بكين 22 فبراير 2024 (شينخوا) في ختام جولته الأوروبية التي استمرت ستة أيام، صرّح وزير الخارجية الصيني وانغ يي للصحفيين يوم الأربعاء، بأن الصين تقف بحزم راسخ كقوة استقرار في خضم عالم يموج بالاضطرابات، وتؤكد أنه يتعين على الدول الرئيسية تعزيز تعاونها على أساس الاحترام والثقة المتبادلين، ومعالجة القضايا الساخنة عبر الحوار والتشاور، وتعزيز الحوكمة العالمية من خلال الوحدة والتنسيق، وتعزيز النمو العالمي من خلال الانفتاح والمنفعة المتبادلة.
-- الصين: داعمة للسلام العالمي
حضر وانغ، وهو أيضا عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، النسخة الـ60 من مؤتمر ميونيخ للأمن، حيث ألقى كلمة في هذه الفعالية بشأن الصين وشرح موقفها بشأن القضايا الدولية الرئيسية في ضوء موضوع المؤتمر، كما زار إسبانيا وفرنسا، وعقد الحوار الاستراتيجي الصيني-الفرنسي في فرنسا في الفترة من 16 حتى 21 فبراير.
وصرّح وانغ للصحفيين، يوم الأربعاء، بأن التقرير السنوي لمؤتمر ميونيخ للأمن هذا العام يعكس تشاؤم أوروبا بشأن الوضع الدولي ويسلط الضوء على التحديات الكبيرة التي تواجه العالم اليوم.
وقال إن خطر وضع "الخسارة للجميع" يفاقم العجز الكبير في الحوكمة العالمية وتصاعد التوترات في النقاط الساخنة الإقليمية وزيادة ألعاب المحصلة الصفرية والاندفاع نحو فك الارتباط وقطع سلاسل الصناعة والإمداد.
وأضاف أن مؤتمر ميونيخ للأمن عقد جلسة مخصصة للصين، أرسلنا خلالها رسالة واضحة مفادها أن الصين ستعمل بحزم كقوة استقرار في خضم عالم مضطرب.
وعلى هامش المؤتمر، أجرى وانغ اتصالات مكثفة مع مسؤولين من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي وكندا والأرجنتين وأوكرانيا.
وخلال المناقشات الصريحة والموضوعية والبناءة مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أكد وانغ أنه يتعين على الجانب الأمريكي أن ينظر إلى تنمية الصين بموضوعية وعقلانية، وأن يتبنى سياسة إيجابية وبراجماتية تجاه الصين، وأن ينفذ بجدية التوافق الذي توصل إليه رئيسا البلدين في قمة سان فرانسيسكو.
وخلال اجتماعه مع مسؤولين من دول أخرى، أكد وانغ مجددا أن تنمية الصين تعني نمو قوة السلام والاستقرار وتعني المزيد من فرص التعاون.
وقال إن الصين تقف بثبات كداعمة للسلام العالمي ومساهمة في التنمية العالمية ومزودة للمنافع العامة.
وفيما يتعلق بالأزمة الأوكرانية، قال وانغ إن الحل السياسي هو المسار الوحيد للمضي قدما، موضحا بقوله "علينا ألا نتخلى عن تعزيز محادثات السلام طالما أن هناك بصيص من الأمل"، مضيفا أن بلاده ستواصل لعب دور بناء في استعادة السلام ودعم بناء إطار أمني أوروبي متوازن وفعال ومستدام.
وفيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي-الفلسطيني الذي أودى بحياة ما يقرب من 30 ألف مدني ونزوح حوالي 1.9 مليون شخص، قال وانغ إن السبب الجذري للصراع يكمن في الفشل المستمر في تلبية التطلعات الفلسطينية لإقامة دولة.
وأوضح أن موقف الصين واضح -- إذ يتعين وقف إطلاق النار فورا، وضمان وصول المساعدات الإنسانية، وإطلاق سراح جميع المحتجزين، وعقد مؤتمر دولي للسلام، وإعادة إطلاق حل الدولتين، جنبا إلى جنب مع الهدف الأخير المتمثل في التعايش السلمي بين الدولتين والتعايش المتناغم بين الشعبين العربي والإسرائيلي.
-- الشراكة: كلمة رئيسية في العلاقات بين الصين وأوروبا
وفيما يتعلق بالعلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي، قال وانغ يوم الأربعاء إنه يتعين على الجانبين جعل الشراكة والتعاون دعامة أساسية لعلاقاتهما، والسعي إلى أرضية مشتركة مع تنحية الخلافات جانبا وتضييق هذه الخلافات من أجل دفع علاقاتهما قدما بشكل مطرد.
وفي إسبانيا، التقى وانغ بالملك فيليب السادس ورئيس الوزراء بيدرو سانشيز ووزير الخارجية خوسيه مانويل ألباريس، حيث أعرب الجانب الإسباني خلال هذه الزيارة عن استعداده لتعزيز الصداقة التقليدية وتعميق التعاون العملي.
وفي فرنسا، التي تحتفل الصين معها بالذكرى الـ60 لإقامة العلاقات الدبلوماسية هذا العام، التقى وانغ بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وشارك في رئاسة النسخة الـ25 من الحوار الاستراتيجي الصيني-الفرنسي مع إيمانويل بون المستشار الدبلوماسي للرئيس الفرنسي. كما أجرى وانغ محادثات مع وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه في ميونيخ.
واتفق الجانبان على تبادل الزيارات عالية المستوى، وتعزيز التواصل الاستراتيجي، ومعارضة "فك الارتباط" ومعارضة قطع سلاسل الصناعة والإمداد، وتعميق التعاون التقليدي، وتوسيع التعاون في المجالات الناشئة.
وقال وانغ إن الصين وأوروبا استأنفتا التبادلات الشخصية على مختلف المستويات ونشطتا الحوار والتعاون بشكل كامل في مختلف المجالات منذ العام الماضي، وهو ما "يُظهر أداء مستقرا جنبا إلى جنب مع زخم إيجابي لنمو العلاقات الثنائية".
وقال وانغ "إنني لاحظت نموا في المفهوم العقلاني عن الصين بين الأوروبيين، حيث يرون أن تنمية الصين تتماشى مع منطق التاريخ، الأمر الذي لا ينبغي لأوروبا أن تخشاه أو ترفضه".
وأوضح أن الجانب الأوروبي إيجابي بشأن تعزيز التبادلات على مختلف المستويات مع الصين، ومتحمس لتعميق التعاون العملي مع الصين، حيث يتطلع إلى المزيد من النتائج الملموسة من العمليات الثنائية في مجالات مثل الاقتصاد والتجارة والطاقة والتنمية الخضراء والرقمنة والتعليم والتبادلات الشعبية.
وأضاف وانغ: "نود أن نتقاسم فرص السوق الصينية واسعة النطاق مع أوروبا، ونرحب بمشاركة أوروبا بنشاط في الانفتاح المؤسسي عالي المستوى في الصين"، لافتا إلى جهود الصين المستمرة في تحرير الوصول إلى الأسواق ووضع معايير مرجعية لقواعد التجارة الدولية وإزالة العوائق أمام الأجانب القادمين إلى الصين.
وقال إن الأوروبيين من جميع مناحي الحياة يعارضون بوضوح "فك الارتباط"، كما بدأ أصحاب الرؤى في التفكير في المخاطر الناجمة عن "إزالة المخاطر"، مسلطا الضوء على حقيقة أن الاعتماد المتبادل بين الدول على أساس الثقة المتبادلة يفضي إلى مزايا تكميلية وتنمية مشتركة أسرع.
وأوضح أن أوروبا تحتل مكانا مهما في دبلوماسية الدولة الكبيرة ذات الخصائص الصينية التي تنتهجها الصين، كما أنها شريك أساسي للصين لتحقيق التحديث، مضيفا أن التعاون الأقوى بين الصين وأوروبا سيقضي على احتمالية نشوب "حرب باردة" جديدة في مهدها وسيمنع المواجهة بين الكتل.