي تم إنشاؤها إبان هذه الحرب".
وقدرت الغرفة عدد تلك المطابخ بـ 62 مطبخا قالت إنها تعول ما يزيد على 60 ألف أسرة في مدينة بحري، وتابعت "هذه الصعوبات المالية أصبحت عائقا وهاجسا تعوق قدرتنا على تقديم الخدمات الأساسية التي يعتمد عليها العديد من الأفراد في مدينتنا".
ودعت كل المنظمات المحلية والإقليمية والدولية والجهات الخيرية إلى تقديم الدعم المادي والمساعدة.
وأعلنت بعض منظمات المجتمع المدني بالخرطوم عن تبنيها لمبادرات تستهدف توفير السلع الضرورية لسكان الخرطوم.
وأعلنت المدير التنفيذي لمبادرة (طرادة) سعدية الرشيد عن تنفيذ المبادرة لحملة (حقائب رمضان)، وهي عبارة عن حقيبة تحتوي على مواد أساسية مثل السكر والزيت والدقيق وبعض المشروبات.
وقالت سعدية لـ ((شينخوا)) اليوم "نفذنا حملة حقائب رمضان لعدد 200 أسرة في مدينة أم درمان كما قمنا بتسليم 70 حقيبة رمضانية إلى قرى النيل الأبيض بوسط السودان".
وأضافت "نسعى من خلال ما يتوفر لنا من دعم ولا سيما من قبل الجاليات السودانية في الخارج إلى توفير المعينات الضرورية الخاصة برمضان للأسر بالخرطوم ومناطق أخرى".
وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من نصف السودانيين البالغ عددهم أكثر من 48 مليون نسمة، أي نحو 25 مليون شخص، باتوا يحتاجون إلى المساعدة، بمن فيهم 18 مليون شخص يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد.
وأدى القتال الدائر في البلاد إلى مقتل ما يزيد على 12 ألف مدني، بحسب تقارير دولية.
وتسبب القتال في السودان أيضا في فرار أكثر من 8.1 مليون شخص داخل البلاد وإلى دول الجوار، وفق إحصائيات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق المساعدات الإنسانية في السودان (أوتشا).