الصفحة الرئيسية >> العالم

تعليق: الولايات المتحدة عقبة أمام السلام بين فلسطين وإسرائيل

قبل بضعة أيام، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار قدمته الجزائر في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة. وإن مشروع القرار الذي "يلزم جميع الأطراف على وقف إطلاق النار الانساني على الفور" و"معارضة انتهاكات القانون الدولي والتهجير القسري للسكان الفلسطينيين"، و"إطلاق سراح جميع الرهائن دون قيد أو شرط وضمان المساعدة الإنسانية"، وما إلى ذلك، يعكس الصوت الواسع النطاق للمجتمع الدولي.

يعتقد وانغ جين، أستاذ متميز في مركز أبحاث" الحزام والطريق" بجامعة لانتشو في مقال تحليلي نشره اليوم على صحيفة " غلوبال تايمز" الصينية، أن الولايات المتحدة باتت عقبة هامة أمام السلام بين فلسطين وإسرائيل، حيث أعاقت مرارا وتكرارا الجهود السلمية التي يبذلها المجتمع الدولي بشأن القضية الفلسطينية الإسرائيلية من خلال الاعتماد على حق النقض.

كما يرى أن قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لا تشكل إجماع المجتمع الدولي فحسب، بل هي أيضا ضمانة هامة للنظام الدولي. من ناحية، تعد قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مظهرا هاما لتوافق آراء المجتمع الدولي وعلى وجه الخصوص، فإن بعض المشاريع التي اقترحتها العديد من البلدان بشكل مشترك لا تعبر عن التطلعات المشتركة لهذه البلدان فحسب، بل تعكس أيضا مدى إلحاح وأهمية القضايا التي تنطوي عليها مشاريع القرارات. على سبيل المثال، حظي مشروع قرار وقف إطلاق النار الفلسطيني الإسرائيلي الذي قدمته الجزائر بدعم واسع النطاق من الدول العربية، وهو ما يمثل رغبة الدول العربية الملحة في تحقيق وقف مبكر لإطلاق النار بين فلسطين وإسرائيل.

من ناحية أخرى، تعد قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة نقطة انطلاق مهمة لحماية الإنصاف والعدالة في المجتمع الدولي. وتعد قرارات الأمم المتحدة الآراء أو الرغبات المعبر عنها رسميًا لوكالات الأمم المتحدة، وتصف القرارات الآراء أو الإجراءات التي يتعين على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة اتخاذها بشأن القضايا ذات الصلة، وبالتالي، فهي تتمتع بدرجة معينة من الإكراه القانوني ويمكن أن تمارس تأثيرًا كبيرًا على القضية الفلسطينية الإسرائيلية.

لكن، الفيتو الأمريكي أصبح عقبة مهمة أمام إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. فبعد اندلاع جولة جديدة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في أكتوبر 2023، صوت مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ثماني مرات على القضية الفلسطينية الإسرائيلية، لكن استخدمت الولايات المتحدة مرارا وتكرارا حق النقض خلال هذه العملية، الأمر الذي أعاق بشكل خطير تشكيل الإجماع في المجتمع الدولي.

وحول تصريح ممثلة الولايات المتحدة إلى الأمم المتحدة السفيرة ليندا توماس غرينفيلد بأن مشروع القرار الذي قدمته الجزائر إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للتصويت عليه "لن يحقق السلام الدائم". علق وانغ جين، بأن هذا الرأي لا أساس له في الواقع، حيث التحقيق المبكر لوقف إطلاق النار والتوصل المبكر إلى سلام عادل ودائم بين فلسطين وإسرائيل شرطان أساسيان مهمان وضمانات ضرورية لأمن كل من إسرائيل وفلسطين. وإن مجرد التأكيد على "أمن" أحد الأطراف مع تجاهل توقعات المجتمع الدولي للسلام من شأنه أن يؤدي في نهاية المطاف إلى استمرار كافة الأطراف في الانزلاق إلى حلقة مفرغة من الصراع. علاوة على ذلك، فإن مؤيدي مشروع القرار لا يشملون الجزائر فحسب، بل يشمل أيضا الأردن ومصر وغيرهم من الوسطاء في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الحالي، وإن تبني مشروع القرار يفضي إلى تشكيل مناخ حواري مشترك وخلق فرصة مهمة للتوصل إلى وقف إطلاق النار والهدنة. كما أن دعوة مشروع القرار إسرائيل إلى وقف العمليات العسكرية في قطاع غزة، الأمر الذي سيكون أكثر ملاءمة لوساطة جميع الأطراف لتحقيق انفراجة وتعزيز التنفيذ المبكر لـ "تبادل الرهائن المحتجزين" بين فلسطين وإسرائيل.

وحول صياغة الولايات المتحدة قرار جديد بعد استخدام حق النقض ضد مشروع القرار الذي اقترحته الجزائر، قال وانغ جين:" بالرغم من أن النسخة الأمريكية من مشروع القرار تتضمن "مطالبة إسرائيل بتعليق العمليات العسكرية"، لكن مجرد الدعوة إلى "التعليق المؤقت" لا يشمل المبادئ والمضامين التي تحظى بقلق واسع لدى المجتمع الدولي، مثل الانسحاب من قطاع غزة، واستئناف وتنظيم المساعدات الإنسانية، والتأكيد على "حل الدولتين"، واستئناف مفاوضات السلام بين فلسطين وإسرائيل.

كما يعتقد وانغ جين أن مشروع القرار الذي تقترحه الولايات المتحدة يتهرب من المسؤوليات الدولية التي ينبغي أن تتحملها الولايات المتحدة وإسرائيل، اللتان تجاهلا حق الفلسطينيين في إقامة دولة مستقلة، والذي يعد أحد أسباب اندلاع هذه الجولة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. ومنذ عام 2014، لم تنظم الولايات المتحدة حوار سلام بين فلسطين وإسرائيل، ووقفت متفرجة وشاهدت التعدي على أراضي الفلسطينيين، وتغاضت عن توسيع المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية والقدس الشرقية، مما أدى إلى إطفاء ثقة الفلسطينيين في السلام الفلسطيني الإسرائيلي. وإن تجاهل العمدي للولايات المتحدة حول التزاماتها الدولية، وعرقلة مجلس الأمن عن إصدار القرارات ذات الصلة، أمر لا يفضي إلى تهدئة حالة الصراع.

بعد اندلاع الجولة الحالية من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، تفاقمت الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، ولا يزال المجتمع الدولي غير قادر على تلبية الطلب على الإمدادات الإنسانية في قطاع غزة. وقد تعرضت قنوات المساعدات الإنسانية للتهديد مرارا وتكرارا، وكان من الصعب الحفاظ على آلية التوزيع. ويرى وانغ جين، أنه باعتبارها الطرف الثالث الأكبر في القضية الفلسطينية الإسرائيلية وأقوى دولة في العالم، فإن الولايات المتحدة، التي تتباهى ب"حقوق الإنسان" و"الأخلاق"، لم تفشل في زيادة المساعدات الإنسانية لغزة في الوقت المناسب فحسب، بل كما سمحت الحرب بتعريض رفح، حيث يتجمع 1.5 مليون فلسطيني للخطر، وتفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة. كما فشلت الولايات المتحدة التي تعتبر الدولة الأكثر نفوذا في الشرق الأوسط في بذل جهود حقيقية للوساطة والتنسيق في الصراعات في الشرق الأوسط فحسب، بل تساهم في انتشار الصراعات وتصعيدها، وهي إلى حد ما الطرف المسؤول الأكبر عن الوضع الخطير الراهن في الشرق الأوسط. وينبغي للمجتمع الدولي أن يتحد ويواصل بذل جهود جديدة لتخفيف هذه الجولة من الصراعات والمخاطر الإقليمية.

صور ساخنة