بكين 11 ديسمبر 2023 (شينخوا) بعد ست سنوات، يقوم شي جين بينغ، الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني والرئيس الصيني، مرة أخرى بزيارة دولة إلى فيتنام بدعوة من الأمين العام للحزب الشيوعي الفيتنامي نغوين فو ترونغ والرئيس الفيتنامي فو فان ثونغ.
لن تؤدي هذه الزيارة إلى تعزيز الصداقة التقليدية وتعميقها بين الصين وفيتنام كجارتين اشتراكيتين صديقتين فحسب، بل ترسل أيضا إشارة واضحة إلى العالم لتعزيز بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك في الجوار.
كما تضيف زيارة شي جين بينغ زخما جديدا للاستقرار والتنمية والرخاء في منطقة آسيا والباسيفيك، وتضخ المزيد من اليقين والاستقرار في عالم مضطرب ومتشابك. إنها تعد بالفعل بمثابة رحلة إلى الماضي والمستقبل.
--مستقبل مشترك
إن الصين وفيتنام جارتان اشتراكيتان صديقتان تتمتعان بمثل مشتركة ونفس النظام الاجتماعي ومسارات تنمية مماثلة. ويرتبط المستقبل المشترك للحزبين والبلدين والشعبين ارتباطا وثيقا بنفس النظام الاجتماعي وأهداف التنمية.
وفي عامي 2015 و2017، زار شي جين بينغ فيتنام مرتين بصفته أمينا عاما للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ورئيسا للصين.
وأدت الزيارتان إلى تعميق الصداقة التقليدية بين الصين وفيتنام، وعززتا من تنمية الاشتراكية، وضختا زخما قويا في السلام والاستقرار الإقليمي والعالمي، وبناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية من خلال تعزيز دبلوماسية الأحزاب السياسية والتبادلات بين الدول.
وفي أكتوبر عام 2022، أجرى شي جين بينغ ونغوين فو ترونغ محادثات تاريخية في بكين، حيث وجها بشكل مشترك تنمية العلاقات بين الصين وفيتنام ورسما رؤية جديدة للتعاون الاستراتيجي الشامل بين الصين وفيتنام في العصر الجديد.
وأصدرت الصين وفيتنام بيانا مشتركا بشأن مواصلة تعزيز الشراكة التعاونية الاستراتيجية الشاملة وتعميقها، ودفع التآزر بين مبادرة الحزام والطريق وخطة "ممران ودائرة اقتصادية واحدة".
وبالرجوع إلى التاريخ، نجد أن الصين وفيتنام دعمتا بعضهما البعض في نضالهما من أجل قضايا التحرير الوطني، وأقامتا رابطة عميقة من "الصداقة الحميمة والأخوة". وتظل الصداقة التقليدية التي رعتها الأجيال الأكبر سنا من قادة البلدين رصيدا قيما لتطوير العلاقات بين الجانبين.
ويصادف هذا العام الذكرى الـ15 لتأسيس الشراكة التعاونية الاستراتيجية الشاملة بين الصين وفيتنام. ومن المتوقع أن تقدم زيارة شي جين بينغ مساهمات أكبر في توطيد الأساس الاجتماعي لتنمية العلاقات الثنائية وتحقيق الاستقرار والتنمية في البلدين ودفع العلاقات الثنائية إلى مستوى جديد.
وقال نغوين فان ثو، نائب وزير الخارجية الفيتنامي السابق والسفير السابق لدى الصين، إن التطور المستمر للعلاقات الفيتنامية-الصينية يتفق مع مصالح الشعبين والاتجاه العام للعصر.
وأعرب نغوين فان ثو عن تطلعه إلى زيارة شي جين بينغ إلى فيتنام، وقيام الزعيمين معا برسم خطة لتطوير العلاقات الفيتنامية-الصينية وبدء مرحلة أعلى من الثقة السياسية.
--وضع مسار سريع للتنمية
وقال شي جين بينغ يوم 20 أكتوبر عندما التقى مع الرئيس الفيتنامي فو فان ثونغ خلال منتدى الحزام والطريق الثالث للتعاون الدولي، إن الصين وفيتنام تعملان على تعزيز قضية التحديث الاشتراكي كل طرف خاصته، وتعتبر كل منها العلاقات الثنائية أولوية في سياستها الخارجية، وترى البلدان أن تنمية الطرف الآخر بمثابة فرصة لتنميتها.
وقد أتاح توسع الصين المستمر في الانفتاح رفيع المستوى للشركات الفيتنامية فرصا كبيرة للوصول إلى سوق أوسع.
واستذكر تاي هوونغ رئيس مجلس إدارة مجموعة ((ذا ترو ميلك)) كيف كان في معرض الصين الدولي الأول للواردات في عام 2018، "الرئيس شي جين بينغ زار جناحنا واستفسر باهتمام عن منتجاتنا".
وبفضل هذا المعرض تشكلت علاقة شركة إنتاج الألبان الفيتنامية مع الصين. وبمساعدة الشركاء الصينيين، أصبحت مجموعة ((ذا ترو ميلك)) أول شركة ألبان فيتنامية في عام 2019 تحصل على "رمز المعاملات" لتصدير منتجاتها من قبل الإدارة العامة للجمارك الصينية.
وحاليا، تتوفر منتجات الشركة على رفوف المتاجر الكبرى في مدن مثل بكين وشانغهاي وقوانغتشو. وفي الوقت نفسه، أنشأت الشركة متاجر عبر الإنترنت على منصات التجارة الإلكترونية المختلفة في الصين.
وفي معرض الصين الدولي الأول لتعزيز سلاسل التوريد الذي اختتم مؤخرا، قال نغوين ثي ميان ها، مدير العلامة التجارية في شركة ((ساو تاي دونغ)) المساهمة الفيتنامية، إلى أن المعرض يوفر فرصا للشركات للتكامل العميق مع السوق الصينية.
وقال المدير إن قدرة الصين على تصنيع منتجات متقدمة، إلى جانب سوقها الكبيرة ونظامها اللوجستي الفعال، تجعل من السهل على العمليات الصناعية وسلسلة التوريد العالمية أن تعمل بسلاسة.
وتعد الصين أكبر شريك تجاري لفيتنام، فيما تعد فيتنام أكبر شريك تجاري للصين داخل الآسيان، بحجم تجارة ثنائية تجاوز 200 مليار دولار أمريكي للعام الثاني على التوالي. وفي الأشهر العشرة الأولى من هذا العام، وصل حجم التجارة الثنائية إلى 185.1 مليار دولار أمريكي.
وفي عام 2017، وقعت الصين وفيتنام مذكرة تفاهم بشأن التنفيذ المشترك لمبادرة الحزام والطريق التي اقترحتها الصين وخطة فيتنام "ممران ودائرة اقتصادية واحدة" لتسريع التعاون عبر مختلف القطاعات.
ومن التجارة المزدهرة عبر الحدود إلى ربط البنية التحتية، ومن التعاون في سلاسل الصناعة والتوريد إلى التنمية الخضراء، يتوسع التعاون العملي بين الصين وفيتنام.
وتعمل محطة ((فينه تان)) لتوليد الطاقة بالفحم في فيتنام، وهي واحدة من أولى المشاريع في إطار مبادرة الحزام والطريق، بأمان منذ أكثر من خمس سنوات، ما خفف بشكل كبير من نقص الطاقة في جنوب فيتنام، حيث تجاوز الحجم التراكمي للطاقة المولدة 41 مليار كيلووات في الساعة. وساعدت المحطة على تحقيق ما يزيد عن مليار دولار أمريكي من الخدمات الهندسية المحلية والصادرات من التكنولوجيا والمعدات.
ومن الأمثلة الأخرى على التعاون الثنائي أول خط سكة حديد خفيف في المناطق الحضرية في فيتنام، والذي بنته شركة مجموعة الصين السادسة للسكك الحديدية المحدودة، ويعمل منذ عامين.
وقد سهل الخط، الذي يبدأ من كات لينه إلى ها دونغ في هانوي، عاصمة فيتنام، من تنقل السكان المحليين وساهم بشكل كبير في النمو الاقتصادي في العاصمة.
وباعتباره مشروعا تاريخيا يتماشى مع مبادرة الحزام والطريق وخطة "ممران ودائرة اقتصادية واحدة"، يظهر الخط التزام البلدين بفلسفة التنمية التي تركز على الناس.
علاوة على ذلك، شهدت فيتنام والصين مزايا التعاون في مجال الطاقة الخضراء ضمن مبادرة الحزام والطريق.
ووفقا للو خه فنغ، نائبة المدير العام لشركة ((جينلونغ تكنولوجيز)) المحدودة، المزود العالمي لحلول الطاقة الشمسية وتخزين الطاقة في الصين، فإن عملاء جنوب شرق آسيا أبدو اهتماما متزايدا بمنتجات الطاقة الخضراء المصنوعة في الصين.
وقالت "لقد أنشأنا مصنعا في فيتنام بقدرة 5 غيغاوات".
--تعزيز السلام والرخاء الإقليمي
في صباح يوم 16 أكتوبر، غادر قطاران محملان بمنتجات خاصة بمقاطعة يوننان جنوب غربي الصين، بما في ذلك البروكلي والملفوف الصيني والرمان، من محطة يانخه في مدينة يوشى بمقاطعة يوننان.
ووصل القطاران إلى عاصمة لاوس فينتيان ومدينة لاو تساي الفيتنامية في اليوم التالي.
كانت هذه بداية إطلاق خدمات قطارات سلسلة التبريد الدولية على خط سكة حديد الصين-لاوس وخط سكة حديد الصين-فيتنام، مما سيدفع النمو الاقتصادي والتجاري ويعزز الاتصال داخل الممر الاقتصادي بين الصين وشبه جزيرة الهند الصينية.
وفي اجتماعه مع نغوين فو ترونغ في أكتوبر عام 2022، أكد شي جين بينغ على أن الصين تعتبر رابطة الآسيان أولوية في دبلوماسية الجوار ومنطقة مهمة للتعاون عالي الجودة في إطار الحزام والطريق، معربا عن تقدير الصين لموقف فيتنام ودورها في الآسيان.
وقال "إننا نتطلع إلى العمل مع فيتنام لتسريع بناء بيت سلمي وآمن ومزدهر وجميل وودي معا، وتعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي في شرق آسيا".
ويتم بذل جهود حثيثة لبناء مجتمع أوثق ذي مستقبل مشترك بين الصين والآسيان.
وقد تم إثراء التعاون الإقليمي من خلال الاستثمارات المتبادلة التي تجاوزت 380 مليار دولار أمريكي، ما يشكل مثالا جديرا بالذكر للتعاون بين الصين والدول المجاورة.
ويصادف هذا العام الذكرى العاشرة لممارسة الصين لمبادئ الصداقة والإخلاص والمنفعة المتبادلة والشمول في دبلوماسية الجوار.
وعلى مدار العقد الماضي، حفزت الصين تنمية الدول المجاورة من خلال نموها الخاص. وبالتعاون مع الدول المجاورة، بُذلت جهود باتجاه التحديث وتعزيز التنمية العالمية.
ومع تسارع المفاوضات بشأن النسخة 3.0 من منطقة التجارة الحرة بين الصين والآسيان، أصبحت المكاسب الناتجة عن التوقيع على الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة واضحة.
كما استضافت الصين بنجاح أكسبو الصين-الآسيان، وأكسبو الصين-جنوب آسيا، ومعرض الصين للاستيراد والتصدير، ومعرض الصين الدولي للواردات، ومعرض الصين الدولي لسلاسل التوريد.
وقال شي جين بينغ خلال الاجتماع الـ30 لقادة اقتصاد أبيك الذي عقد في سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة مؤخرا "يجب أن نظل ثابتين على التزامنا بالمهمة التأسيسية لمنظمة التعاون الاقتصادي لآسيا والباسيفيك. ويجب علينا الاستجابة لنداءات عصرنا بمسؤولية ومواجهة التحديات العالمية معا. ويجب علينا أن ننفذ بالكامل رؤية بوتراجايا لبناء مجتمع آسيوي-باسيفيكي مفتوح وديناميكي ومرن وسلمي من أجل رخاء جميع شعوبنا والأجيال القادمة".
وقال ثونغ منجدافيد، المشرف على الأبحاث في معهد ((أسيان فيشن))، وهو مركز أبحاث مستقل ومقره بنوم بنه، إن التعاون بين الصين والآسيان-- الذي تحدد ببناء مناطق التجارة الحرة، والتعاون في إطار مبادرة الحزام والطريق، ومبادرة التنمية العالمية، ومبادرة الأمن العالمي، ومبادرة الحضارة العالمية-- سوف يؤدي إلى تنمية إقليمية عالية الجودة ومستقبل مشترك مزدهر.
وقال بامبانغ سوريونو، رئيس مركز أبحاث الابتكار الآسيوي، وهو مركز أبحاث إندونيسي، إن بناء مجتمع آسيوي-باسيفيكي ذي مستقبل مشترك أمر ضروري للسلام والتنمية في منطقة آسيا-الباسيفيك اليوم ويوفر رؤى جديدة للنمو.
وأضاف أن الصين تعطي الأولوية للنمو المتبادل وتقدر التعاون الذي يعود بالنفع على جميع الأطراف المعنية.