بقلم / إيمان حمود الشمري، صحفية سعودية
تم كتابة هذا المقال في القطار:
لا وقت لديك وأنت في الصين … جدول مزدحم من الزيارات يجعلك تتعلم من هذا الشعب تلقائياً أن تكون عملياً وأن تطارد الوقت لتنجز، شعب يعمل علي مدار الساعة بصبر وجلد، ولا يلتفت للعمر ولا يعتبره عائقاً بالأساس، يجعلك تخجل أن تسترخي على كرسي هذا القطار السريع دون أن تعمل، خشية أن يفوتك شيئاً.
في ١٨ آكتوبر، كنت في قلب الحدث وشهدت انطلاق الدورة الثالثة لمنتدى قمة "الحزام والطريق" للتعاون الدولي التي ذكر فيها فخامة الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال خطابه كلمة تختصر الحدث وتُعبر عن حكمة تلك القيادة: "إن رؤية تنمية الآخرين لك كتهديد، لن تجعلك تعيش بشكل أفضل وتتطور بشكل أسرع." .. تلك السياسة الحكيمة التي تتبناها الصين بالمبادرة وبذل الجهود للتعاون وتعزيز التواصل ونبذ التفكك والتأكيد على الروابط رغم أنها بموقف قوة كونها مصنع العالم، يؤكد على بعد النظر وثباتها بالوصول واستمرارها بذلك، فالمنافسة لا تعني إخفاق الآخرين وتسييس كل المواقف وإنما الدعم علي كافة الأطراف .
الصين.. ذلك التنين الثائر الذي يؤرق مضجع بعض االدول ويشكل تهديداً مزعجاً لهم، يواصل تقدمه من خلال تعزيز بناء منصات تعاون جديدة متعددة الأطراف مع الدول المشاركة في مبادرة الحزام والطريق في مجالات عدة : الطاقة،التنمية الخضراء ومكافحة الفساد وغيرها،،، وتمكين مشروع طريق الحرير الرقمي لأول مرة والذي يهدف إلى ربط البلدان بكابلات الألياف الضوئية وإعادة هيكلة البنية التحتية، لتصبح حلقة وصل بين الصين والمناطق النائية، فالحزام والطريق ليس مجرد متجراً لجمع الأموال وإنما خطوات مدروسة تتطلب الكثير من المجهود والعمل الشاق المشترك….. والحرب الباردة التي يشنها البعض علي الصين وشركائها في التنمية تعاكس التيار وستجد الطريق مسدوداً .
وتلعب المملكة دوراً محورياً في إحياء مبادرة الحزام والطريق، إذ تمتد العلاقات بين الصين والسعودية لما يقارب ٧٧ سنة من خلال التجارة واستقبال الحجاج الصينيين، حتي تطورت تلك العلاقة بشكل ملحوظ ، حيث يتوافق توجه وطموح الصين مع رؤية 2030 مما أسفر عن علاقة شراكة استراتيجية بين البلدين فيما يخص الاستثمار والعقار والطاقة النظيفة والبنية التحتية وغيرها .
لكي تعرف مدي تطور بلد، انظر إلى شوارعها…فالبنية التحتية، تعكس نهضة البلد ونماءها وقطع أيادي الفساد فيها، تجول بشوارع الصين لكي ترى ما أعني … ولكي تعرف مدى سيطرة قيادة بلد.. انظر لمستوى ضبط الأمن والأمان فيها ، فبالأمس فقدت جهاز الآيباد الذي كنت أكتب فيه قبل أن يكتمل المقال، وذلك خلال رحلتي من بكين إلي مقاطعة شانسي، ولم أعرف إن كنت قد نسيته بالقطار أم الحافلة!! أبلغت المشرفين وتم التواصل مع الجهات المعنية، وخلال أقل من ٢٤ ساعة تم العثور عليه وإعادته لي!!
أن تفقد شيئاً ويعود لك بهذه السرعة ببلد كبير مثل الصين وبعدد سكان يعادل ربع سكان العالم، مليار وأربعمئة مليون نسمة، أمر مذهل وسيطرة عظيمة وتجربة لايمكن أن تمر دون أن أشير إليها.. فمن دونها ماكان هذا المقال اكتمل ووصل إليكم .
تم إكمال المقال من الحافلة المتجهة لمدينة داتونغ