سان فرانسيسكو 17 نوفمبر 2023 (شينخوا) حث الرئيس الصيني شي جين بينغ يوم الجمعة قادة أعضاء منتدى التعاون الاقتصادي لمنطقة آسيا-الباسيفيك (أبيك) على تعزيز التنمية المدفوعة بالابتكار والمنفتحة والخضراء والشاملة.
وفيما يلي تصريحات شي، ولماذا تعد هذه التصريحات خطة تطلعية لمستقبل المنطقة.
-- التنمية المدفوعة بالابتكار
قال شي خلال كلمته أمام الاجتماع الـ30 للقادة الاقتصاديين للأبيك "يعد الابتكار قوة دافعة قوية للتنمية. علينا أن نواكب اتجاه تطور العلوم والتكنولوجيا، وندفع بالتواصل والتعاون في مجال العلوم والتكنولوجيا بموقف أكثر إيجابية، ونعمل سويا على بناء بيئة مفتوحة وعادلة ومنصفة وغير تمييزية لتطور العلوم والتكنولوجيا".
وتمثل دعوة شي للتنمية المدفوعة بالابتكار نداء لحشد جهود المنطقة لتسخير القوة التحويلية للتقدم التكنولوجي.
وتشير توقعات المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أن التكنولوجيا الرقمية ستشكل 70 بالمئة من الاقتصاد العالمي خلال العقد المقبل.
وقال محمود خالد، الباحث الاقتصادي البارز في المعهد الباكستاني لاقتصاديات التنمية، إن هناك الآن مفهوما جديدا لسلسلة الإمداد على المستوى الدولي، مضيفا أن الصين تلعب دورا حاسما في توفير حلول موجهة نحو التكنولوجيا وأكثر فعالية من حيث التكلفة في هذا الصدد.
وأضاف أنه في عالم يتوقف فيه التقدم على القدرة على التكيف والابتكار، فلا بد وأن يواجه أعضاء الأبيك تحديات لكي يصبحوا مهندسي التغيير، مشيرا إلى أن هذا التركيز على الابتكار لا يشكل إشارة إلى الثورة التكنولوجية فحسب، بل يشكل أيضا اعترافا بدورها المحوري في توجيه الاقتصادات نحو النمو المستدام والشامل.
-- الانفتاح في التنمية
قال شي "تعلمنا تجربة التنمية في آسيا والمحيط الهادئ أن الانفتاح يسهم في الازدهار، والانغلاق يؤدي إلى الانحطاط"، داعيا زملاءه في منطقة آسيا والباسيفيك إلى معارضة أي محاولة لتسييس أو تسليح أو فرض تداعيات أمنية على القضايا الاقتصادية والتجارية.
وأضاف الرئيس الصيني "علينا أن ندفع بالتكامل الاقتصادي في المنطقة بعزيمة لا تتزعزع، ونسرع في عملية إنشاء منطقة التجارة الحرة في آسيا والمحيط الهادئ، ونطبق 'خطة التواصل والترابط للأبيك' على نحو شامل، لتقاسم فرص الانفتاح والتنمية في المنطقة".
وقال فيكتور قاو، نائب رئيس مركز الصين والعولمة، وهو مركز أبحاث غير حكومي مقره بكين، إن الأبيك هي مجموعة من الاقتصادات الواقعة على طول حافة المحيط الهادئ، حيث "تلتزم بمعاملة بعضها البعض على قدم المساواة من أجل تعزيز التجارة".
وحذر قاو، وهو أيضا أستاذ كرسي بجامعة سوتشو الصينية، من أن تسييس قضايا التجارة وإضفاء صبغة أيديولوجية على التجارة العادلة والمنصفة يشكل تهديدا. وحث زعماء المنطقة على بذل قصارى جهدهم للتأكد من أن الأبيك تظل منظمة موجهة نحو التعاون وهدفها الوحيد هو تعزيز التجارة مع بعضها البعض.
وقال خوان كارلوس كابوناي، سفير بيرو السابق لدى الصين والخبير في الشؤون الآسيوية، إن دول منطقة آسيا والباسيفيك استفادت من التعاون الثنائي مع الصين.
وأضاف كابوناي أن الصين، باعتبارها ثاني أكبر اقتصاد في العالم وأكبر شريك تجاري للعديد من أعضاء الأبيك، لا تضع أبدا شروطا سياسية على تعاونها مع الآخرين، متوقعا أن تظل الصين قوة كبيرة تدعم التجارة الحرة وتعارض الحمائية.
-- التنمية الخضراء
قال شي إنه بالنظر إلى التحديات التي تزداد خطورتها، يتعين على الأبيك الإسراع من وتيرة التحول الأخضر والمنخفض الكربون لنمط التنمية، والدفع بشكل متناسق بتخفيض انبعاثات الكربون والحد من التلوث ورفع النسبة الخضراء وتحقيق النمو.
وأضاف "علينا تنفيد أهداف بانكوك بشأن الاقتصاد الحيوي الدائري والأخضر على نحو جيد، بما يبرز الطابع الأخضر للنمو في آسيا والمحيط الهادئ".
وفي معرض إشارته إلى أن طريق التنمية الخضراء مع إعطاء الأولوية للإيكولوجيا، قال شي إن الصين طرحت مبادرات التعاون بشأن الزراعة الخضراء والمدن المستدامة والتحول إلى الطاقة المنخفضة الكربون والوقاية من التلوث البحري ومعالجته وغيرها في إطار الأبيك.
وقال ويرون فيتشايونغفاكدي، مدير المركز التايلاندي-الصيني لأبحاث مبادرة الحزام والطريق، إن تايلاند ملتزمة بتطبيق الطاقة الخضراء، مشيرا إلى أنه في السنوات الأخيرة، استثمرت العديد من شركات مركبات الطاقة الجديدة الصينية في تايلاند وأنشأت مصانع هناك، ما أسهم في جلب تكنولوجيا مركبات الطاقة الجديدة والخبرة الإدارية إلى البلاد.
وأضاف أن ذلك مكّن تايلاند من التطور تدريجيا لتصبح مركزا لتصنيع مركبات الطاقة الجديدة في جنوب شرق آسيا.
وقال المعلق السياسي في سنغافورة آنغ تيك سين، إن الصين لم تدخر جهدا في انتشال شعبها من براثن الفقر مع التركيز بقوة أيضا على الحماية البيئية.
وأضاف أنه من خلال التعزيز النشط للتكنولوجيا الخضراء وتعزيز الابتكار في الصناعات المستدامة، شهدت الصين طفرة في التقدم العلمي والتكنولوجي، مشيرا إلى أن كل هذه الجهود الملموسة رفعت بشكل واضح مستوى معيشة الشعب الصيني.
-- التنمية الشاملة
وفي معرض إشارته إلى أن تواجه قضية التنمية العالمية تحديات خطيرة، وتتوسع الفجوة التنموية، دعا شي كافة الأطراف إلى "تعميق المواءمة بين الاستراتيجيات التنموية، والعمل معا على سد عجز التنمية العالمية".
وقال شي إن "الصين ترحب بكافة الأطراف للمشاركة في مبادرة التنمية العالمية وتعميق التعاون في مجالات مكافحة الفقر والأمن الغذائي والعملية الصناعية والتمويل الإنمائي وبناء مجتمع مشترك للتنمية العالمية تتقاسم فيه شعوب العالم نتائج التحديث".
وقال جيمس لورنسون، مدير معهد العلاقات الأسترالية-الصينية، إن "الأبيك مفيدة لأنها ترتيب شامل".
وأضاف "إنه يشمل جميع اللاعبين الكبار... على عكس بعض الترتيبات الأخرى التي تعد حصرية على نحو كبير، مثل الإطار الاقتصادي لإندو-باسيفيك".
وتابع قائلا إنه في إطار "استراتيجية المحيطين الهندي والهادئ" الأمريكية، فإن الإطار الاقتصادي جنبا إلى جنب مع ما يسمى تحالف "تشيب 4"، يشكلان "نظاما موازيا" لتحالفات سلسلة الإمداد التي تستبعد الصين.
وأوضح لورنسون أن "الحالة السائدة في المنطقة هو أن (استبعاد الصين عمدا) ليس نهجا مفيدا بشكل خاص"، مشددا على أن اقتصادات آسيا-الباسيفيك ترغب في رؤية اللاعبين الرئيسيين في المنطقة يركزون على الترتيبات الشاملة بدلا من الترتيبات الحصرية.
وقال كازوتيرو سايونجي، وهو أستاذ زائر في جامعة هيجاشي نيبون الدولية، إن الأحادية والتفكير الإقصائي في عصر العولمة "يجلبان الضرر ولا طائل من ورائهما".
وأضاف الباحث أنه في ضوء التوسع في التجارة بين الصين والولايات المتحدة، وبين الصين واليابان خلال الأربعين عاما الماضية، فمن الواضح أن التنمية في الصين لم تعد بالنفع عليها فحسب، بل عادت بالنفع على الدول المتقدمة أيضا.
وقال إن التعاون الدولي، سواء كان ثنائيا أو متعدد الأطراف، ينبغي أن يحترم التنوع وأن يتضمن أكبر قدر من التسويات، مضيفا أن هذا يجسد المفهوم الآسيوي العريق المتمثل في "السعي نحو أرضية مشتركة في حين الحفاظ على الاختلافات".