غزة 11 ديسمبر 2023 (شينخوا) علت صرخات المصاب الفلسطيني أكرم معمر من على سرير العلاج في مستشفى "الأقصى" في دير البلح وسط قطاع غزة جراء إصابته في غارة إسرائيلية استهدفت منزل جيرانه غرب المدينة.
ويمكث معمر (38 عاما) داخل غرفة العمليات بالمستشفى الحكومي الرئيسي التي تستقبل يوميا على مدار الساعة جرحى وقتلى من مناطق تشمل مناطق دير البلح والنصيرات والبريج والمغازي و الزوايدة.
وتعمل المستشفى في حالة قصوى من الطوارئ وسط نقص شديد من الأدوية وصعوبة في حركة كوادرها الطبية، مما يهدد المنظومة الصحية في غزة بالانهيارمع تصاعد حرب إسرائيل المستمرة منذ السابع أكتوبر الماضي.
ويقول شقيقه سليمان لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن الطائرات الحربية الإسرائيلية قصفت منزل جيرانهم بصاروخين دون سابق إنذار السبت الماضي ما أدى لإصابة أكرم بجروح خطيرة وأضرار مادية في منزله الملاصق المكون من طابقين.
ويضيف سليمان الذي يراقب صرخات شقيقه عبر زجاج الغرفة الخارجي، أن أكرم أصيب بشظايا في أنحاء جسده ما تسبب في جروح غائرة وبتر في قدمه اليمنى وأن وضعه الصحي غير مستقر، حسبما أبلغونا الأطباء.
ويأمل سليمان بسفر شقيقه إلى الخارج من أجل تلقي العلاج اللازم في ظل شح الإمكانيات الطبية، مطالبا دول العالم بالعمل الجدي لوقف الحرب الإسرائيلية التي يتعرض لها سكان القطاع.
وبحسب وزارة الصحة في غزة ارتفع إجمالي عدد القتلى الفلسطينيين جراء حرب إسرائيل على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي إلى 18205 قتلى و49645 جريحا بجروح مختلفة.
وتمتلئ الغرف والأقسام في المستشفى التي تأوي عشرات آلاف النازحين في ساحتها الخارجية، بعشرات المصابين بجروح وحروق غالبيتها خطيرة حسب المدير الطبي في المستشفى إياد الجبري.
ويقول الجبري إن غرف المستشفى تضم عشرات المصابين غالبيتهم بحاجة إلى عمليات جراحية ولكن حياتهم مهددة جراء تقسيم إسرائيل القطاع لمناطق.
ويوضح أن قطع إسرائيل للطريق الواصل بين وسط وجنوب القطاع يحد من قدرة المؤسسات الدولية على إيصال المساعدات والمستلزمات الطبية والوقود الاصطناعي للمستشفى في ظل الوضع الحالي الصعب.
ويحذر من أن انقطاع الكهرباء عن المستشفى يهدد حياة أشخاص في أقسام العناية والكلى والحضانة، مشيرا إلى أن عدم تحويل الجرحى لخارج القطاع يزيد من الأعداد بالمستشفى نظرا لقلة سعتها السريرية.
ويعمل في قطاع غزة حاليا 20 من أصل 35 مستشفى، كما أن القطاع يعاني أصلا نقصا حادا في الموارد الطبية بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض منذ 16 عاما وفق تقارير فلسطينية رسمية.
وفي مستشفى "ناصر" الأبرز والأكبر في مدينة خانيونس خرج المصاب مؤيد الدسوقي الذي لا يقوى على المشي ويوضع على كرسي متحرك قبل استكمال مرحلة علاجه بسبب إشغال الأسرة جراء الأعداد الكبيرة للجرحى.
وسمح الأطباء في المستشفى للدسوقي (32 عاما) الذي أصيب قبل أيام بكسور في أطرافه السفلية وشرخ في جمجمته جراء غارة إسرائيلية للذهاب إلى منزل أقاربه وسط خانيونس.
ويقول الدسوقي بينما يجر شقيقه الكرسي المتحرك إن الأطباء قرروا خروجي من المستشفى لاستقرار حالتي الصحية وعدم وجود خطر على حياتي.
ومن جهته قال مدير عام المستشفى الطبيب عاطف الحوت إن المستشفى فقدت السيطرة أمام أعداد الإصابات الكبيرة جراء الهجمات الإسرائيلية المكثفة على المدينة التي تستهدف منازل المدنيين المأهولة بالسكان.
وأفاد الحوت في تصريحات صحفية بوجود عشرات الجرحى ينتظرون إجراء عمليات جراحية منذ أيام، مشيرا إلى أن الطواقم الطبية في المستشفى أجرت أكثر من 1700 عملية خلال الحرب الإسرائيلية.
وأوضح الحوت أن الطواقم الطبية تتحمل أعباء كبيرة في سبيل إنقاذ حياة السكان، مؤكدا حاجة المستشفى لأسرة وفرشات للمرضى لأنهم يفترشون الأرض والحالات تزيد يوما بعد يوم في ظل اشتداد الغارات الإسرائيلية.
وطالب بفتح معبر رفح البري لإخراج الجرحى والتخفيف عن مستشفيات القطاع، لافتا إلى أن جثث الضحايا ملقاة على الأرض لأن ثلاجات الموتى فاضت عن طاقاتها.
ونوه إلى أن الطواقم الطبية فتحت بعض العيادات داخل مراكز الإيواء ولكنها غير كافية لأن الإصابات المعوية والجلدية تنتشر بكثافة بين النازحين ومع دخول فصل الشتاء يزداد انتشار الأمراض الصدرية والتنفسية.
وتقدم عدة جهات الدعم والمساعدة لتحسين القطاع الصحي في غزة من بينها وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) والمنظمة العالمية للصحة، بالإضافة لمنظمات غير الحكومية مثل أطباء بلا حدود والهلال الأحمر الفلسطيني.
وفي الصدد قال الناطق باسم وزارة الصحة في غزة أشرف القدرة إن المستشفيات جنوب القطاع فقدت قدراتها الاستيعابية ونسبة انشغالها بلغت 206% في أقسام المبيت و250 % في العنايات المركزة.
وذكر القدرة في بيان أن الوزارة تواجه صعوبات كبيرة في إحصاء القتلى والجرحى نتيجة القصف المستمر وبقاء العديد من الضحايا تحت الأنقاض وفي الطرقات.
وأشار إلى مقتل 295 شخصا من الكوادر الصحية واستهداف أكثر من 50 سيارة إسعاف وإخراجها عن الخدمة، بالإضافة لاعتقال 36 كادرا صحيا من غزة على رأسهم مدير عام مجمع الشفاء الطبي محمد أبو سلمية.
وطالب الأمم المتحدة بتفعيل قراراتها لوقف العدوان الإسرائيلي وحماية المؤسسات الصحية وتوفير ممر إنساني آمن يضمن تدفق الإمدادات الطبية والوقود وخروج مئات الجرحى.
ومنذ السابع من أكتوبر الماضي، تشن إسرائيل حربا واسعة النطاق ضد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة تحت اسم "السيوف الحديدية".
وبدأت الحرب بعد أن شنت حماس هجوما غير مسبوق على جنوب إسرائيل أسمته "طوفان الأقصى"، أودى بحياة أكثر من 1200 إسرائيلي، وفق السلطات الإسرائيلية.