نيروبي 20 فبراير 2024 (شينخوا) بعث الرئيس الصيني شي جين بينغ برسالة تهنئة إلى القمة الـ37 للاتحاد الأفريقي يوم السبت، داعيا إلى وضع مخطط جديد للتعاون الصيني-الأفريقي وتعزيز البناء المشترك لمجتمع صيني-أفريقي رفيع المستوى ذي مستقبل مشترك.
وقال ممثلون من جميع مناحي الحياة في مختلف الدول الأفريقية إنهم يقدرون عاليا رسالة الرئيس شي، معربين عن اعتقادهم بأنها تعكس تقدير الصين الكبير لأفريقيا ودعمها القوي للتنمية الأفريقية.
ويرون أن العلاقات الصينية-الأفريقية ستظل نموذجا للتعاون بين دول الجنوب، ويتطلعون قدما إلى العمل معا للسعي من أجل التحديث.
وانطلقت أعمال الدورة العادية الـ37 لمؤتمر رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقي يوم السبت في مقره بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
-- إصلاحات الحوكمة العالمية
وذكر الرئيس شي أن عالم اليوم يشهد تغيرات عميقة لم يشهدها منذ قرن، وأن الجنوب العالمي، الذي تمثله الصين وأفريقيا، آخذ في الازدهار، ما يؤثر بعمق على مسار تاريخ العالم.
وأوضح الرئيس شي أن الاتحاد الأفريقي يجمع البلدان الأفريقية معا للسعي نحو القوة من خلال الوحدة، وتعزيز التكامل، وكذلك بناء مناطق تجارة حرة، لافتا إلى أن انضمام الاتحاد الأفريقي الناجح إلى مجموعة العشرين عزز بشكل أكبر تمثيل أفريقيا ورفع صوتها في الحوكمة العالمية، وتقدم الصين تهانيها القلبية على ذلك.
وقال لالو إيتالا، كبير المحررين في هيئة الإذاعة الإثيوبية، إن "رسالة الرئيس شي تظهر بوضوح أن الصين تقف إلى جانب أفريقيا في جهودها التنموية".
وذكر إيتالا أنه في العام الماضي، حظي كل من انضمام إثيوبيا إلى آلية بريكس والعضوية الرسمية للاتحاد الأفريقي في مجموعة العشرين بدعم صريح من الصين، مشددا على أن ذلك يبرز نتائج التعاون بين دول الجنوب ويمثل انتصارات كبيرة للتعاون بين الدول النامية، الأمر الذي يزيد من حجم أصواتها على المسرح العالمي.
وأعرب يوسف ماندوها عثماني، رئيس لجنة الممثلين الدائمين للاتحاد الأفريقي، عن امتنانه لالتزام الصين تجاه جميع جوانب التنمية في القارة.
وقال عثماني إن "أفريقيا تشيد بهذا التعاون المربح للجانبين وستواصل تعزيزه، إضافة إلى الشراكة النموذجية".
وأوضح أمادو ديوب، الخبير السنغالي في شؤون الصين، أنه من خلال زيادة الاستثمار وإعادة التوازن في العلاقات الدولية، شكل التعاون علاقات دولية جديدة بين الجانبين، وأثر على اتجاهات السياسة العالمية وأساليب الحوكمة في جميع أنحاء العالم.
وذكر بنجامين مغانا، رئيس تحرير صحيفة ((الغارديان)) في تنزانيا، إن رسالة الرئيس شي تشدد على أهمية التضامن والوحدة بين الدول الأفريقية وتؤكد أيضا على دور أفريقيا في الحوكمة العالمية، مما يعكس دعم الصين الثابت لتنمية أفريقيا والتزامها بتعزيز التعاون.
وقالت رايسا آدا ألوغو، كبيرة مسؤولي السياسات في إدارة البنية التحتية وتنمية الطاقة بالاتحاد الأفريقي، "أعتقد أن تجربة التنمية الصينية مفيدة ليس فقط لأفريقيا بل أيضا للبلدان النامية الأخرى".
وأضافت أنه "من خلال التعاون المربح للجانبين، يمكننا تعزيز التأثير الدولي للبلدان النامية ودفع العالم بشكل جماعي نحو مستقبل أفضل".
-- السعي معا للتحديث
وأكد الرئيس شي أن العلاقات بين الصين وأفريقيا خلال العام الماضي أصبحت أعمق، مضيفا أن حوار قادة الصين وأفريقيا قد عُقد بنجاح، حيث قرر الجانبان دعم بعضهما البعض في استكشاف مسارات التحديث الخاصة بهما وخلق بيئة ملائمة من أجل تحقيق الرؤى التنموية لكل منهما بصورة مشتركة.
وذكر روبرت لورميا، السفير المتجول في حكومة ليبيريا، أن "رسالة التهنئة لقيت ترحيبا حارا"، مشيرا إلى أن التعاون بين الصين وأفريقيا كان إيجابيا ومجزيا للغاية، وعاد بالنفع على شعوب أفريقيا.
وأفاد أنه "بالإضافة إلى دعمها للاتحاد الأفريقي الأكبر، تواصل الصين مساعدة الدول الأفريقية على انفراد. لقد استفادت ليبريا، بلدي، بشكل كبير من المساعدة الصينية، وخاصة بعد معاناتها من سنوات عديدة من الحرب وجهود إعادة الإعمار ما بعد الحرب. وقد ساهم هذا الدعم بشكل كبير في تقدمنا التنموي".
وقال جوزيف موتابوبا، وهو خبير رواندي في العلاقات الدولية والشؤون الدبلوماسية، إن "دور الصين كأكبر شريك تجاري لأفريقيا حفز النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل في كلتا المنطقتين"، مضيفا أن اقتراح الرئيس شي حول القيام بمزيد من التعاون في التصنيع والتحديث الزراعي وتنمية المواهب في حوار قادة الصين وأفريقيا العام الماضي في جوهانسبرغ بجنوب أفريقيا، يبشر بالخير.
وعقدت قمة الاتحاد الأفريقي الـ37 تحت شعار الاتحاد الأفريقي لعام 2024 "تعليم أفريقي يواكب القرن الـ21: بناء أنظمة تعليمية مرنة لزيادة الوصول إلى تعليم شامل ومستمر مدى الحياة وذي جودة وملائم لأفريقيا".
ولفتت مارث دوركاغوم بولارانغار، مقررة المجلس الاستشاري للاتحاد الأفريقي لمكافحة الفساد، إلى أنه "يتناغم مع مبادرة الصين لدعم تنمية المواهب في أفريقيا، التي أعلنها الرئيس شي العام الماضي".
وذكرت بولارانغار أن الصين بنت مدارس في أفريقيا وقدمت الموارد، وهو ما كان مفيدا للغاية، مبينة أنه على المستوى الوطني، تتعاون الصين ودول أفريقيا على نطاق واسع في التعليم والرعاية الصحية.
وأضافت أن "التعاون بين أفريقيا والصين حقق العديد من النجاحات. ونأمل أن يستمر هذا التعاون".
ولدى إشارته إلى أن منصات التعاون مع الصين تعالج أوجه القصور بشكل مباشر، أوضح همفري موشي، مدير مركز الدراسات الصينية بجامعة دار السلام في تنزانيا، أنه يتطلع إلى تعزيز التعاون بين الصين وأفريقيا لصالح شعبي الجانبين وتحقيق رؤية المستقبل المشترك.
-- مجتمع ذي مستقبل مشترك
وأعرب الرئيس شي عن الاستعداد للعمل مع قادة الدول الأفريقية، مع التركيز على تحقيق المنافع للشعوب من الجانبين، لوضع مخطط جديد للتعاون الصيني-الأفريقي وتعزيز البناء المشترك لمجتمع صيني-أفريقي رفيع المستوى ذي مستقبل مشترك.
وأشار الرئيس شي إلى أن الدورة الجديدة لمنتدى التعاون الصيني-الأفريقي (فوكاك) ستعقد في عام 2024.
وقال المحلل الاقتصادي الناميبي المستقل جوزيف شيهاما إنه "مما لا شك فيه أن منتدى فوكاك هو خطوة مهمة إلى الأمام في عملية طويلة من التكامل الأفريقي، ليس فقط من وجهة نظر اقتصادية، بل أيضا من منظور سياسي".
وأوضح بول فريمبونغ، المدير التنفيذي للمركز الأفريقي الصيني للسياسات والاستشارات، وهو مركز أبحاث مقره غانا، أن "المنتدى يواصل خدمة غرضه كمنصة للحوار الجماعي للتعاون بين أفريقيا والصين"، معربا عن أمله أن تكون نسخة هذا العام جسرا للتعاون في مجال ريادة الأعمال والمشاريع التي تفيد الشعوب في أفريقيا والصين.
وقال لويس نديشو، الباحث في مركز أبحاث معهد السياسات الأفريقية ومقره نيروبي، إن "النتائج السابقة لمنتدى فوكاك استخلصت أفضل الممارسات حيث أحرز الجانبان تقدما هائلا في نهج قائم على السياسات والاحترام المتبادل، مما عزز فوائد التعاون، وطور خطوط واضحة للاتصال والمشاركة".
وأضاف نديشو أن أفريقيا تتطلع في المستقبل إلى بناء مجتمع صيني-أفريقي ذي مستقبل مشترك أكثر قوة والسعي وراء تحقيق الخير الأكبر والمصالح المشتركة للشعوب.
ويرى أنطوان روجر لوكونغو، أستاذ السياسات والإستراتيجيات الدولية بجامعة جوزيف كاسا-فوبو في جمهورية الكونغو الديمقراطية، أنه منذ أن طرح الرئيس شي سياسة الصين تجاه أفريقيا التي تستند إلى الإخلاص والنتائج الحقيقية والتقارب وحسن النية، جمعت الصين بشكل وثيق بين تنميتها ومساعدة تنمية أفريقيا لتحقيق التعاون المربح للجميع والتنمية المشتركة.
وقال لوكونغو "على مر السنين، تواصل الصين الدفع من أجل الرخاء والأمن والاستقرار المشترك، وتنفذ تعاونا مربحا للجميع على أساس الظروف والحقائق الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية للدول الأفريقية، مهما كانت كبيرة أو صغيرة، وتعمل معها بشكل مشترك لحماية العالم".