بقلم نائب وزير العلوم والتكنولوجيا: تشانغ قوانغ جيون
طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ عام 2013 في كازاخستان وإندونيسيا على التوالي البناء المشترك للحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الـ21، مما فتح فصلا جديدا في التعاون الشامل في إطار مبادرة الحزام والطريق. كما اقترح الرئيس الصيني في حفل افتتاح الدورة الأولى لمنتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي في عام 2017، بناء الحزام والطريق كطريق للابتكار، وإطلاق خطة عمل "الحزام والطريق" للتعاون في الإبتكار العلمي والتكنولوجي. في أكتوبر عام 2023، وخلال مراسم افتتاح الدورة الثالثة لمنتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي أعلن الرئيس شي جين بينغ عن الأعمال الثمانية التي ستقوم بها الصين لدعم بناء "الحزام والطريق" بجودة عالية، ومنها "الدفع بالابتكار التكنولوجي" .
تعد الصين نقطة انطلاق البناء المشترك لمبادرة الحزام والطريق، وتعود بالنفع على العالم أجمع. على مدى العقد الماضي، استرشد بناء طريق الحرير المبتكر بمفهوم بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية، مع أهداف المعايير العالية والاستدامة وتحسين سبل عيش الناس على قدر عال من الجودة. ملتزماً بمبدأ التشاور والبناء المشترك والمشاركة، واتخاذ التبادلات الشعبية والعلمية والتكنولوجية ركيزة أساسية له، والعمل على بناء منصات التعاون الابتكاري، واتخاذ تقديم الخدمات للربط البيني والتنمية المشتركة كهدف عام وبناء نظام إيكولوجي مفتوح للابتكار كاتجاه مهم، وتنفيذ خطة عمل "الحزام والطريق" للتعاون في الإبتكار العلمي والتكنولوجي بشكل عميق، وتعزيز التبادلات العلمية والتكنولوجية والشعبية بشكل مطرد، وتعزيز التعاون في بناء المختبرات المشتركة والحدائق التكنولوجية ونقل التكنولوجيا. وبفضل الجهود المشتركة لجميع الأطراف، تم تعميق آلية التعاون العلمي والتكنولوجي، وأصبحت التبادلات الإنسانية بين البلدان أوثق، مما حقق نتائج مثمرة في مجال الابتكار. وحتى الآن، وقعت الصين اتفاقيات تعاون علمي وتكنولوجي حكومية مع أكثر من 80 دولة مشاركة في بناء الحزام والطريق، وشكلت شبكة تعاون ابتكاري شاملة على مستويات متعددة وأنتجت "ثمار" تعاون قوية.
تكمن الصداقة بين الدول في تقارب الناس من بعضهم البعض، ويكمن هذا التقارب في العلاقة المتبادلة بين القلوب. على مدى العقد الماضي، تم تعزيز أساس التبادلات العلمية والتكنولوجية والشعبية بشكل مستمر، حيث استقدمت الصين أكثر من 10 آلاف عالم شاب من الدول المشاركة في بناء الحزام والطرق للمشاركة في أعمال البحث العلمي والتبادلات قصيرة الأجل، وتم تدريب أكثر من 16 ألف موظف في مجال العلوم والتكنولوجيا والإدارة، بما يغطي 80٪ من الدول المشاركة في بناء الحزام والطريق. ومن بين البرامج التدريبية، أصبح "برنامج الشباب الدولي المتميز" مشروعا نموذجيا لدعم العلماء الشباب من جميع أنحاء العالم للتعلم من بعضهم البعض، وفي إطاره تم تقديم الدعم لأكثر من 700 عالم شاب من أكثر من 40 دولة مشاركة في الحزام والطريق من آسيا وأفريقيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية مثل مصر وميانمار والمجر وكوبا، وتشمل أكثر من 10 تخصصات مثل الزراعة وعلوم الحياة والهندسة الكيميائية والبيئة. بالإضافة إلى ذلك، أقامت الصين والدول الشريكة الأخرى أنشطة مشتركة مثل "جولة الابتكار في الصين" و"أسبوع تبادل تعميم العلوم" و"معسكر صناع الشباب" من أجل مواصلة تعزيز التفاهم المتبادل والصداقة التقليدية بين الدول، بحيث يكون مفهوم التعاون والبناء المشترك متجذرا بعمق في قلوب الشعوب.
لقد أصبح التشاور والبناء المشترك والمشاركة، والمساواة والتعاون والفوز المشترك مبادئ وضمانات للتنمية المستقرة والبعيدة المدى لطريق الابتكار. ويدعو بناء طريق الحرير المبتكر دائما إلى الاحترام المتبادل والمشاركة المتساوية والتشاور الكامل والوحدة والتعاون، ويقوم على المساواة والطوعية ويتحقق الاعتراف بالمفاهيم والتوافق على الآراء والإجماع على التعاون من خلال الحوار والتواصل. وهو مفتوح لجميع الشركاء من مختلف البلدان والمناطق ومختلف مراحل التنمية واللغات والثقافات. لذلك، فإن بناء طريق حرير بشكل مبتكر ليس اقتراحا من الصين فقط، بل هو الطموح المشترك لشعوب جميع البلدان المشاركة. وحتى الآن، قامت الصين ببناء أكثر من 50 مختبرا مشتركا مع الدول المشاركة في بناء الحزام والطريق في مجالات الزراعة والطاقة الجديدة والصحة، ولعبت دورا نشطا في تعزيز تنمية الابتكار العلمي والتكنولوجي في هذه البلدان، وساهمت أيضا في حل المشاكل المشتركة للبشرية جمعاء. كما قامت الصين ببناء تسعة مراكز عابرة للحدود لنقل التكنولوجيا إلى الدول العربية ودول الآسيان وأفريقيا ومناطق أخرى، ومن خلال عقد التبادلات العلمية والتكنولوجية وأنشطة الالتحام التكنولوجي عززت بشكل مشترك العروض التكنولوجية والترويج لها، كما عززت تبادلات التكنولوجيا الصناعية والتعاون بين البلدان، بحيث يمكن للإنجازات التكنولوجية أن تفيد المزيد من الناس. ويشجع التعاون بين الصين والدول المشاركة في بناء الحزام والطريق في مجال الحدائق التكنولوجية، جنبا إلى جنب مع الظروف الفعلية للابتكار والتنمية الصناعية لمختلف البلدان، نماذج التعاون الابتكاري ويعزز التعاون في هذه الحدائق ويولد حدائق الابتكار الصناعي ذات الخصائص المختلفة، لتصبح بذلك ناقلا مهما لبناء طريق الحرير المبتكر.
تضرب جذور الصداقة بين الصين والدول العربية في أعماق التاريخ، والعلاقة بينهما متينة للغاية منذ قديم الزمان. في ديسمبر 2022، عقدت القمة الأولى بين الصين والدول العربية بنجاح، واتفق الجانبان على بذل كل جهد ممكن لبناء مجتمع صيني عربي ذي مستقبل مشترك في العصر الجديد. وأشار الرئيس شي جين بينغ إلى أن الصين والدول العربية تعرف بعضها البعض وكان طريق الحرير القديم يربط بينهما، وتقاسمت السراء والضراء وناضلت من أجل التحرر الوطني، وتعاونت مع بعضها من أجل تحقيق نتائج مربحة للجميع في موجة العولمة الاقتصادية، وفي خضم التغيرات الدولية ظلت ملتزمة بالثوابت والأخلاق الحميدة، كما عملت على تعزيز روح الصداقة التي تجمع بينهما والمتمثلة في المساعدة والمنفعة المتبادلة والتعامل على قدم المساواة والشمولية والتعلم المتبادل، كما اقترح الرئيس شي بأن الصين مستعدة للعمل مع الدول العربية لتعزيز "الإجراءات الثمانية المشتركة". وفيما يتعلق بالبحوث المشتركة، أجرت الصين بنشاط أبحاثا مشتركة مع الدول العربية في مجالات المعلومات والطاقة والزراعة والبيئة والبحوث الأساسية، وقامت بشكل مشترك ببناء أكثر من 10 مختبرات مشتركة والمركز الصيني العربي لنقل التكنولوجيا لتشكيل شبكة تعاون في مجال نقل التكنولوجيا تربط الآلاف من الأعضاء المحليين والأجانب، لبناء منصة مهمة للابتكار وريادة الأعمال الصينية العربية المشتركة.
يقول المثل الصيني القديم: الأفراد المتشابهون في التفكير لا تفرقهم المسافات، ويقول المثل العربي: من يمشي لوحده يمشي أسرع ومن يمشي مع الجماعة يمشي لمسافة أبعد. ويصادف هذا العام الذكرى السنوية العاشرة لطرح مبادرة الحزام والطريق. وإن الصين مستعدة للعمل مع الدول العربية لمواصلة تعميق التعاون في مجال الابتكار العلمي والتكنولوجي في البناء المشترك للحزام والطريق، وإفساح المجال كاملا للدور القيادي لآليات التعاون الثنائية والمتعددة الأطراف، والالتزام بالتوجه المستهدف المتمثل في المنفعة المتبادلة والمعاملة بالمثل، وتعزيز الالتحام بين مفاهيم وخطط تطوير الابتكار العلمي والتكنولوجي، ومواصلة توطيد وتعزيز علاقات التعاون في مجال الابتكار العلمي والتكنولوجي، ومواصلة إرساء أساس متين للتبادلات الشعبية والعلمية والتكنولوجية، ومواصلة توسيع مجالات التعاون الشامل، وتسريع بناء منصات تعاون رفيعة المستوى، وإنشاء وصيانة نظام بيئي للابتكار المفتوح بشكل مشترك، لمواصلة ضخ قوة دافعة مبتكرة في المجتمع الصيني العربي ذي المستقبل المشترك.