بكين 12 ديسمبر 2023 (شينخوا) نشرت صحيفة ((نهان دان)) الفيتنامية اليوم (الثلاثاء) مقالا موقعا من الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني والرئيس الصيني شي جين بينغ بعنوان "بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك بين الصين وفيتنام يحمل أهمية إستراتيجية وكتابة فصل جديد في حملتنا للتحديث".
فيما يلي نسخة باللغة العربية من النص الكامل للمقال:
بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك بين الصين وفيتنام يحمل أهمية إستراتيجية وكتابة فصل جديد في حملتنا للتحديث
شي جين بينغ
الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ورئيس جمهورية الصين الشعبية
سأقوم قريبا بزيارة دولة إلى جمهورية فيتنام الاشتراكية تلبية لدعوة من الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الفيتنامي نغوين فو ترونغ والرئيس فو فان ثونغ. وستكون هذه هى المرة الثالثة التي أتى فيها إلى هذا البلد الجميل منذ أن أصبحت الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ورئيس جمهورية الصين الشعبية. أشعر أنني منغمس بالفعل في الدفء الذي لا يشعر به الناس إلا عند زيارة الأقارب والجيران.
الصين وفيتنام مرتبطتان عبر الجبال والأنهار. إننا ننعم بالقرب الثقافي ونعتز بنفس المثل العليا ولدينا مستقبل مشترك أمامنا. وبإلهام من الرؤى والقناعات والتعاطف المشترك، قام الرفيق ماو تسي تونغ والرفيق هو تشي منه وغيرهما من قادة الجيل السابق من حزبينا وبلدينا بتنمية الصداقة التقليدية بين الصين وفيتنام التي تتميز بـ"الرفاقية زائد الأخوية". وقفنا معا بكل إخلاص ودعمنا بعضنا البعض في السعي إلى الاستقلال والتحرر الوطني. وفي دفع الاشتراكية، تبادلنا خبرتنا ووسعنا تعاوننا، وكتبنا معا فصلا تاريخيا من الصداقة بين الصين وفيتنام.
ويصادف هذا العام الذكرى السنوية الـ15 للشراكة التعاونية الإستراتيجية الشاملة بين الصين وفيتنام. وبغض النظر عن كيفية تغير البيئة العالمية، فقد عمل حزبانا وبلدانا معا لإرساء السلام والسكينة والسعي نحو تحقيق التنمية والتعاون وتعزيز الرخاء والتقدم. لقد وجدنا مسارا واعدا لبناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية بشكل مشترك.
لقد أجرينا تبادلات بثقة متبادلة. لقد زار قادة حزبينا وبلدينا بعضهم البعض بشكل متكرر مثل الأقارب. لقد كان لدي تفاعلات وثيقة مع الأمين العام نغوين فو ترونغ على مدار العام. ووضعنا معا مخططا للعلاقات الصينية-الفيتنامية في العصر الجديد من منظور إستراتيجي وطويل الأجل، حيث أضفنا أبعادا جديدة للعلاقة ورفعناها إلى مرحلة جديدة. التقيت بالرئيس فو فان ثونغ، ورئيس الوزراء فام مينه تشينه، والعضو الدائم في أمانة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الفيتنامي ترونغ ثي ماي، الذين جاءوا إلى الصين للقيام بزيارات ثنائية أو حضور مؤتمرات دولية. وعقد الجانبان جلسة لجنة تسيير التعاون الثنائي والندوة النظرية بين الحزبين ومؤتمر مكافحة الجريمة بين وزارتي الأمن العام واجتماعات أخرى في إطار الآليات الثنائية. التعاون بين الوكالات والتعاون دون الوطني ازداد قربا أكثر من أي وقت مضى.
لقد عززنا مصالحنا المشتركة عبر التعاون متبادل المنفعة. ولطالما كانت الصين أكبر شريك تجاري لفيتنام، وفيتنام هي أكبر شريك تجاري للصين في رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) ورابع أكبر شريك تجاري على مستوى العالم. وبناء على دعوة من الصين، حضر القادة الفيتناميون النسخة الثالثة من منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي ومعرض الصين الدولي السادس للواردات ومعرض الصين وجنوب آسيا السابع، ومعرض الصين والآسيان الـ20. وتعد الصادرات الزراعية الفيتنامية بما فيها الفواكه والخضروات المفضلة بالنسبة للمستهلكين الصينيين. وعززت المواد الخام ومعدات الآلات الصينية المصدرة إلى فيتنام بشكل فعال قطاع التصنيع الفيتنامي. ونفذ أول مشروع للسكك الحديدية الخفيفة في المناطق الحضرية في فيتنام، وهو خط مترو كات لينه-ها دونغ الذي بنته شركة صينية، قرابة 20 مليون رحلة ركاب حتى الآن، ما جعل التنقل في هانوي أكثر ملاءمة. وتم إطلاق قطارات الشحن عبر الحدود بين الصين وفيتنام وتعمل بسلاسة، وتم إطلاق برنامج الموانئ الذكية، وتم تطوير الاتصال في الموانئ الحدودية البرية بشكل سريع. وأكبر مجموعة صناعية كهروضوئية في الخارج قامت الشركات الصينية ببنائها حتى الآن موجودة في فيتنام. هذا، جنبا إلى جنب مع محطات طاقة الرياح التي بنتها الشركات الصينية، قد ساعد بشكل كبير في تحويل استخدام الطاقة في فيتنام. كما استثمرت الشركات الصينية في العديد من محطات تحويل النفايات إلى طاقة وبنتها في مدن هانوي وكان ثو وغيرها من المدن.
لقد قربنا بين شعبينا من خلال التبادلات الودية. وسرعان ما تعافت الرحلات بين البلدين هذا العام. وفي الفترة من يناير إلى أكتوبر، قام السياح الصينيون بأكثر من 1.3 مليون زيارة إلى فيتنام. وبدأت منطقة شلالات ديتيان بان جيوك للتعاون السياحي عبر الحدود التشغيل التجريبي. كما حققت التبادلات الودية نجاحا كبيرا، بما فيها التبادل الودي بين اللجان الوطنية والمحلية للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني وجبهة أرض الآباء الفيتنامية، وحفل سكان الحدود. وفي حين أن بعض كلاسيكيات الأدب الصيني هي أسماء مألوفة في فيتنام، فإن الإنتاجات السينمائية والتلفزيونية الصينية المعاصرة محبوبة أيضا من قبل الجمهور الفيتنامي. وبالمثل، حققت بعض أغاني البوب الفيتنامية نجاحا كبيرا على وسائل التواصل الاجتماعي الصينية، وفاز المطربون الفيتناميون الذين ظهروا في البرامج التلفزيونية الصينية بالعديد من المعجبين في الصين. تتلاقى الجداول الصغيرة للتفاعلات الشعبية الأوثق من أي وقت مضى في نهر عظيم من العلاقات الودية بين الصين وفيتنام.
لقد عاملنا بعضنا البعض دائما بإخلاص. وكمدافعتين صريحتين عن التعددية، تقدر كل من الصين وفيتنام أهمية الحوار والتشاور والتعاون السلمي، وتتمسكان بقوة بالمعايير الأساسية للعلاقات الدولية التي تدعمها مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة. نحن ندعم بعضنا بعضا بشأن المسائل التي تنطوي على مصالحنا الأساسية وشواغلنا الرئيسية، ونحافظ على التنسيق الوثيق في آليات التعاون الإقليمي والدولي. وفيتنام هي طرف فاعل هام في مجموعة أصدقاء مبادرة التنمية العالمية. وهي تدعم مبادرة الأمن العالمي ومبادرة الحضارة العالمية وتدعم انضمام الصين إلى الاتفاق الشامل والتقدمي للشراكة عبر المحيط الهادئ.
لقد مرت 10 سنوات منذ أن طرحت لأول مرة رؤية مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية، ومبادرة الحزام والطريق، ومبادئ الصداقة والإخلاص والمنفعة المتبادلة والشمول لسياسة الصين الخارجية تجاه الدول المجاورة. إن بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية ينبغي أن يبدأ من آسيا. تقول أغنية صينية شهيرة، "في آسيانا، جذور الأشجار مرتبطة؛ في آسيانا، حتى الغيوم تطوف جنبا إلى جنب". وتعكس كلمات الأغنية تصور الشعب الصيني الأساسي لآسيا كمجتمع ذي مستقبل مشترك. آسيا هي بيتنا المشترك. لا يمكن إقصاء البلدان المجاورة. مساعدة الجار هي مساعدة الذات والجيران الطيبون يتمنون الخير لبعضهم البعض. الصين مستعدة لمواءمة تنميتها بشكل أفضل مع تنمية جيرانها والعمل معهم معا لبناء مجتمع ذي مستقبل مشترك وتوفير حياة أفضل للجميع. صداقة فيتنام مع الصين التي تتميز بـ"الرفاقية زائد الأخوية" عميقة حقا. ودائما ما يعتبر الحزب الشيوعي الصيني والحكومة الصينية تطوير العلاقات مع فيتنام أولوية ضمن دبلوماسية الجوار. ونأمل مخلصين أن يتمسك بلدانا دائما بصداقتنا التقليدية العزيزة على القلوب، وأن يضعا في الاعتبار دائما رؤانا ومهامنا المشتركة، وأن يتقدما معا على طول الطريق الاشتراكي، وأن يعززا بثبات بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك يحمل أهمية إستراتيجية.
-- نحن بحاجة إلى الحفاظ على التواصل الإستراتيجي وتعزيز الأساس السياسي لمجتمع ذي مستقبل مشترك بين الصين وفيتنام. ومن الأهمية بمكان أن نحافظ على التواصل الإستراتيجي على مستويات عالية لضمان قدرة سفينة العلاقات الصينية الفيتنامية على كسر الأمواج ومواصلة إحراز تقدم مطرد. يجب أن ندعم بعضنا البعض بقوة في اتباع مسار اشتراكي مناسب لواقعينا الوطنيين. وينبغي علينا تنسيق أولويتين، وهما التنمية والأمن، والعمل بشكل مشترك بشأن مبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي ومبادرة الحضارة العالمية. نحن بحاجة إلى تعميق التبادلات حول نظرية وممارسات التنمية الاشتراكية ودرء المخاطر والتحديات الخارجية معا وضمان إحراز تقدم مطرد ومستدام في مساعينا الاشتراكية.
-- نحن بحاجة للاستفادة الجيدة من نقاط القوة التكميلية لكل منا لتعزيز أساس التعاون من أجل مجتمع ذي مستقبل مشترك بين الصين وفيتنام. تعمل الصين على تعزيز نموذج تنمية جديد من خلال الانفتاح عالي المستوى، وفيتنام في فترة نمو اقتصادي قوي. ويجب على كلانا إفساح المجال كاملا لإمكانات القرب الجغرافي وتكامل الصناعات لدينا. من بين أمور أخرى، يتعين علينا تسريع التآزر بين مبادرة الحزام والطريق وإستراتيجية ممرين ودائرة اقتصادية واحدة وتوسيع التعاون في مجالات كالترابطية وإصلاح الشركات المملوكة للدولة والطاقة الخضراء والمعادن الحيوية، في مسعى لخدمة تنميتنا الوطنية بشكل أفضل وإفادة شعبينا.
-- نحن بحاجة إلى تكثيف التبادلات الودية لتعزيز الدعم الشعبي لمجتمع ذي مستقبل مشترك بين الصين وفيتنام. جار قريب أفضل من قريب بعيد. الشعب هو جذر وشريان الحياة ومصدر قوة العلاقات الصينية-الفيتنامية. وينبغي تعزيز التعاون والتبادلات الودية، والاستفادة الكاملة من آليات التبادل المتناظرة مثل منافذ الإعلام المركزية ومراكز الأبحاث والدوائر الثقافية والسياحية ودور النشر، فضلا عن مؤسسات الإذاعة والسينما والتلفزيون. يجب علينا تعميق التعاون في تعليم اللغة الصينية والتعليم المهني والرياضة والصحة. ويتعين علينا ضمان نجاح الأحداث الرئيسية بما فيها المنتدى الشعبي الصيني-الفيتنامي ولقاء الصداقة الشبابية بين الصين وفيتنام بهدف زيادة التفاهم المتبادل والتقارب بين شعبينا، وخاصة جيل الشباب. يجب أن يكون لدينا أيضا المزيد من الرحلات الجوية المباشرة. وستشجع الصين المزيد من السياح على زيارة فيتنام لتجربة السحر الفريد للثقافة والتاريخ الفيتنامي.
-- نحن بحاجة إلى إدارة الخلافات بشكل مناسب وتوسيع التوافق من أجل بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك بين الصين وفيتنام. يحتاج الجانبان إلى العمل وفقا للتفاهمات المشتركة التي توصل إليها قادة حزبينا وبلدينا وإدارة الخلافات حول القضايا البحرية بشكل مناسب، والبحث معا عن حلول مقبولة للطرفين. وينبغي أن يضع كلاهما في الاعتبار رفاهية شعبينا على المدى الطويل، وأن يظلا ملتزمين بالسعي لتحقيق المنفعة المتبادلة والتعاون المربح للجانبين. وينبغي لكليهما أن يعززا التعاون بقوة، وأن يبذلا الجهود الواجبة لتهيئة بيئة خارجية تمكينية لتنمية كل منا وتحقيق الاستقرار والأمن على المدى الطويل في منطقتنا.
في عالم اليوم، تتكشف تغييرات على نطاق غير مسبوق منذ قرن بوتيرة متسارعة. فنزعات الهيمنة والأحادية والحمائية آخذة في الازدياد. ويواجه السلام والتنمية في المنطقة تحديات خطيرة إلى حد ما تتمثل في عدم الاستقرار وعدم اليقين. وصلت آسيا، التي تقف على الأساس التاريخي لحضارة عريقة، إلى منعطف حرج من التنمية والتنشيط. وستظل أسواقها الناشئة واقتصاداتها النامية تشكل قوة النمو الاقتصادي العالمي.
أثبت التاريخ مرارا وتكرارا أن بلدا أو منطقة ما لا يمكن أن تزدهر إلا عندما تتبع منطق التاريخ وتواكب اتجاه العصر. فمستقبل آسيا ليس في أيدي أحد سوى الآسيويين. وعلى مدى العقد الماضي، أدركت الشعوب الآسيوية أكثر فأكثر أنه لا يمكنها مواكبة الاتجاه نحو السلام والتنمية والتقدم إلا من خلال العمل المشترك القائم على مبادئ التفاهم والإخلاص والمنفعة المتبادلة والشمول وتعزيز القيم الآسيوية المتمثلة في السلام والتعاون والشمول والتكامل. ولا يمكنها مواصلة إزالة العقبات أمام الدورة الاقتصادية الإقليمية والارتقاء لتقديم المزيد من المنفعة للآسيويين إلا من خلال البقاء ملتزمة بالتعاون المربح للجانبين، وتعزيز مبادرة الحزام والطريق بموجب مبدأ التخطيط والبناء والاستفادة معا، وفتح أبوابها على نطاق أوسع أمام العالم. ولا يمكنها بناء وطن سلمي وهادئ ومزدهر وجميل وودي ومتناغم في آسيا إلا من خلال العمل معا بقوة من أجل مجتمع آسيوي ذي مستقبل مشترك وجعل تنمية بلد واحد جزءا من التنمية المشتركة لجميع البلدان.
وأشار فيلسوف صيني قديم ذات مرة إلى أن "النباتات ذات الجذور القوية تنمو بشكل جيد، والجهود المبذولة على الطريق الصحيح تضمن النجاح". وبغض النظر عن مدى تطور العالم بشكل جذري، فإن الصين ستبقى دائما على الطريق الصحيح. وفي الوقت الحالي، نسعى جاهدين لبناء الصين لتصبح دولة اشتراكية حديثة عظيمة من جميع النواحي ودفع نهضة الأمة الصينية على جميع الجبهات من خلال المسار الصيني نحو التحديث. وسنواصل تعزيز التنمية عالية الجودة والانفتاح عالي المستوى والتحرك بشكل أسرع نحو نموذج التنمية الجديد. وسنحافظ على سياسة الجوار الخاصة بنا متسقة ومستقرة. وسنظل ملتزمين بالمبادئ التوجيهية لتنمية الصداقة والشراكة مع جيراننا وتعزيز عالم من الجوار ودي وآمن ومزدهر. وفي الوقت نفسه، سوف نسعى إلى إضافة مضمون جديد إلى مبادئ التفاهم والإخلاص والمنفعة المتبادلة والشمول. سنجلب المزيد من المنافع لجيراننا من خلال التحديث صيني النمط، وندفع بشكل مشترك عملية التحديث في آسيا إلى الأمام، ونوفر فرص تنمية جديدة لفيتنام ودول آسيوية أخرى.
إنني على قناعة أن مجتمعا ذا مستقبل مشترك بين الصين وفيتنام يحمل أهمية إستراتيجية سيجذب المزيد من الدول إلى القضية العظيمة المتمثلة في بناء مجتمع آسيوي ذي مستقبل مشترك وكذلك بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية. كما سيضفي المزيد من الطاقة الإيجابية على جهودنا من أجل التنمية الطويلة الأجل وحسن الجوار في آسيا ويقدم المزيد من الإسهامات للسلام والتنمية في العالم.