الصفحة الرئيسية >> العالم العربي

مقالة : أزمة مياه بجنوب لبنان بسبب القصف الإسرائيلي

/مصدر: شينخوا/   2024:02:23.10:33
مقالة : أزمة مياه بجنوب لبنان بسبب القصف الإسرائيلي
في الصورة الملتقطة يوم 19 فبراير 2024، دخان يتصاعد عقب ضربة جوية إسرائيلية في بلدة الغازية في لبنان. (شينخوا)

مرجعيون، جنوب لبنان 22 فبراير 2024 (شينخوا) ما بين مياه الأمطار والآبار المحلية أو المغامرة بقصد الينابيع يجهد السكان في عشرات البلدات والقرى الحدودية اللبنانية في البحث عن مصادر للتزود بالماء في ظل أزمة حادة بسبب استهداف الجيش الإسرائيلي معظم مشاريع مياه الشفة في المنطقة الحدودية، خاصة مشروع مياه نهر الوزاني، أكبر المشاريع المائية في جنوب لبنان، وفق مسؤولين محليين ومصادر أمنية لبنانية.

ومنذ الثامن من أكتوبر الفائت استهدفت الطائرات الحربية الإسرائيلية، بحسب مصادر أمنية لبنانية، معظم المشاريع المائية الرئيسية في المنطقة الحدودية بجنوب لبنان، وكان آخرها تدمير مشروع محطة مياه نبع الوزاني في غارة نفذتها مسيرة إسرائيلية في السادس من فبراير الجاري.

ولم يصدر تعليق من الجيش الإسرائيلي بشأن هذه الغارة.

-- مشروع مياه الوزاني

وألحقت الغارة الإسرائيلية أضرارا فادحة بالمبنى الرئيسي لمحطة مياه الوزاني، وهو واحد من ثلاثة أبنية تضررت جميعها، وفق رئيس بلدية الوزاني أحمد المحمد.

وقال المحمد لوكالة أنباء ((شينخوا)) "إن الصواريخ أدت إلى تدمير محتويات المباني الثلاثة من معدات وأجهزة كهربائية إلى مضخات دفع المياه وملحقاتها من شبكات توزيع وتغذية ليتوقف ضخ المياه عن عشرات القرى والبلدات في القطاعات الشرقي والأوسط والغربي من المنطقة الحدودية".

وتابع "أن الجيش الإسرائيلي عمل بعد ذلك على فرض طوق ناري حول المحطة والطرقات المؤدية إليها، مما حال دون وصول أية جهة مسؤولة إليها للكشف على الأضرار تمهيدا لوضع مخطط للإصلاح وإعادة وضعها مجددا في الخدمة".

وقال المواطن اللبناني الخمسيني حامد الأحمد، وهو من بلدة الوزاني بشرق جنوب لبنان "إن انقطاع مياه الشفة دفع بمواطني البلدات الحدودية إلى استغلال مياه الأمطار من خلال تجميعها وجرها عبر أنابيب بلاستيكية من أسطح منازلهم إلى براميل".

فيما لجأت نسبة كبيرة من السكان إلى آبار محلية، ومن يغامر بحياته يقصد بعض الينابيع للتزود بالمياه، وفق الأحمد.

ودُشنت محطة مياه نهر الوزاني في 16 أكتوبر عام 2002، وتعد أكبر وأغزر مشروع مائي بجنوب لبنان، بحسب رئيس اتحاد بلديات جبل عامل السابق علي الزين.

وقال الزين الذي واكب مراحل أشغال وإنجاز هذه المحطة لوكالة أنباء ((شينخوا)) "إن المرحلة الأولى من هذا المشروع أنجزت في فترة قياسية لا تتعدى الشهرين".

وتابع "أن مشروع الوزاني يغذي في مرحلته الأولى حوالي 70 قرية انطلاقا من بلدة الوزاني في القطاع الشرقي حتى بلدات بليدا وعيترون وعلما الشعب في القطاعين الأوسط والغربي من جنوب لبنان".

وأضاف "أن مضخاته تضخ يوميًا نحو 12 ألف متر مكعب من المياه تمثل ربع قدرتها الإجمالية المقدرة بـ 45 ألف متر مكعب".

وأكد الزين أن توقف هذه المحطة عن الضخ خلق أزمة مياه شفة حادة في المنطقة الحدودية، خاصة وأن الوضع العسكري الضاغط لا يسمح للأهالي الذين صمدوا في قراهم بالتوجه إلى النهر والينابيع للحصول على حاجاتهم من المياه.

ويتخوف الزين "من إطالة فترة انقطاع المياه ومعضلة تأمينها إلى المنطقة الحدودية في ظل منع الجيش الإسرائيلي الجهات المسؤولة من إصلاح محطات الضخ المعطلة، ناهيك عن عجز الجهات المعنية في تأمين ثمن المعدات المرتفعة جدا والمقدرة بمئات آلاف الدولارات".

وتشهد الحدود بين لبنان وإسرائيل إطلاق نار وقصفا متبادلا بين حزب الله وفصائل مسلحة من جهة، والجيش الإسرائيلي من جهة أخرى منذ اندلاع الحرب بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل في قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي.

وفي هذا الإطار تتعرض البلدات الحدودية اللبنانية لقصف إسرائيلي رداً على إطلاق حزب الله صواريخ من جنوب لبنان على شمال إسرائيل يقول إنها لدعم الفصائل الفلسطينية المسلحة في غزة.

واتهم مدير مؤسسة مياه لبنان الجنوبي وسيم ضاهر الجيش الإسرائيلي بـ"تعمد" قصف محطة الوزاني.

وقال ضاهر لـ((شينخوا)) إن "قصف إسرائيل لمحطة الوزاني كان متعمدا وهادفا وجاء أولا لمنع لبنان من استخدام حقوقه في مياه نهري الحاصباني والوزاني اللذين ينبعان من لبنان ويصبان في بحيرة طبريا شمالي فلسطين. وثانيا للتضييق على السكان الذين صمدوا في قراهم الحدودية بالرغم من أعمال القصف والتدمير والقتل اليومي لدفعهم للمغادرة وتفريغ قراهم".

وأوضح أن "كمية المياه في حوض نهري الحاصباني والوزاني تقدر بـ 450 مليون متر مكعب، وحصة لبنان بحدود 130 مليون متر مكعب يستثمر منها فقط ما بين مليونين إلى ثلاثة ملايين متر مكعب".

وأضاف أن "المؤسسة شرعت منذ فترة في إقامة وتشييد محطة ضخ جديدة في نبع الوزاني محاذية للقائمة حاليا تصل قدرتها إلى 12 مليون متر مكعب سنوياً على أن ترتفع لاحقاً إلى 80 مليون متر مكعب تكون كافية لتغطي بمياه الشفة معظم البلدات في المنطقة الحدودية"، إلا أن "الجيش الإسرائيلي استغل الوضع العسكري الحاصل على الجبهة الحدودية وعمل على إحباط مشروعنا الهادف لاستغلال كميات إضافية من مياه نبع الوزاني".

-- تضرر خزانات ومضخات أخرى

ولم يقتصر الأمر على محطة مياه نهر الوزاني، إذ طال القصف الإسرائيلي معظم مضخات وخزانات تجميع المياه الرئيسية في المنطقة الحدودية بجنوب لبنان، مما أدى إلى تعطيلها وقطع المياه عن عشرات القرى والبلدات، بحسب رئيس المصلحة الإدارية المركزية في مؤسسة مياه لبنان الجنوبي حسين الغول.

ومن بين هذه المشاريع يارون وعلما الشعب ومحيبيب ومجدل زون. وقال الغول إن سعة هذه المشاريع تبلغ "حوالي 1500 متر مكعب من المياه".

وأضاف الغول "أن القصف الإسرائيلي طال أيضا مشاريع الطاقة الشمسية التي تغذي مضخات المياه بالكهرباء، ومنها مشروع بلدة طير حرفا الذي يحوي حوالي 200 لوح (طاقة شمسية)، ومشروع مياه نبع عين الزرقا، الذي أقيم عام 2008 بتكلفة حوالي 150 ألف دولار".

وفي كفرشوبا شرق جنوب لبنان، قال رئيس بلدية كفرشوبا قاسم القادري لـ((شينخوا))"إن البلدية تعجز عن تشغيل بئر المياه الواقع في الطرف الغربي للبلدة بسب القصف الإسرائيلي".

وتابع القادري "نستنجد بين فترة وأخرى بالقوات الدولية والجيش اللبناني لتأمين مواكبة لعمال المياه من أجل تشغيل معدات الضخ ولفترة محدودة تبقى غير كافية لتأمين حاجة البلدة من المياه".

ويبلغ عدد السكان القاطنين في المنطقة الحدودية من جنوب لبنان حوالي 133 ألفا و600 نسمة موزعين على 83 بلدة، وفق إحصائية لوزارة الداخلية اللبنانية، فيما نقلت تقارير عن مسؤول أممي أن التصعيد على الحدود بين لبنان وإسرائيل أدى إلى نزوح أكثر من 86 ألف شخص.

وقال اللبناني الستيني جعفر قبلان، وهو من بلدة ميس الجبل إن السكان الذين مازالوا في القرى الحدودية يقصدون برك تجمع مياه الأمطار القائمة عادة وسط القرى أو في محيطها لنقل حاجتهم للاستعمال المنزلي، أما مياه الشفة نؤمنها من الأمطار أو من مخازن عائدة لمحال تجارية تفتح لفترة قصيرة في اليوم.

أما المواطن علي بعلبكي الذي يقطن في بلدة حولا شًرق جنوب لبنان فيشير إلى أن جهات حزبية تعمل بين فترة وأخرى على توزيع مساعدات على الأهالي من بينها عبوات مياه، وفي الكثير من الحالات نغامر في الوصول إلى الينابيع القريبة من البلدة.

صور ساخنة