صنعاء 4 فبراير 2024 (شينخوا) شنت الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا السبت ضربات جديدة ضد أهداف لجماعة الحوثي في اليمن في مسعى لإضعاف قدراتها على مهاجمة عمليات الشحن الدولية في البحر الأحمر، فيما قلل الحوثيون من تأثير هذه الضربات، معتبرين أن استمرارها سيزيد من مأزق ومشاكل واشنطن ولندن في المنطقة.
-- 48 غارة جوية
وقال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن في بيان إن الضربات نُفذت بدعم من أستراليا والبحرين وكندا والدنمارك وهولندا ونيوزيلندا، واستهدفت 13 موقعا مرتبطا بمنشآت للحوثيين تحت الأرض لتخزين الأسلحة وأنظمة صواريخ ومنصات إطلاق وأنظمة دفاع جوي وأجهزة رادار.
وتابع أن هذه العملية "ترسل رسالة واضحة إلى الحوثيين".
وذكرت القيادة المركزية الأمريكية في بيان نشرته على حسابها في منصة ((إكس)) أن الضربات ركزت على أهداف استخدمت لمهاجمة السفن التجارية الدولية والسفن الأمريكية والسفن البحرية في المنطقة.
وأكد البيان أن "هذه الضربات تهدف إلى إضعاف قدرات الحوثيين المستخدمة لمواصلة هجماتهم المتهورة وغير القانونية على القوات الأمريكية والمملكة المتحدة وكذلك الشحن التجاري الدولي في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن".
وخلال هذه الضربات، نشر الجيش الأمريكي مقاتلات من طراز "إف/إيه-18" على متن حاملة الطائرات "يو إس إس دوايت دي. أيزنهاور"، وأطلق صواريخ كروز من طراز "توماهوك" من سفن حربية أمريكية نُشرت في البحر الأحمر، وفق تقارير إعلامية أمريكية نقلا عن مسؤولين أمريكيين.
وأحصى الحوثيون في هذا الهجوم 48 غارة جوية على مواقع عسكرية في العاصمة صنعاء ومحافظات أخرى خاضعة لسيطرتهم في اليمن.
وقال المتحدث العسكري للحوثيين العميد يحيى سريع في بيان صحفي اليوم إن "طيران العدوان الأمريكي البريطاني شن 48 غارة جوية خلال الساعات الماضية".
وأوضح سريع أن الغارات استهدفت أمانة العاصمة ومحافظات صنعاء والحديدة الساحلية المطلة على البحر الأحمر وتعز والبيضاء وحجة وصعدة معقل جماعة الحوثي في أقصى الشمال اليمني.
وأكد المتحدث العسكري للحوثيين أن "هذه الاعتداءات لن تثنينا عن موقفنا الأخلاقي المساند للشعب الفلسطيني الصامد في قطاع غزة، ولن تمر دون رد وعقاب".
وتسببت الغارات الجوية على مقار عسكرية في جبل النهدين المطل على دار الرئاسة وسط العاصمة ومعسكرات في أطرافها في انفجارات ضخمة وتصاعد ألسنة اللهب، وفق سكان محليون.
ومنذ 12 يناير الماضي تشن الولايات المتحدة وبريطانيا ضربات على أهداف في العاصمة صنعاء ومحافظات أخرى في اليمن خاضعة لسيطرة الحوثيين ردا على هجمات تشنها الجماعة ضد سفن تجارية في البحر الأحمر.
وتشن جماعة الحوثي منذ نوفمبر الماضي عمليات عسكرية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن تقول إنها تستهدف سفنا إسرائيلية أو متجهة إلى إسرائيل على خلفية الحرب المستمرة بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والجيش الإسرائيلي في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي.
وطالت هجمات جماعة الحوثي في الآونة الأخيرة سفنا تجارية وعسكرية أمريكية وبريطانية في البحر الأحمر وخليج عدن.
ومع بدء الضربات الأمريكية البريطانية هددت جماعة الحوثي بأن كل مصالح واشنطن ولندن أصبحت "أهدافاً مشروعة"، وتوعدت مرارا بالرد على أي هجوم ومواصلة استهداف السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى إسرائيل في البحر الأحمر.
واليوم قللت جماعة الحوثي من تأثير الضربات الأمريكية البريطانية، معتبرة أن استمرارها يزيد من مأزق ومشاكل واشنطن ولندن في المنطقة.
-- "لن تحقق أي هدف"
وقال المتحدث الرسمي ورئيس الوفد المفاوض للحوثيين محمد عبدالسلام في منشور على منصة ((إكس)) اليوم إن "استمرار العدوان الأمريكي البريطاني على بلدنا لن يحقق للمعتدين أي هدف بل يزيد من مآزقهم ومشاكلهم على مستوى المنطقة".
وتابع عبدالسلام أنه "بشأن القدرات اليمنية العسكرية نحب أن نؤكد أنها ليس من السهل تدميرها وقد أعيد بناؤها في ظل سنوات حرب قاسية".
وطالب المتحدث واشنطن ولندن بوقف فوري "للعدوان" الإسرائيلي على غزة بدلا من التصعيد، قائلا إنه "عوضا عن التصعيد وإشعال جبهة جديدة في المنطقة، على أمريكا وبريطانيا الانصياع للرأي العام الدولي المطالب بوقف فوري للعدوان الإسرائيلي ورفع الحصار عن غزة والكف عن حماية إسرائيل على حساب الشعب الفلسطيني".
وأكد عبدالسلام أن "الغارات العدوانية سواء على بلدنا أو على العراق وسوريا سوف تزيد من كراهية الشعوب وتوحدها ضد الوجود الاستعماري الأمريكي في المنطقة"، مشددا على أن قرار جماعة الحوثي "بمساندة غزة ثابت ومبدئي ولن يتأثر بأي اعتداء".
وتأتي الضربات قبيل زيارة مرتقبة لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى المنطقة في جولة هي الخامسة منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس قبل نحو أربعة أشهر.
وأعلنت وزارة الخارجية الأمريكية الجمعة الماضية أن بلينكن سيزور الشرق الأوسط في الفترة من من الأحد إلى الخميس، وستشمل الزيارة السعودية وقطر ومصر ودول أخرى في المنطقة.
وسيبحث بلينكن خلال الزيارة التوصل إلى اتفاق يضمن إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين ويتضمن هدنة إنسانية تسمح بتوصيل المساعدات الإنسانية بشكل مستدام ومتزايد للمدنيين في غزة، وسيؤكد خلالها على أن الولايات المتحدة ستتخذ الخطوات المناسبة للدفاع عن الحق في حرية الملاحة في البحر الأحمر، وفق بيان للخارجية الأمريكية.
وقال بلينكن على منصة ((إكس)) "سأعود إلى الشرق الأوسط لمواصلة العمل مع شركائنا بشأن كيفية تحقيق السلام الدائم في المنطقة مع توفير الأمن الدائم للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء".
وقال رئيس مركز (أبعاد) للدراسات الاستراتيجية عبدالسلام محمد، وهو مركز غير حكومي يمني، إن زيارة بلينكن هي بدافع سياسي لاحتواء الوضع في المنطقة.
وأوضح عبدالسلام لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن الزيارة يتوقع أن تركز على وضع هدنة أو وقف الحرب في غزة، بالإضافة إلى عملية استجلاب الدعم السياسي للتهدئة في المنطقة بما في ذلك منطقة البحر الأحمر.
وتابع أن زيارة بلينكن يتوقع أن تركز أيضا على البحث مع الشركاء في المنطقة في كيفية إيقاف هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.
وجاءت الضربات الجديدة على أهداف للحوثيين في أعقاب الغارات الجوية الأمريكية الانتقامية التي نُفذت في العراق وسوريا يوم الجمعة ردا على هجوم بطائرة مسيّرة أسفر عن مقتل ثلاثة جنود أمريكيين. وكانت ضربات السبت هي المرة الثالثة في الأيام الأخيرة التي يشن فيها التحالف الأمريكي والبريطاني ضربات ضد أهداف للحوثيين.
ففي يوم السبت أيضا، شن الجيش الأمريكي ضربات ضد ستة صواريخ كروز مضادة للسفن تابعة للحوثيين كانت معدة لإطلاقها ضد سفن في البحر الأحمر.
وأسقطت القوات الأمريكية يوم الجمعة عدة مسيّرات تابعة للحوثيين فوق خليج عدن والبحر الأحمر.
-- مساع حكومية
ومع تواصل العمليات العسكرية الأمريكية البريطانية ضد الحوثيين تسعى الحكومة اليمنية للحصول على دعم لفرض سيطرتها على الأرض في البلاد.
وذكرت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) التي تديرها الحكومة أن رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي التقى اليوم مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف، وسفير الولايات المتحدة لدى اليمن ستيفين فايجن.
وتطرق اللقاء إلى "تداعيات هجمات المليشيات الحوثية ضد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن"، وفق الوكالة.
وجدد العليمي خلال اللقاء "التحذير من مخاطر استمرار تدفق الأسلحة الإيرانية والأموال المهربة للمليشيات الحوثية والمنظمات الإرهابية المتخادمة معها على السلم والأمن الدوليين".
وشدد "على أهمية دعم الحكومة اليمنية لفرض سيطرتها على كامل التراب الوطني، تنفيذا لقرارات الشرعية الدولية وخصوصاً القرار 2216 باعتباره خارطة طريق مثلى لنزع سلاح المليشيات وإحلال السلام والاستقرار في اليمن".
ويخوض الحوثيون حربا ضد الحكومة اليمنية منذ أواخر العام 2014، ويسيطرون على العاصمة صنعاء ومعظم محافظات الشمال اليمني، بما في ذلك محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر غربي اليمن.