تعد القمة الاستثنائية عبر الفيديو حول القضية الفلسطينية ـ الإسرائيلية التي عقدها زعماء مجموعة البريكس في 21 نوفمبر الجاري، الأولى من نوعها في تاريخ مجموعة البريكس، حيث يتم عقد قمة مخصصة لمعالجة القضايا الدولية الناشئة على وجه التحديد، كما أنه أول قمة لقادة دول البريكس بعد توسعها في أغسطس من هذا العام. ويمثل عقد مجموعة البريكس باعتبارها منصة التعاون الأعلى مستوى والأكثر تأثيرًا لدول الأسواق الناشئة والدول النامية، قمة خاصة في منعطف حرج للصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، بداية جيدة لـ "تعاون البريكس الكبير" بعد التوسع. وكما قال الرئيس شي جين بينغ: "في ظل الظروف الحالية، من الضروري جدًا لدول البريكس أن تصدر صوتًا للعدالة والسلام بشأن القضية الفلسطينية ـ الإسرائيلية."
وبدعوة من رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، حضر الرئيس شي جين بينغ القمة وألقى خطابا مهما بعنوان "تعزيز وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب لتحقيق السلام والأمن الدائمين"، مقترحا ثلاث "مهام عاجلة". أولا، يجب على أطراف الصراع وقف إطلاق النار وإنهاء القتال بشكل فوري، ووقف كافة أعمال العنف والهجمات ضد المدنيين، وإطلاق سراح المدنيين المحتجزين، تجنبا المزيد من الخسائر الجسيمة في الأرواح. ثانيا، ضمان التدفق الآمن والسلس لقنوات الإغاثة الإنسانية، وتقديم مزيد من المساعدات الإنسانية إلى سكان قطاع غزة، ووقف العقاب الجماعي ضدهم مثل التهجير القسري وقطع إمدادات المياه والكهرباء والوقود. ثالثا، يتعين على المجتمع الدولي أن يتخذ إجراءات عملية للحيلولة دون توسع رقعة الصراع وتأثيره على الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط بأكملها. وتصل "المهام العاجلة" الثلاث إلى جوهر القضية، وهي عملية وصادقة للغاية، وبناءة للغاية وقابلة للتنفيذ.
وشدد الرئيس شي على أن الطريقة الأساسية لحل الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي المتكرر هي تنفيذ "حل الدولتين"، ودعا إلى عقد مؤتمر سلام دولي أكثر موثوقية في أقرب وقت ممكن. وتتوافق هذه المقترحات مع توقعات دول المنطقة وتعكس الإجماع الواسع النطاق بين دول البريكس والمجتمع الدولي. وألقى القادة المشاركون الآخرون كلمات على التوالي، وأرسلوا "صوتًا قويًا لدول البريكس" بشأن القضية الفلسطينية ـ الإسرائيلية والذي لا يمكن لأحد تجاهله.
إن عقد آلية البريكس قمة استثنائية حول الصراعات الإقليمية الساخنة لأول مرة، يعني أنه تم إدخال قوة تعزيز قوية لنظام الحوكمة العالمي الذي يواجه العديد من التحديات والمشاكل. كما يمثل حضور الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في القمة توقعات المجتمع الدولي من دول البريكس للعب دور أكبر في القضايا الساخنة.
إن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني مرآة تعكس جوانبا كثيرة. ويواجه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تحديا وعدم القدرة على اتخاذ إجراء قوي نظراً لمعارضة عدد قليل جداً من البلدان، الأمر الذي أصبح عقبة كأداء أمام مجلس الأمن. كما تفتقر بعض الدول الغربية الأخرى إلى الإرادة والشجاعة والحافز للدفاع عن العدالة، مما يترك فراغًا في نظام الحكم العالمي. وتشغل هذا المنصب دول البريكس، التي تمثل الأسواق الناشئة والدول النامية. وهذا يسلط الضوء على التوسع الإضافي في وظائف آلية تعاون البريكس ومواصلة تعزيز نفوذها في المجتمع الدولي، كما يعكس قدرة دول البريكس على تشكيل النمط الدولي وتأثيرها العميق على عملية التنمية العالمية.
منذ اندلاع هذه الجولة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وحتى عقد هذه القمة الاستثنائية عبر الفيديو، عملت الصين وروسيا والبرازيل وجنوب أفريقيا والدول الأعضاء الأخرى في مجموعة البريكس بجد لتعزيز وقف إطلاق النار في غزة ومنع تصعيد الصراعات العنيفة من خلال تقديم المقترحات وتنظيم الاجتماعات في إطار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وخلال هذه العملية، فإن الموقف الموحد لجميع أعضاء مجموعة البريكس: الالتزام بتعزيز السلام والمحادثات، ومعارضة العنف، وتجنب الكوارث الإنسانية، وهو ما يختلف بوضوح عن بعض الدول الغربية. ولقد تحولت مجموعة البريكس إلى رمز وكيان عملي يدعم العدالة والإنصاف الدوليين، وكلما زاد تأثيرها على الساحة الدولية، كلما كان ذلك مفيدا للسلام والهدوء العالميين.
لقد تعرضت القضية الفلسطينية إلى تهميش شديد في السنوات الأخيرة، وهو ما يعد أحد الأسباب الجذرية لاندلاع هذه الجولة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وقد أكدت دول البريكس اهتمامها بالقضية الفلسطينية بشكل خاص، مما يساعد في دفع المجتمع الدولي لوضع القضية الفلسطينية على جدول الأعمال الدولي كأولوية وتهيئة الظروف للتوصل إلى تسوية شاملة وعادلة للقضية الفلسطينية. ونأمل أن تلتقي الدول الغربية ودول البريكس في منتصف الطريق فيما يتعلق بمسألة تهدئة الوضع بين فلسطين وإسرائيل، وأن تبذل جهودا عملية من أجل السلام والتنمية.