غزة 21 يناير 2024 (شينخوا) لساعات طويلة يوميا ينشغل الطفل الفلسطيني حمد السكسك بصناعة العشرات من الطائرات الورقية باستخدام النايلون وأعواد خشبية رفيعة في مخيم النزوح الذي يعيش فيه بمدينة رفح جنوب قطاع غزة.
ويقول السكسك البالغ من العمر (12 عاما)، وهو من مدينة غزة لوكالة أنباء ((شينخوا)) إنه لجأ في البداية لصناعة الطائرات الورقية من أجل اللعب وقضاء أوقات مرح مع أشقائه ورفاقه بالمخيم للتخلص من الضغوط النفسية التي يعانون منها بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة في مخيمات النزوح.
ويضيف السكسك بينما أنهى صناعة طائرة ورقية لأحد جيرانه "عندما كنت أقوم باللعب بالطائرة الورقية وأطيرها في السماء هرع عشرات الأطفال نحوي يستفسرون عن المكان الذي اشتريتها منه وكم السعر (...) حينها أتتني فكرة صناعتها وبيعها وجني بعض المال لمساعدة والدي في المصاريف اليومية".
وما إن ينتهي السكسك من صناعة الطائرات الورقية يتهافت الأطفال عليه لشرائها والإسراع لإطلاقها في السماء بينما تتعالى ضحكاتهم فرحا بما يسمونه "إنجازا" لقدرتهم على السيطرة عليها والحفاظ على تحليقها في السماء.
ويقول السكسك "آمل أن نتمكن يوما ما من التحليق والتحرك بحرية كما هو حال هذه الطائرة. نحن تعبنا من الحرب والموت الدائم في غزة. من حقنا أن نعيش حياتنا مثل باقي أطفال العالم دون خوف من الأوضاع التي نعيشها طوال حياتنا".
وإلى حين تحقيق السكسك حلمه بالعيش آمنا، يشرح بأنه يسعى إلى جني المال من خلال موهبته في صناعة الطائرات الورقية، لافتا إلى أنه يقوم بإنتاج ما يقارب 30 طائرة يوميا، حيث يبيع كل واحدة بدولارين أمريكيين.
ومع ذلك، لم تعد مهمة السكسك سهلة، حيث أنه بالكاد يتمكن من شراء الأخشاب الرفيعة والنايلون والخيطان اللازمة لصناعة طائراته الورقية في ظل غلاء الأسعار غير المعقول الذي يضرب مدينة رفح، على حد تعبيره.
ويضيف "الوضع صعب للغاية هنا. قد يبدو للبعض أنني أجني الكثير من الأموال ولكن بالحقيقة ما أجنيه بالكاد يكفيني لمساعدة والدي في مصاريف عائلتنا اليومية التي تعاني الويلات بسبب ما يجري في غزة".
ويعيش السكسك في خيمة مؤقتة أقامتها عائلته في مواصي مدينة رفح، وهي إحدى المناطق التي أعلن الجيش الإسرائيلي أنها آمنة وطالب السكان المحليين بالتوجه إليها لتفادي الهجمات العسكرية الإسرائيلية.
وعلى مسافة ليست ببعيدة عن السكسك، ينشغل الطفل الفلسطيني موسى عبد العزيز، بإطلاق عنان طائرته الورقية التي اشتراها للتو من جاره السكسك نحو السماء، موجها إياها يمينا ويسارا للحفاظ عليها محلقة عاليا.
ويتشارك عبد العزيز البالغ من العمر (13 عاما) ضحكاته مع رفاقه الذين يحيطونه ويحاولون منافسته في الإمساك بطائراتهم الخاصة مرددين كلمات "دعوها تحلق. لا تسمحوا لها بالهبوط مهما كان السبب".
ويقول عبد العزيز لـ((شينخوا)) "هنا لا يوجد ألعاب ولا أي شيء آخر. أنا حقا سعيد بهذه اللعبة فهي تمنحني القدرة على التفاؤل بأننا يوما ما سنستعيد حياتنا في غزة ونعيش بحرية كما هو حال أطفال العالم".
ويتمنى السكسك وعبد العزيز أن تنتهي الحرب الإسرائيلية الحالية في أقرب وقت ممكن وأن يتمكنوا من العودة إلى ديارهم في مدينة غزة واستعادة روتين حياتهم اليومية كما كانت قبل السابع من أكتوبر الماضي.
ومنذ السابع من أكتوبر الماضي تشن إسرائيل حربا واسعة النطاق ضد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة تحت اسم "السيوف الحديدية" خلفت أكثر من 25 ألف قتيل وتدمير واسع للبنية التحتية والمباني السكنية.
وبدأت الحرب بعد أن شنت حماس هجوما غير مسبوق على جنوب إسرائيل أسمته "طوفان الأقصى"، أودى بحياة أكثر من 1200 إسرائيلي، وفق السلطات الإسرائيلية.
من جانبه يقول صامد ياسين، وهو نازح فلسطيني من مدينة غزة، إنه تمكن أخيرا من رؤية ابنه الأصغر وجيه ينخرط في اللعب مع رفاقه بعد إصابته بصدمات نفسية عديدة جراء الاستهدافات الإسرائيلية المتكررة بالبيوت المجاورة لهم، سواء بمدينة غزة أو أماكن النزوح التي لجأوا إليها خلال الفترة الماضية.
ويضيف ياسين "إن انخراط طفلي بمثل هذه الألعاب تساعده على التخلص من الضغوط النفسية التي يعاني منها بسبب أصوات الانفجارات غير المتناهية في قطاع غزة وكذلك تتيح له الفرصة بأن يستوعب بأن الحياة ستستمر وأن الحرب ستنتهي يوما ما ونعود لحياتنا الطبيعية".