بكين 14 نوفمبر 2023 (شينخوا) خلال العام الماضي، شهد المراقبون العالميون للعلاقات الصينية الأمريكية تحولا مزاجيا من حالة من التفاؤل إلى أخرى يسودها القلق.
في نوفمبر 2022، توصل رئيسا البلدين إلى تفاهمات مشتركة ملهمة بشأن العلاقات الثنائية في بالي بإندونيسيا. إلا أن الحملة الأمريكية اللاحقة على التكنولوجيا الصينية وتجاهل الخط الأحمر للصين بشأن مسألة تايوان والضجة حول حادث المنطاد غير المأهول تسببت في تدهور غير مسبوق في العلاقات بين البلدين.
كانت التقلبات، الشبيهة بركوب قطار الأفعوانية الدوار، في العلاقة بين أكبر اقتصادين في العالم، سببا في ترك العالم في حالة ترقب تثير الأعصاب.
في خضم الاضطرابات العالمية الحالية، فإن تدهور العلاقات بين الصين والولايات المتحدة من شأنه أن يضر بجميع البلدان.
بينما يستعد الرئيس الصيني شي جين بينغ للسفر عبر المحيط الهادئ لحضور قمة مع الرئيس الأمريكي جو بايدن في سان فرانسيسكو، فإن العالم أمام فرصة جديدة لكسر الفتور في العلاقة بين الصين والولايات المتحدة.
وتأمل معظم الدول أن تحسّن القمة أهم علاقة في العالم وأن تؤسس لمسار تنمية صحي ومستقر ومستدام. هذا الهدف هو أحد القوى المحركة وراء رحلة الزعيم الصيني إلى سان فرانسيسكو.
ومع ذلك، مثل سفينتين ضخمتين تبحران جنبا إلى جنب في المحيط الهادئ، بالنسبة للصين والولايات المتحدة من أجل تجنب الاصطدام، فإن التواصل والتعاون أمران أساسيان.
وبينما ينطلق الزعيم الصيني في رحلته إلى الولايات المتحدة، من الضروري تذكير الجانب الأمريكي بالتعلم من أخطاء الماضي التي أدت إلى توتر العلاقات الثنائية. وإن هذه فرصة مهمة لإصلاح العلاقات ولا ينبغي إهدارها.
أولا وقبل كل شيء، يجب أن تكون الولايات المتحدة صادقة. بذلت الصين الكثير من الجهد لتعزيز العلاقات بين البلدين. والآن، تقع على عاتق الولايات المتحدة مسؤولية الاستجابة بالمثل. وهذا ينطوي على التخلص من أي مشاعر تفوق لا مبرر لها، والتخلي عن المواقف المواتية المتصورة والشروط المسبقة، والتنفيذ الحقيقي للاتفاقات التي توصل إليها قادة البلدين.
كما يتحتم على الولايات المتحدة معالجة العوامل التي يمكن أن تضر بالعلاقات الثنائية، وإظهار تفان حقيقي إزاء الانخراط في حوار بنّاء مع الصين، ووضع الأساس لقمة ناجحة من خلال تهيئة بيئة إيجابية وتعزيز أجواء داعمة.
ثانيا، تحتاج القيادة الأمريكية إلى تطبيق تقييم أكثر عقلانية ووضوحا للعلاقات الصينية الأمريكية. فمن ناحية، تنمية الصين أمر حتمي الحدوث، وأي محاولة من جانب الولايات المتحدة لكبح الصين أو عزلها بغية عرقلة تقدمها هي مضيعة للوقت.
من ناحية أخرى، على الرغم من الاختلافات المؤسسية، فإن العلاقة بينهما بعيدة كل البعد عن أن تكون غير قابلة للتوفيق. وبدلا من ذلك، أظهر البلدان بالفعل روابط وثيقة عبر مختلف المجالات. وما يسمى بسردية "الديمقراطية مقابل السلطوية" التي يروج لها بعض السياسيين الأمريكيين قد عفا عليها الزمن في عالم اليوم، ولا تعكس أيضا روح العصر السائدة فيما يتعلق بالعلاقات الصينية الأمريكية.
يجب على الولايات المتحدة الالتزام بأقوالها، وليس فقط التشدق بالألفاظ. وفي تعاملها مع الصين، فإن مصداقيتها تقوضت لاتباعها سابقا سلوكا يتمثل في قول شيء وفعل عكسه.
وعلى الرغم من اعترافها على الدوام بأهمية العلاقات الصينية الأمريكية، اختارت الولايات المتحدة فرض عقوبات وتوجيه اتهامات لا أساس لها والقيام باستفزازات متكررة ضد البلد الآسيوي الذي تدعي أنها تقدره وتحترمه، ما جر العلاقات الثنائية إلى الحضيض. في المقابل، أظهرت الصين صبرا ونضجا ثابتين في الحفاظ على العلاقات مع الولايات المتحدة.
وبزيارة شي إلى سان فرانسيسكو، مدت الصين مرة أخرى يد الصداقة والتعاون عبر المحيط الهادئ. ومن المأمول بأن تظهر الولايات المتحدة المسؤولية والسلوك اللذين يليقان بقوة كبرى من خلال التعاون مع الصين وتوجيه دفة العلاقات الثنائية مرة أخرى إلى المسار الصحيح.
فالعالم لا يملك ترف التفريط بهذه الفرصة الهامة السانحة.