غزة 29 أكتوبر 2023 (شينخوا) يشكو الفلسطينيون في غزة من أن الحرب الحالية بين الفصائل المسلحة وإسرائيل أخذت المجتمع في القطاع المحاصر إلى الوراء بطريقة لم تكن لتخطر على بال أحد، وهو ما وصفه البعض بالعودة إلى "العصور الوسطى".
ويعيش قطاع غزة أزمة إنسانية غير مسبوقة، إذ تسببت الهجمات الإسرائيلية المستمرة للأسبوع الرابع على التوالي في تدمير واسع النطاق للبنية التحتية والخدمات الأساسية، مما أدى إلى عودة الفلسطينيين إلى حياة بدائية.
ويواصل الجيش الإسرائيلي فرض إغلاق شامل على قطاع غزة وقطع كافة إمدادات الكهرباء والوقود والمواد الغذائية عن السكان للأسبوع الرابع على التوالي.
وفي مشهد بات مألوفا في غزة منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر الجاري، ركن الفلسطيني أسامة صيام البالغ من العمر (47 عاما) مركبته جراء نفاد الوقود، وأصبح يعتمد في حركته على عربة يجرها حمار من أجل قضاء احتياجات عائلته وزائريه من النازحين.
وقال صيام الذي يقطن في مخيم النصيرات وسط القطاع لوكالة أنباء ((شينخوا)): "الحرب أعادتنا إلى العصور الوسطى، لقد فقدنا كل شيء".
وأضاف "أنا وزوجتي وأطفالي الخمسة و15 شخصا من أقربائي وأصدقائي نعيش في شقة مساحتها 160 مترا، واحتياجاتنا تضاعفت 4 مرات، وبالكاد أستطيع تأمينها في ظل هذه الحرب الملعونة".
وتحولت الشوارع النموذجية النابضة بالحياة في قطاع غزة إلى ممرات محطمة وأرضية غير مستقرة تقطعها الحمير والعربات المجرورة بدلا من السيارات المعتادة.
فأمام معظم المدارس التي تحولت إلى مراكز إيواء في جنوب قطاع غزة، تصطف عشرات الحمير خلال ساعات المساء، وفي النهار يستخدمها أصحابها في تلبية احتياجاتهم أو نقل الآخرين وأمتعتهم لمسافات قصيرة بمقابل مادي يتراوح بين 7 إلى 10 شواقل (2 إلى 3 دولارات).
وقال الفلسطيني إحسان الرميلي البالغ من العمر (40 عاما) إنه اضطر إلى استخدام الحمار وعربته لنقل الناس لكسب القليل من المال بعد أن دمرت الحرب منزله في شرق رفح.
وأضاف الرميلي، الذي يعيش الآن في مركز إيواء في رفح، "هربت وعائلتي وهذه الدابة من شرق رفح إلى هنا... لقد نجونا بأعجوبة".
وتابع: "اليوم ما في أحد يصرف علينا، وحتى ما تعطينا إياه وكالة الغوث (أونروا) محدودا وقليلا، لذلك اضطر إلى استخدام الحمار وعربته لنقل الناس وتحصيل القليل من النقود".
وتسببت الحرب غير المسبوقة بين إسرائيل وحركة حماس في غزة في تدمير عشرات الأحياء وآلاف المنازل والبنية التحتية الحيوية، وتشريد أكثر من 1.4 مليون فلسطيني، بحسب إحصاءات وتقديرات حكومية.
ويواجه الفلسطينيون في غزة الآن تحديات اقتصادية وإنسانية كبيرة، إذ يعاني الكثير من نقص الغذاء والماء والوقود، وفق ما تقول منظمات إغاثية محلية ودولية.
وقالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) اليوم (الأحد) إن النظام المدني بدأ في الانهيار بعد ثلاثة أسابيع من الحرب والحصار المحكم على قطاع غزة.
وأفاد مدير شؤون (أونروا) في قطاع غزة توماس وايت، في بيان صحفي أن آلاف الأشخاص اقتحموا عددا من مستودعاتها ومراكز التوزيع في وسط وجنوب قطاع غزة، واستولوا على دقيق القمح ومواد البقاء الأساسية الأخرى.
وفي محاولة للتعامل مع صعوبة الحياة، سكبت منى شرارة القليل من الماء على حفنة من دقيق القمح داخل وعاء من الألمونيوم وعجنته بيديها تمهيدا لخبزه على فرن مصنوع من الطين.
وقالت شرارة البالغة من العمر (52 عاما) "ما في (لا يوجد) كهرباء ولا غاز وحتى الحطب شحيح، لكن الحمد لله كافين حالنا (نتدبر أمورنا) الولد جاب حبة طحين (أحضر بعض الدقيق)، وزي ما أنت شايف (كما ترى) بدأت أخبزها من أجل الجميع".
وفي مشهد بدائي آخر، لجأ الكثير من العائلات في قطاع غزة إلى استخدام الحطب من أجل طهي الطعام وتسخين المياه في محاولة لتعقيمها قبل استخدامها للشرب.
ويضطر الفلسطيني علاء حسين البالغ من العمر (30 عاما) إلى تسخين المياه على الحطب ومن ثم تبريدها من أجل شربة ماء .
وقال حسين، الذي يعيش مع زوجته وأطفاله الثلاثة في منزل مدمر جزئيا في بلدة بني سهيلا شرق خان يونس: "ما في مياه نشرب. نحن نقوم بتسخين المياه على الحطب قبل تبريدها من أجل أن نشرب".
وأضاف: "الحطب ليس رخيصا، لكنه الخيار الوحيد المتاح لنا الآن. نحن نعاني من نقص الغذاء والماء والوقود، ونأمل أن تنتهي الأزمة قريبا".
ويرزح القطاع الذي يقطنه 2.3 مليون نسمة تحت وطأة ضربات جوية إسرائيلية متواصلة بعد هجوم مقاتلي حماس على جنوب إسرائيل الذي أدى إلى مقتل 1400 إسرائيلي في السابع من أكتوبر الجاري.
وقالت وزارة الصحة في غزة اليوم إن حصيلة القتلى الفلسطينيين ارتفعت إلى 8005 أشخاص جراء هجمات إسرائيل المتواصلة على القطاع المحاصر منذ 23 يوما.
واتهمت منظمة ((أوكسفام)) السلطات الإسرائيلية باستخدام سياسة التجويع كسلاح حرب ضد المدنيين في غزة.
وقالت المنظمة في بيان صحفي إنه بناء على تحليل بيانات الأمم المتحدة، فإن 2 % فقط من المواد الغذائية التي كانت تصل إلى قطاع غزة تم إدخالها منذ فرض الحصار الشامل في 9 أكتوبر الجاري.
ودخل إلى قطاع غزة على خمس دفعات 84 شاحنة محملة بالمياه والأغذية والمستلزمات الطبية والأدوية وفق ما تقول منظمات إغاثية دولية، إضافة إلى وفد طبي أجنبي مكون من عشرة أطباء خلال الأسبوع الماضي.
ومن المقرر السماح بمرور 50 شاحنة مساعدات إلى غزة اليوم بعد ضغوط أمريكية، وفق ما أفادت هيئة البث الإسرائيلية.