واسط، العراق 8 ديسمبر 2023 (شينخوا) على ضفاف نهر دجلة تواصل محطة كهرباء واسط، التي شيدتها شركة صينية العمل في تزويد العراقيين بالكهرباء لتقدم نموذجا على التعاون العراقي الصيني ضمن مبادرة الحزام والطريق.
وشيدت شركة ((شانغهاي إلكتريك)) محطة كهرباء واسط، أكبر محطة حرارية في العراق، على مساحة مليوني متر مربع على ضفاف نهر دجلة لحاجتها للماء لأغراض تبريد الوحدات الإنتاجية، وتشارك أيضا في تشغيلها وصيانتها.
وتعمل الوحدات الإنتاجية في المحطة بالنفط الخام والغاز الطبيعي والوقود الثقيل، الذي تتزود به من حقلي الأحدب وبدرة عن طريق شبكة أنابيب مختصة.
ومنحت وزارة الكهرباء العراقية جائرة تقديرية لشركة (شانغهاي إلكتريك) لجهودها الكبيرة في إدخال 1320 ميجاوات من الكهرباء عام 2014 للشبكة العراقية عندما كان العراق يمر بظروف صعبة ويخوض حربا ضد الإرهاب، ولإنجازها العمل قبل 12 شهرا من الموعد المحدد، فضلا عن جودة العمل وتفهم الشركة للوضع المالي للعراق نتيجة استنزاف أمواله بمحاربة الإرهاب.
-- نموذج للحزام والطريق
وبحسب خبراء صينيين وعراقيين، تعد محطة واسط الحرارية خير نموذج للتعاون العراقي الصيني في إطار مبادرة الحزام والطريق لمساهمتها الكبرى في تخفيف معاناة العراقيين والحد من انقطاع الكهرباء في البلاد.
وقال المدير التنفيذي للمحطة ليو قوه تشينغ (Lyu Guoqing) لوكالة أنباء ((شينخوا)) إنه "في إطار البناء المشترك للحزام والطريق بين الصين والعراق، فان محطة كهرباء واسط الحرارية لم تخفف من مشكلة نقص الكهرباء طويلة الأمد بالعراق بشكل كبير وتضمن الاستقرار الآمن للكهرباء فحسب، بل خلقت أيضا عددا كبيرا من الوظائف للسكان المحليين".
وأضاف ليو، أن المحطة "دربت أيضا عددا هائلا من المواهب الهندسية والتقنية الكهربائية، بما قدم مساهمات كبيرة في تعزيز التنمية الاقتصادية ومعيشة الشعب في العراق".
وساهمت الشركة في تدريب حوالي 200 مهندس عراقي في الصين حصلوا على خبرات كبيرة أهلتهم لإدارة المحطة وتشغليها، فضلا عن دورات عديدة أقامتها للعاملين بالمحطة داخل العراق.
وأكد معاون مدير المحطة المهندس العراقي محمد جاسم أن مبادرة الحزام والطريق سوف تخدم المنطقة والعراق بشكل خاص.
وقال جاسم لـ (شينخوا) إنه "من خلال مبادرة الحزام والطريق سيكون هناك اتصال مباشر بين العراق والصين عبر الأراضي الإيرانية سيفتح مجالا واسعا لجميع المشاريع الاستثمارية، وأبرزها في مجال الطاقة الذي يعاني منه العراق".
وتابع "أعتقد أن العراق سوف يزدهر في ظل المبادرة الفعالة في الجوانب التجارية والصناعية والبنى التحتية التي دمرت أثناء الغزو الأمريكي للعراق".
وأوضح جاسم أن الحكومة العراقية أنشأت طريق التنمية، الذي يربط الجنوب بالشمال ويمتد إلى أوروبا ويرتبط بمبادرة الحزام والطريق، مؤكدا أن هذا سيخدم شرائح كثيرة بالمجتمع العراقي ويوفر فرص عمل كبيرة، إضافة لتوفير عمل للشركات الاستثمارية، ما يخدم العراق بشكل فعال.
-- دور المحطة الفعال
ساهمت محطة واسط بتخفيف معاناة العراقيين، خاصة في فصل الصيف، حيث تتجاوز درجات الحرارة في بعض الأحيان 50 درجة مئوية لما لعبته من دور فعال بتوفير الطاقة الكهربائية.
وقال نائب كبير المهندسين بالمحطة ليو تساي هوي (Liu Zaihui) لـ (شينخوا) إنه "باعتبارها أكبر محطة كهرباء حرارية بالعراق، فقد وصل حجم التوليد التراكمي بمحطة واسط حتى نوفمبر هذا العام إلى ما يقرب من 150 مليار كيلووات/ساعة".
وأضاف "في أوقات الذروة، كان حجم توليد الكهرباء من المحطة يمثل ما يقرب من 30 بالمائة من إجمالي حجم توليد الكهرباء في البلاد، ما أدى إلى تحسين إمدادات الكهرباء بالعراق بشكل ملحوظ".
من جانبه، قال المهندس محمد جاسم "عام 2012 كان العراق يواجه مشكلة كبيرة بتجهيز الطاقة الكهربائية للمواطنين، ولكن هذه المحطة أسهمت بشكل فعال في تجهيز الطاقة الكهربائية".
وأضاف أنه "بعد إكمال المرحلتين الأولى والثانية مدت العراقيين بـ 2540 ميجاوات من الكهرباء، ما يعادل 2.5 مليار كيلو وات بالساعة، فأسهمت بشكل واضح بتحسين الطاقة الكهربائية بالعراق".
وأكد أن المحطة تعد من أكبر المحطات الحرارية بالشرق الأوسط، مشيدا بجهود شركة (شانغهاي إلكتريك)، قائلا "نحن ممتنون للشركة الصينية وللحكومة الصينية بتنفيذ هذا المشروع".
أما رئيس قسم التشغيل بالمحطة المهندس رسول محمد، الذي بدأ العمل فيها عام 2013 فقال "أن محطة واسط الحرارية تلعب دورا فعالا جدا في توفير الكهرباء"، مبينا أن غالبية الكهرباء التي يتم استخدامها بمحافظتي واسط وبغداد هي عن طريق محطة واسط الحرارية.
-- علاقات أخوية طيبة
ومضى على عمل شركة شانغهاي إلكتريك سنوات بالعراق، ما أدى إلى إقامة علاقات طيبة وودية بين كوادرها والعراقيين، الذين وصفوا ذلك بأنه انعكاس للعلاقة الودية القديمة بين العراق والصين.
وقال المهندس رسول "علاقتنا جيدة جدا مع كوادر الشركة، وهم إسناد لنا وبقوا معنا في ظروف دخول تنظيم داعش الإرهابي والفوضى في حين غادر أغلب الشركات الأجنبية العراق خوفا من الوضع الأمني".
وأضاف أنه "أثناء العمل مع الكادر الصيني اكتسبنا مهارات كثيرة .. نتعامل كأصدقاء وأحيانا كأخوة حتى نتناول وجبات الطعام معا ونجلس نتبادل الحديث".
ويصف المهندس عمر راجي، العمل بـ"الممتع"، وذلك لما يتمتع به الصينيون من طيبة بالتعامل ونقل الخبرات.
وقال راجي الذي يعمل بالشركة منذ بداية عملها في العراق "إن العمل مع الصينيين ممتع جدا، فالصيني ودود ومهذب ومسالم جدا وتشعر بسلاسة العمل معه، وعندما يطلب منك عمل شيء ما، يطلبه بطريقة مهذبة جدا، وهذا خلق لدي انطباعا جيدا عن الشعب الصيني بشكل عام بأنهم مسالمون ومثقفون ويحبون بلدهم، وهذا الشيء جعلنا نتمسك بحب بلدنا".
وقال المهندس علي يوسف، الذي التحق بالعمل قبل عدة أشهر إنه "خلال الفترة التي عملت بها مع الصينيين استفدت كثيرا وحصلت على خبرات ومهارات عديدة بمجال الهندسة الميكانيكية".
وتابع "الخبراء الصينيون لا يبخلون بأي معلومة، والتعامل معهم سلس، ويعاملوننا باحترام وبطريقة مؤدبة".
وبالنسبة للعراقي محمد صادق محمد الذي يعمل هو ووالده بالمحطة فان العلاقة مع الصينيين تستمر لجيلين، مؤكدا أن ذلك يؤشر على عمق العلاقة واستمرارها نحو مستقبل أفضل.
وقال صادق "والدي من جيل وأنا من جيل، أي أن هناك جيلين يتعاملون مع الصينيين، لوالدي أصدقاء صينيون من جيله وأنا لدي أصدقاء صينيون من جيلي، وهذا ولد علاقة مصيرية بين الجيلين وهناك تواصل بين الأجيال".
وأضاف "هناك تواصل بين الماضي والحاضر ونحو المستقبل، فوالدي الذي زار الصين نقل لنا ما شاهده من تطور كبير هناك، وهذا جعلني أطمح بعد الزواج أن أرزق بولد يعمل مع الشركة الصينية حتى تتواصل الأجيال وتستمر العلاقة مع الصينيين وتتطور نحو الأفضل".
-- الصيانة المستمرة
وينهمك عشرات المهندسين والفنيين الصينيين ونظرائهم العراقيين وسط ماكينات ومعدات كبيرة ومعقدة في إجراء الصيانة الدورية لإحدى وحدات التوليد بالمحطة، استعدادا لموسم الشتاء.
وعند الدخول إلى موقع العمل ترى معدات يبلغ وزنها عشرات الأطنان موزعة بشكل منتظم، وتجد الجميع يعمل كخلية نحل بجد واجتهاد، إذ وفرت الشركة جميع الآلات الحديثة والمتطورة لفحص الماكينات فحصا دقيقا بأسرع وقت وتجديدها واستبدال بعض الأجزاء لتأمين كفاءتها بالعمل، ووفق المعايير الهندسية والفنية.
وما يلفت الانتباه وسط هذه الأجواء التي تحتاج لقوة عضلية كبيرة وتحمل، سيدة صينية ترتدي بدلة العمل وتشارك بعمليات الصيانة من خلال قيادة آلة كبيرة تحمل الماكينات وتنقلها لساحة داخل المحطة لإدامتها وإرجاعها لمكانها الأصلي.
وجددت وزارة الكهرباء العراقية عقد الصيانة لمحطة واسط الحرارية مع شركة (شانغهاي إلكتريك) لنهاية 2025، في ظل أمنيات الموظفين العراقيين بأن تقوم الشركة ببناء محطات كهربائية أخرى بجميع المحافظات لإنهاء أزمة الكهرباء بالعراق.