واشنطن أول فبراير 2024 (شينخوا) حذر مسؤول بصندوق النقد الدولي من أن التوترات الجيوسياسية، وخاصة مع تزايد الهجمات على السفن في البحر الأحمر، يمكن أن تحفز التضخم العالمي مرة أخرى، وتؤدي إلى تراجع التقدم الذي تحقق بشق الأنفس.
وقال دانيال لي، الذي يرأس قسم الدراسات الاقتصادية العالمية في إدارة الأبحاث بصندوق النقد الدولي، لوكالة أنباء ((شينخوا)) في مقابلة افتراضية معه يوم الثلاثاء "كانت لدينا مفاجأة إيجابية حيث ارتفع النمو وانخفض التضخم. ويرجع جزء من ذلك إلى تحسن مشكلات جانب العرض، ما أدى إلى تقليل المدد الزمنية اللازمة لتسليم البضائع".
"لكن الخطر الآن يتمثل في أن بعض ذلك يمكن أن ينقلب مساره، وقد تكون هناك صدمات جيوسياسية تُبطئ المدد الزمنية اللازمة للتسليم وتجعل التكاليف ترتفع مرة أخرى"، حسبما ذكر لي.
ولدى إشارته إلى أن 11 في المائة من التجارة العالمية تمر عبر قناة السويس، قال لي إن صندوق النقد الدولي قلق من أن تدهور الوضع في البحر الأحمر قد يزيد من تكاليف الشحن، كما حدث بالفعل.
وذكر أن التأثير علي التضخم قد يكون متواضعا بالمستويات الحالية، ولكن "هناك خطر من أن يصبح مشكلة بالنسبة للبنوك المركزية التي أحرزت بالفعل تقدما نحو ذلك الهبوط الهادئ، ويخلق تضخما أعلى من المتوقع".
فقد رفع صندوق النقد الدولي يوم الثلاثاء توقعات النمو العالمي إلى 3.1 في المائة في عام 2024، بزيادة 0.2 نقطة مئوية عن التوقعات الصادرة في أكتوبر، وفقا لأحدث تقرير له حول آفاق الاقتصاد العالمي.
وأشار صندوق النقد الدولي إلى أن المراجعة التصاعدية تعكس رفع التقديرات بالنسبة للصين والولايات المتحدة والأسواق الناشئة الكبيرة والاقتصادات النامية.
غير أن توقعات النمو العالمي في عامي 2024 و2025 أقل من المتوسط السنوي التاريخي (2000-2019) البالغ 3.8 في المائة، ما يعكس السياسات النقدية التقييدية وسحب الدعم المالي، فضلا عن انخفاض نمو الإنتاجية الأساسي، وفقا لما ذكره صندوق النقد الدولي.
وصرح لي لـ((شينخوا)) بأن هناك أسبابا قصيرة وطويلة الأجل لنمو الاقتصاد العالمي دون المتوسط.
ولفت إلى أن "السبب القصير الأجل يكمن في أن هناك معركة ضد التضخم لا تزال قائمة مع ارتفاع تكاليف الاقتراض، الأمر الذي يؤدي إلى تهدئة وتيرة النمو بهدف الحد من التضخم".
وهناك عامل آخر يتلخص في الزيادة الضخمة في الديون الحكومية، حيث قال مسؤول صندوق النقد الدولي "نتوقع من الحكومات أن تبدأ في محاولة الحد من تلك الديون، وزيادة الضرائب، وتقليص الإنفاق الذي يؤثر على النمو على المدى القصير أيضا".
أما التحديات طويلة الأجل فتنبثق عن انخفاض الإنتاجية، حسبما قال لي. وتنبع التحديات طويلة الأجل من تراجع الإنتاجية على مدى العقدين الماضيين اللذين شهدا فترة من العولمة المكثفة، وإصلاحات في جانب العرض، وانتقال بلدان من الدخل المنخفض إلى الدخل المتوسط.
وذكر أنه مع ارتفاع الدول في مستوى الدخل، يتفاقم التباطؤ الطبيعي في النمو بسبب تناقص التركيز على تنفيذ إصلاحات حاسمة، وهو ما يُضعف الإنتاجية.
وحذر لي، وكذلك بعض مسؤولي صندوق النقد الدولي الآخرين، مرارا من التكاليف المترتبة على حالة التفتت في الاقتصاد العالمي. وقال إن انقسام الاقتصاد العالمي إلى كتل جيوسياسية "لديه القدرة، إذا استمر، على الحد بشكل خطير من الرخاء العالمي".
وتُبين أبحاث صندوق النقد الدولي أن التكاليف قد تتراوح بين 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي و7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، مع كون البلدان الناشئة والنامية الأكثر تأثرا بالإجراءات المشوهة للتجارة.
وقال لي "لكن الأمر لا يتعلق فقط بالتجارة. هناك أيضا تدفقات استثمارية"، مشيرا إلى أنه إذا زادت الانقسامات حدة، ستتراجع الكفاءة، ما يمنع تحقيق الإنتاجية المثلى ويقلل الناتج العالمي.
وذكر مسؤول صندوق النقد الدولي إن هناك أيضا قناة لأسواق السلع، وخاصة في سياق التحول الأخضر، مضيفا أن بعض تلك المعادن، مثل الكوبالت والنيكل، تتركز بشدة في عدد قليل من الدول.
وقال "إذا ارتفع الجدار، ولم تكن تلك البلدان على جانبك من الجدار، فسيكون الأمر أكثر تكلفة بكثير بالنسبة لك لتحقيق التحول الأخضر أو حتى يمكن أن يعمل على إبطاء تحقيقه حقا"، مشيرا إلى أنه "لهذا السبب (نحن) قلقون للغاية إزاء الانقسام".
ووفقا لأحدث تقرير حول آفاق الاقتصاد العالمي، من المتوقع أن يبلغ النمو في الصين 4.6 في المائة في عام 2024، مع مراجعة تصاعدية تبلغ 0.4 نقطة مئوية منذ أكتوبر 2023.
وذكر لي أن المصدر الرئيسي لهذا التحديث بالارتفاع مستمد من حزمة الإنفاق الحكومي الجديدة التي تتضمن استثمارات في البنية التحتية لتعزيز قدرة الاقتصاد على الصمود في مواجهة الكوارث المناخية.
ولدى إشارته إلى أن الحكومة الصينية قدمت بالفعل الدعم السياساتي، قال المسؤول بصندوق النقد الدولي إن هناك المزيد الذي يمكن القيام به فيما يتعلق بتسريع إعادة هيكلة المطورين في قطاع العقارات.
وأضاف أن تعزيز ثقة أولئك الذين دفعوا بالفعل ثمن شققهم وضمان حصولهم على ممتلكاتهم سيزيد من التفاؤل ويشجع الاستهلاك.