غزة 9 نوفمبر 2023 (شينخوا) تتفاقم أزمة مياه طاحنة في قطاع غزة وسط تحذيرات من منظمات إغاثة دولية من ارتفاع خطر انتشار الأمراض جراء تعطل المرافق الصحية وشبكات المياه والصرف الصحي.
وأعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية (أوتشا) اليوم (الخميس) أن حوالي نصف آبار المياه البلدية البالغ عددها 120 بئرا في مختلف أنحاء قطاع غزة توقفت عن العمل في الساعات الأخيرة.
وذكر المكتب الأممي في بيان تلقت وكالة أنباء ((شينخوا)) نسخة منه أن تلك الآبار كان تم استئناف عملها قبل ثلاثة أيام فقط بعد تلقي كميات وقود من منظمات تابعة للأمم المتحدة.
وحذر أوتشا من أنه من المتوقع أن يتم إغلاق بقية الآبار خلال ساعات مع نفاد الوقود، مشيرا إلى أن المياه المستخرجة من تلك الآبار مالحة ومخصصة فقط للاستخدامات المنزلية غير الصالحة للشرب.
وقال إنه في مدينة غزة وشمالها لا تعمل محطة تحلية المياه ولا خط الأنابيب الإسرائيلي، فيما يكافح موظفو البلدية للوصول إلى بعض آبار المياه المنتجة للمياه قليلة الملوحة.
وخلال الأسبوع الماضي، لم يتمكن الشركاء المتخصصون في مجال المياه والصرف الصحي والنظافة من توزيع المياه المعبأة على النازحين المقيمين في الملاجئ في مدينة غزة وشمالها.
وفي حين أن الوضع ما يزال غير واضح إلى حد كبير بسبب هجمات إسرائيل وعدم إمكانية الوصول، إلا أن هناك مخاوف جدية بشأن الجفاف والأمراض المنقولة بالمياه بعد استهلاك المياه من مصادر غير آمنة.
وفي وسط وجنوب قطاع غزة، تعمل محطتا تحلية المياه حاليًا بحوالي 15 بالمائة من طاقتهما وتوفران مياه الشرب لملاجئ النازحين داخليًا من خلال النقل بالشاحنات.
كما يقوم خطا أنابيب من إسرائيل متصلان بدير البلح وخان يونس بتزويد الأسر المتصلة بالشبكة بمياه الشرب لبضع ساعات في اليوم.
وتقوم الأمم المتحدة بتوفير حوالي 1.5 لتر من المياه الصالحة للشرب و3 إلى 4 لترات من المياه غير الصالحة للشرب للشخص الواحد يوميا في جميع الملاجئ في وسط وجنوب القطاع.
وبحسب أوتشا لا تلبي المياه التي تدخل من مصر في زجاجات وجراكن سوى 4 % من احتياجات السكان من المياه يوميًا، على أساس تخصيص ثلاثة لترات للشخص الواحد يوميًا لجميع الأغراض، بما في ذلك الطبخ والنظافة.
ويتم توزيع مساعدات المياه بشكل أساسي على النازحين في مراكز إيواء تابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في وسط وجنوب قطاع غزة والبالغ عددهم أكثر من 700 ألف شخص.
وشوهد العشرات من النازحين يلجأون إلى شاطئ البحر للاستحمام وغسل الملابس في البحر، فضلاً عن حمل مياه البحر إلى منازلهم وملاجئهم للاستهلاك المنزلي.
وقبل الحرب الحالية كانت مياه البحر في معظم شواطئ غزة ملوثة للغاية، وهو الوضع الذي تفاقم بسبب إغلاق جميع مرافق معالجة مياه الصرف الصحي وإلقاء مياه الصرف الصحي غير المعالجة في البحر.
وفي هذا الصدد، حذرت أونروا من أن الزحام الشديد في مراكز الإيواء وتعطل النظام الصحي وشبكات المياه والصرف الصحي ينذر بخطر الانتشار السريع للأمراض المعدية.
وقالت أونروا في بيان تلقت ((شينخوا)) نسخة منه إن بعض الاتجاهات المقلقة بدأت في الظهور فعلًا، بعد أن أدى نقص الوقود إلى إغلاق محطات تحلية المياه، ما زاد من خطر انتشار العدوى البكتيرية، مثل الإسهال.
كما أدى نقص الوقود أيضًا إلى تعطيل جميع أعمال جمع النفايات الصلبة، ما هيأ بيئة مواتية للانتشار السريع واسع النطاق للحشرات والقوارض التي يمكن أن تنقل الأمراض أو تكون وسيطًا لها.
وذكرت الأونروا أن هذا الوضع مقلق، خاصة لما يقرب من مليون ونصف مليون نازح في شتى أنحاء غزة، لاسيما مَن يعيشون في ملاجئ شديدة الزحام لا تتوافر فيها فرص استخدام مرافق النظافة الشخصية والمياه المأمونة، ما يزيد من خطر انتقال الأمراض المعدية.
وتعمل الأونروا ومنظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة على توسيع نطاق نظام مرن لترصد الأمراض في العديد من هذه الملاجئ والمرافق الصحية، وتم رصد اتجاهات حالية للمرض تبعث على القلق البالغ.
وبحسب الأونروا فإنه فمنذ منتصف أكتوبر الماضي، تم الإبلاغ عن أكثر من 33551 حالة إسهال أكثر من نصفها بين الأطفال الأصغر من خمس سنوات.
ويمثل ذلك زيادة كبيرة بالنظر إلى أن المتوسط لم يكن يتجاوز ألفي حالة إصابة شهرية للأطفال الأصغر من خمس سنوات خلال عامي 2021 و2022.
كما تم الإبلاغ عن 8944 حالة إصابة بالجرب، و1005 حالات إصابة بجدري الماء، و12635 حالة طفح جلدي، و54866 حالة إصابة بعدوى في الجهاز التنفسي العلوي.
ومع توقف أعمال التطعيم الروتيني ونقص الأدوية اللازمة لعلاج الأمراض السارية يزداد خطر انتشار الأمراض بسرعة، وذلك الخطر يتفاقم لأن نظام ترصد الأمراض، بما في ذلك قدرات الكشف المبكر عن الأمراض ومواجهتها، تغطيته غير كاملة.
كما أن محدودية الاتصال بالإنترنت وعمل شبكة الهاتف يزيدان من القيود على قدرتنا على الكشف المبكر عن اى تفشي محتمل للأمراض ومواجهتها بفعالية بحسب الأونروا.
وداخل المرافق الصحية، أدت الأضرار التي لحقت بشبكات المياه والصرف الصحي وتناقص مستلزمات التنظيف إلى استحالة الالتزام بالتدابير الأساسية للوقاية من العدوى ومكافحتها.
وقالت الأونروا إن هذه التطورات تزيد كثيرًا من خطر العدوى الناجمة عن الإصابات الشديدة والجراحة ورعاية الجروح والولادة.
ويعد المصابون بضعف المناعة، مثل مرضى السرطان، أكثر عرضة لخطر مضاعفات العدوى، لاسيما في ظل تعطل إدارة النفايات الطبية في المستشفيات تعطلًا شديدًا، ما يزيد من التعرض للمواد الخطرة والعدوى.
ودعت الأونروا إلى التعجيل بوصول المساعدات الإنسانية السريعة إلى مختلف الأنحاء داخل قطاع غزة، بما في ذلك الوقود والمياه والغذاء والمستلزمات الطبية.
ومن بين ما يقرب من مليون ونصف مليون نازح، يوجد ما يقرب من 725 ألف شخص في 149 مرفقا تابعا للأونروا، و122 ألفًا آخرين في المستشفيات والكنائس وغيرها من المباني العامة، ونحو 131,134 في 94 مدرسة غير تابعة للأونروا، والباقون في ضيافة أسر أخرى.
وقد اضطر آلاف من النازحين إلى البحث عن الأمان والمأوى في الشوارع القريبة من المستشفيات ومكاتب الأمم المتحدة والملاجئ العامة، ما يزيد من الضغط على تلك المرافق التي تئن تحت الأعباء الملقاة على كاهلها.