طرح مؤتمر العمل المركزي للشؤون الخارجية، الذي انعقد يومي 27 و28 ديسمبر من عام 2023، مقترحا هاما يدعو إلى تبني عولمة اقتصادية شاملة ونافعة للجميع. ويهدف هذا المقترح إلى توجيه العولمة الاقتصادية نحو الاتجاه الصحيح لحلّ سلسلة من المشاكل التي تواجه عالم اليوم، والمساهمة بالحكمة الصينية في القضايا والتحديات الكبرى، وتوفير أساس متين لبناء مجتمع بشري ذي مستقبل مشترك.
تمثل العولمة الاقتصادية مطلبا موضوعيا لتنمية القوى الإنتاجية ونتيجة حتمية للتقدم العلمي والتكنولوجي. وهي أيضا السبيل الوحيد لتقدم المجتمع البشري واتجاه العصر الذي لا رجعة فيه. ومنذ نهاية الحرب الباردة، أسهمت العولمة الاقتصادية في تعزيز الازدهار التجاري، وتسهيل الاستثمار، وتنقل الأفراد، والتطور التكنولوجي. كما عزّزت التطور السريع للاقتصاد العالمي، وخاصة الصعود الجماعي للأسواق الناشئة.
وفي الوقت نفسه، شهدنا ارتفاعاً ملحوظاً لأشكال مختلفة من الحمائية خلال السنوات الأخيرة، وأصبحت ظواهر مثل علاج المشاكل الداخلية عبر القضايا الخارجية ونقل الصراعات أكثر إثارة للقلق. لكن الحقائق أثبتت أن نهج "إفقار الجار" المناهض للعولمة، لم يفشل في حل المشاكل الداخلية المزمنة فحسب، بل عطّل أيضا سلاسل الصناعة والإمداد العالمية. وأعاق التنمية الصحية للاقتصاد العالمي، وأضرّ بمصالح كل بلدان العالم.
وفي مقابل التحدّيات التي تواجهها العولمة، تعتقد الصين بأن العولمة الاقتصادية يجب أن تخدم مصالح جميع الدول، والتوافق مع التطلعات المشتركة لجميع بلدان العالم، وخاصة البلدان النامية. وحل مشكلة الاختلالات التنموية بين البلدان وداخل الدول الناجمة عن التوزيع العالمي للموارد، وجعل التنمية كافية ومتوازنة.
اليوم، وفي الوقت الذي أصبح فيه الاعتماد المتبادل حقيقة لا مفرّ منها بين الدول، لا يتعين على الدول أن تطور نفسها بشكل جيد فحسب، بل يجب عليها أيضا أن تفكر في كيفية تحقيق تقدم متوازن مع التنمية العالمية. فالعالم بحاجة إلى العمل معًا لجعل "كعكة" العولمة الاقتصادية أكبر حجمًا وتقاسمها أكثر عدلا. حتى تتمكّن مختلف الدول والشعوب والطبقات الاجتماعية من المشاركة والتمتع بثمار التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق المنفعة المتبادلة والرخاء المشترك.
وتؤمن الصين بأن العولمة الاقتصادية يجب أن تكون شاملة، وهو ما يعني دعم جميع البلدان لإيجاد مسارات التنمية التي تناسب ظروفها الوطنية، مع العمل معا على خلق تنمية مشتركة لجميع شعوب العالم. وعلينا أن نعارض جميع أشكال الأحادية والحمائية، وأن نقاوم المعايير والقواعد المتحيّزة والإقصائية. وأن نعمل سويا على تحرير التجارة والاستثمار وتسهيلهما، والحفاظ على استقرار وسلاسة سلاسل الصناعة والتوريد العالمية، وتعزيز التفاهم المتبادل والتوافق المتبادل ومراعاة مصالح واهتمامات بعضنا البعض، وحل المشكلات الهيكلية التي تعيق التنمية الصحية للعالم، والحفاظ على حيوية وزخم النمو الاقتصادي العالمي.
يقول المثل الصيني، "كل شيء يمكنه أن يحيا إذا وجد شكله الأصلي، وكل شيء يمكنه أن ينجح إذا وجد طريقته". والعولمة الاقتصادية الشاملة والتي تفيد الجميع، هي تطلعات الشعوب والطريق الصحيح للعالم. وعلينا أن نفهم بعمق أهمية هذا الاقتراح، وممارسته بنشاط في العلاقات الخارجية والتعاون الدولي، وأن نعزّز العولمة الاقتصادية لتصبح أكثر انفتاحا وشمولا وعالمية وتوازنا، ونعمل على تعميق وترسيخ بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية.